البرتغال تحقق برشى والإنتربول يعتقل مليونيرا صينياً

25 نوفمبر 2014
جوزيه سوكراتيس متهم بقضايا فساد (أرشيف/getty)
+ الخط -

ربما يكون اعتقال رئيس الوزراء الاشتراكي البرتغالي السابق جوزيه سوكراتيس، الذي قضى عدة ليالٍ في الحجز بشأن تهم فساد قد شغل الشارع البرتغالي، لكن القضية الأخطر التي تحقق فيها السلطات البرتغالية حالياً هي قضية "الإقامة الذهبية" التي تورط فيها مسؤولون كبار بالبلاد.

واعتقلت السلطات البرتغالية الأسبوع الماضي 11 مسؤولاً، ويجري التحقيق معهم حول ملابسات رشى تتعلق بإصدار تأشيرات الإقامة التي تمنح للأثرياء الأجانب، مقابل استثمارهم في البرتغال فيما يعرف ببرنامج "الفيزا الذهبية".

وحسب ما ذكرت منظمة الشفافية الدولية التي يوجد مقرها في برلين، فإن التحقيقات طالت كبار رؤساء مصلحة الهجرة ومعهد التسجيلات القومي ومسؤولي وزارة العدل والبيئة.

ووفقاً لبرنامج "الإقامة الذهبية" في البرتغال الذي أقر قبل عامين "تمنح الإقامة لمدة سنة لكل من يحول مليون يورو (نحو 1.25 مليون دولار) في حساب مصرفي داخل البرتغال، أو من يفتح عملاً تجارياً يوظف فيه 10 أشخاص أو من يشتري عقاراً تفوق قيمته نصف مليون يورو (625 ألف دولار)".

وتمكنت البرتغال عبر هذا البرنامج من جمع مبالغ تقدر بنحو 325 مليون دولار، منذ تطبيقه. وبعد عام من مدة الإقامة يتمكن المليونير الأجنبي من ترتيب أوضاعه للحصول على الإقامة الدائمة ثم الجنسية والجواز الأوروبي.
 
لكن منظمة الشفافية الدولية تقول إن برامج جذب المستثمرين، عبر منح الإقامة وجواز السفر الأوروبي التي تطبقها البرتغال والعديد من الدول الأوروبية، أصبحت منصة يستغلها العديد من المحتالين والمطلوبين للعدالة أو الذين نهبوا أموال دولهم من مسؤولي العالم الثالث.

وأدت فضيحة التحقيقات في الفساد المتعلقة برشى "الإقامة الذهبية" إلى استقالة وزير الداخلية البرتغالي قبل 10 أيام. ورغم أن التحقيقات الجارية حالياً لا تمس وزير الداخلية، إلا أنه قال "إنه استقال لصيانة سمعة الدولة" .

وحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية، فإن وزير الداخلية البرتغالي شريك في شركة محاماة يخضع أحد الشركاء فيها للتحقيق في فضيحة "الإقامات الذهبية".

ولم توجه السلطات القضائية حتى الآن تهماً لشركة المحاماة أو إلى الوزير، غير أن العلاقة التي تربط الوزير بالشريك موضوع التحقيق القضائي تثير الكثير من السخرية في الشارع البرتغالي.
 
يذكر ان العديد من الدول الأوروبية، خاصة في أعقاب أزمة اليورو، لجأت لابتداع برامج الإقامات ومنح الجوازات مقابل استثمار مبالغ معينة.

ثغرات لشخصيات قذرة

وحسب منظمة الشفافية، فإن المشكلة ليست بالبرامج في حد ذاتها، لكن في الثغرات التي تفتحها للفساد ولبعض الشخصيات غير النظيفة مالياً للدخول بدول الاتحاد الأوروبي والحصول على الإقامة.

كما قالت في تقرير بهذا الصدد إن برامج الإقامات مقابل الاستثمار، تفتقر للضوابط والفحوصات الخاصة بالأثرياء الأجانب الذين يمنحون جواز السفر الأوروبي أو الإقامة الدائمة، وأشارت إلى أن الحكومات الأوروبية "تفتح ذراعيها لاستقبال الأثرياء الأجانب وتغمض عيونها، أي أنها لا تفحص المتقدمين للاستفادة من هذه البرامج ولا تدقق في مصادر أموالهم".
 
