البحرين : الطبابة المرتفعة

24 نوفمبر 2014
إرتفاع التكاليف الطبية في البحرين (جايمس دوغان/فرانس برس)
+ الخط -
‏3 دنانير بحرينية أي ما يعادل 7.8 دولارات، قد تكون كافية للحصول على العلاج والدواء المناسبين ‏للأمراض والحالات البسيطة في المستشفيات الحكومية في مملكة البحرين. لكن هذا المبلغ لن يتيح للمريض الحصول ‏على حق الدخول إلى مدخل الطوارئ في المستشفى الخاص.
إذ إن أي مريض يلجأ للمستشفى الخاص، لا بد أن يدفع التكاليف الباهظة للحصول على خدمات الاستشفاء. فعلى سبيل المثال، تصل قيمة تعبئة ملف في المستشفى الخاص‏ إلى 78 دولاراً، وذلك قبل الكشف على المريض، ليرتفع المبلغ إلى آلاف الدولارات بعد تشخيص الحالة ومنح ‏المريض العلاج المناسب، والقيام بالعمليات اللازمة.‏ وهذا الواقع يمتد الى الأدوية، حيث إن كلفة أقل علاج في المستشفى الخاص تصل إلى ثمانية دنانير بحرينية أي 21 دولاراً، وقد تصل في بعض الأحيان إلى ألف دولار وأكثر.
يتفق العديد من الخبراء والمعنيون في القطاع الصحي، على أن القطاع الخاص في مملكة البحرين وغيرها من ‏الدول الخليجية، استثمر الإمكانيات المادية الكبيرة التي يملكها، ونجح في تحقيق أرباح بملايين ‏الدولارات سنوياً. وقد استفاد القطاع الخاص من السرعة التي يخدم بها المرضى، وجودة الخدمات التي يقدمها، لرفع كلفة الاستشفاء. هذا الواقع، أدى إلى تفاوت في حق سكان البحرين في الحصول على خدمة استشفائية متكافئة ومتساوية.

تفاوت في سعر الخدمات
يقول السكرتير الأول في مركز الديما الطبي، نادر المحمد: "شهد القطاع الطبي في مملكة البحرين تطوراً ‏كبيراً في السنوات القليلة الماضية، في ظل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والقدرات ‏الكبيرة التكنولوجية التي تستورد من الخارج".
ويشير المحمد إلى أن كلفة الطبابة في المستشفيات الحكومية تصل إلى 7.8 دولار، تسمح للمريض بالحصول على العلاج في حالات الأمراض البسيطة. فيما قد يختلف الامر بالنسبة الى الإصابات الصعبة. اذ في الحالات الأخيرة يتم تحويل المرضى الى المستشفى الخاص الذي تعتبر تكاليف الاستشفاء فيه مرتفعة. ويلفت المحمد إلى أن "مستشفيات القطاع الخاص تعتمد على مصادر عديدة لجذب المرضى ‏ومنها السرعة في استقبالهم" وفق المحمد.
وقد دخل سوق البحرين في السنوات الـ 15 السابقة حوالي 19 مستشفى ‏خاصاً في مقابل 13 مستشفى حكومياً موزعة على مختلف أنحاء المملكة. ما ساهم في تطوير ‏النشاط الطبي في المملكة. في حين أدى إدخال التقنيات الحديثة الى العمليات الاستشفائية إلى رفع كلفة الطبابة على المرضى.