وطرحت المنظمة التي يوجد مقرها ببرلين سؤالا مهما، وهو عما إذا كانت هذه الأموال التي يدخلها المليونيرات في حسابات البنوك الأوروبية، مقابل الحصول على الإقامات وجوازات السفر توظف في مشاريع حقيقية تفيد البلدان الأوروبية من حيث خلق فرص عمل وإنعاش الاقتصاد، أم أنها تجلس في البنوك إلى حين حصول أصحابها على الإقامة والجنسيات.

ومن بين حالات نفوذ بعض الشخصيات المريبة، عبر البرنامج البرتغالي، اعتقال الشرطة الدولية "الإنتربول" قبل شهور لرجل أعمال صيني مطلوب في عدة جرائم مالية. وهو من حملة "الإقامة الذهبية" في البرتغال.

وفي دول شرق أوروبا التي انضمت حديثاً للاتحاد الأوروبي، فإن الإقامات وجوازات السفر الأوروبية أصبحت تجارة رائجة بين الوكالات العقارية.

ويكفي في بعض دول أوروبا الشرقية أن تشتري منزلاً بقيمة 250 ألف دولار، وتزور البلاد لمدة يومين في السنة للحصول على الإقامة الدائمة، ومن ثم الحصول على جواز سفر أوروبي.
ووسط الاضطرابات السياسية العديدة في العالم أصبح جواز السفر الأوروبي يسقط الكثير من قيود التأشيرة، ويسهل على حامليه بشكل كبير القيام بأعمال تجارية في أوروبا.

أثمان جوازات السفر

يتمكن الثري الأجنبي من الحصول على الجنسية المالطية ثم جواز السفر عبر استثمار 650 ألف يورو. ويرغب رئيس الوزراء جوزيف مسكات بهذه الطريقة في زيادة عائدات البلاد وجذب الأثرياء إلى جزيرة مالطا، ويتوقع أن يكون هناك كل عام ما بين 200 وحتى 300 طلب للحصول على الجنسية المالطية.

ويقدر "مسكات" أن تحصل الحكومة المالطية في السنة الأولى على نحو 30 مليون يورو من خلال بيع نحو 45 استمارة جنسية، لكن المعارضة في مالطا توجه انتقادات بأن المتقدمين للحصول على الجنسية، أي المليونيرات الروس تقريباً يستغلون هذا النظام دون إفادة الاقتصاد المالطي.

وفي أبريل/نيسان 2013 أعلن الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس عن رغبته في منح جنسية بلاده للمستثمرين، ولكي يحصل على المستثمر الأجنبي على الجنسية يجب عليه أن يستثمر 3 ملايين يورو، وبهذا حاول أناستاسيادس استرضاء رجال الأعمال الروس في اجتماعهم الاقتصادي السنوي، بعد تعرضهم لخسائر في برنامج إنقاذ قبرص من الإفلاس.
 
وكانت قبرص تبيع جنسيتها في السابق مقابل 15 مليون يورو، ويحصل عليها المستثمر أو الثري بعد 5 سنوات من إقامته.

وترسم بلدان أوروبا سياساتها المتعلقة بالهجرة بأشكال مختلفة جداً، ففي إيرلندا، كان من الممكن حتى عام 2001 الحصول على الجنسية من خلال الاستثمار بطريقة أسهل نسبياً.
 
أما الآن فإن دفع نصف مليون يورو لمشروع من المشاريع العامة في مجالات التعليم أو الصحة أو الفنون أو الرياضة تضمن فقط الحصول على تصريح إقامة.

أما في إسبانيا، فهنالك خطط لإنعاش العقارات، وربما يتمكن من يشتري منزلاً بنحو 160 ألف يورو الحصول على تصريح إقامة.

أما في المجر فشراء السندات الحكومية يمهد الطريق إلى الوطن الجديد، وكثير من المستفيدين من برامج الجنسيات وجوازات السفر ينحدرون من روسيا والصين والهند.

دلالات
المساهمون