ما سبب ارتفاع التكاليف؟
يشير المدير المالي في أحد المستشفيات الخاصة الدكتور دليم الهاجري الى أن أسباب ارتفاع التكلفة في المستشفيات الخاصة، ‏تعود بالدرجة الاولى الى التكاليف الباهظة ‏التي تدفعها أساساً الادارة للخبراء والمختصين . حيث تتعاقد هذه المستشفيات مع أصحاب الخبرات العالية من مختلف الجنسيات. كما أنها تستورد الآلات الطبية المتطورة من الخارج، والتي يصل سعر الواحدة منها إلى مئات آلاف الدولارات. ويبيّن أن المستشفى الخاص يستقبل يومياً ما بين 300 و400 مريض، يدفع أقل واحد منهم نحو 200 دولار أميركي.
ويشرح الهاجري أن عدد العيادات الطبية الخاصة في البحرين يصل إلى 130 عيادة، فيما يبلغ عدد المستشفيات الخاصة 17 مستشفى موزعة ما بين أقسام الولادة والطب العام والجراحة والأسنان وغيرها.
ويقول الهاجري لـ "العربي الجديد": تلجأ أيضاً الحكومة الى فرض رسوم مرتفعة على المستشفيات في القطاع الخاص إذ تصل رسوم تجديد ‏الاشتراك الى ما يقارب 200 ألف دولار سنوياً، ما يزيد من النفقات على المستشفيات.
كما يشير الهاجري الى أن سبب لجوء المرضى الى المستشفيات في القطاع الخاص، يعود الى سرعة تحديد مواعيد الزيارات للأطباء، إضافة الى الاجراءات السريعة في تشخيص الأمراض والكفاءات العالية التي تعمل في المستشفيات الخاصة.
ويشير في الوقت عينه الى أن الحكومة البحرينية حاولت القيام بسلسلة من الاجراءات لتحفيز قطاعها الصحي. ويقول :" ساعد الدعم الحكومي للمستشفيات الحكومية في تقليل كلفة ‏الاستشفاء للمواطنين والوافدين". ويشير الهاجري إلى أن إنفاق الحكومة على القطاع الصحي وصل إلى 7.2% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً.

لا تبرير
أما الخبير الاقتصادي فراس نايف، فيرى أن ارتفاع التكاليف في المستشفيات الخاصة يعود في بعض الأحيان الى غلاء ‏الخدمات و"طمع" مديري ‏المستشفيات. ويقول لـ "العربي الجديد": "صحيح أن المستشفيات تتحمل أعباء إضافية، حيث تعمد الى التعاقد مع أطباء وممرضين من ذوي الخبرات العالية "الا أن ذلك لا يبرر الارتفاع في الاسعار".
ويضيف:" تصل النفقات في القطاع الخاص إلى عشرة أضعاف معدل النفقات في القطاع الحكومي.‏ فيما يصل معدل إنفاق المرضى في مستشفيات القطاع الخاص في ‏المملكة البحرينية إلى 7 مليارات دولار سنوياً. ما يعادل 1.5 مرة الإنفاق في ‏مستشفيات القطاع الحكومي الذي يعتمد على مساعدات الوزارة.
وبحسب الخبراء فإن المستشفيات الخاصة تحظى بثقة المرضى، نظراً للخبرات التي تعمل بها. فقد وصل عدد الأطباء المتواجدين في السوق البحرينية الى نحو 3000 طبيب، يعملون في المستشفيات الخاصة. فيما تقوم الحكومة بتوظيف الكوادر لإدارة القطاع الصحي الحكومي.
وبحسب الخبير الاقتصادي فراس نايف فإن السلطات البحرينية تعمد إلى توظيف المواطنين في هيئاتها المحلية ومنها الطبية كالمستوصفات، وتحاول الرفع من مستوى الخدمات. إلا أن المرضى يتوجهون نحو المستشفيات الخاصة بسبب سرعة العلاج والتقنيات الأكثر حداثة.
ويلفت نايف، الى أن بعض السفارات عمد إلى إنشاء مراكز طبية خاصة، لمعالجة الأمراض المستعصية كالسرطان وغيره، لقاء مبالغ عينية في أغلب الأحيان. واللافت هو وصول عدد المرضى في هذه المراكز الى نحو 2000 شخص سنوياً، ما يعد رقماً مرتفعاً بالنسبة لعدد السكان في البحرين.
المساهمون