واجهت الشركات الكبرى اتهامات بالتورط في عمالة أطفال الكونغو (Getty)
28 يوليو 2020
+ الخط -

في الوقت الذي خسر فيه الآلاف من أصحاب المشاريع الصغيرة أموالهم بسبب أزمة كورونا، تضخمت أموال بعض أكبر أثرياء العالم بفضل الأزمة. والمدهش أن التنافس المعتاد بين أصحاب رؤوس الأموال الضخمة، تبدل في بعض الحالات ليصبح تعاوناً مثمراً. وهو ما كشف عنه تقرير جديد لصحيفة "ده ستاندارد" البلجيكية، يؤكد أن مليارديرات العالم الكبار لم يترددوا في استثمار أموالهم في شركة أميركية ناشئة، تبحث عن مناجم الكوبالت عبر صور الأقمار الصناعية وتحليل القشرة الأرضية. ومن بين هؤلاء بيل غيتس (مايكروسوفت)، وجيف بيزوس (أمازون)، وريتشارد برانسون (فيرجين غروب)، وراي داليو (بريدجووتر)، وجاك ما (علي بابا).

تعِد الشركة الأميركية الجديدة، التي تأسست عام 2018 تحت اسم KoBold Metals، مستثمريها الأثرياء باستخراج وتحليل البيانات حتى ولو من مناجم التعدين، عن طريق استثمار أموالهم في إنشاء نوع من خرائط غوغل لقشرة الأرض، تمكن العلماء والباحثين من العثور على مواقع تعدين واعدة وجديدة للكوبالت والنيكل حول العالم، عبر صور الأقمار الصناعية وتحليل البيانات، أي من وراء شاشات الكمبيوتر، حيث لا حاجة بنا اليوم إلى البحث عن ثروات الأرض بالطرق التقليدية البائسة.

من الهاتف إلى السيارة الكوبالت هو منتج ثانوي ثمين يتكون من النحاس والنيكل، وهو مكون أساسي لبطاريات الليثيوم القابلة لإعادة الشحن، والموجودة في كل جهاز كهربائي تقريباً ينتجه عمالقة التكنولوجيا، مثل أبل وغوغل وديل ومايكروسوفت، وشركات السيارات الكهربائية ومنها تسلا. أي أنها مادة ثمينة تدخل في صناعات الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمول، وحتى السيارات الكهربائية، لذلك سمي بـ"الذهب الأسود".

الآن نفهم لماذا يهتم أكبر أثرياء العالم بالاستثمار في هذه الشركة الناشئة الصغيرة، والتي يتم تمويلها بشكل مشترك من قبل صندوق استثماري تم إنشاؤه عام 2015 من قبل بيل غيتس نفسه تحت اسم Breakthrough Energy Ventures، يموله أكثر من 12 مليارديرا، وعلى رأسهم جيف بيزوس (أمازون) وريتشارد برانسون (فيرجن غروب) وغيرهما. بل استطاعت الشركة الجديدة في وقت سابق من هذا العام أن تثير لعاب الدول الأوروبية، لتدخل شركة الطاقة النرويجية Equinor الممولة من الدولة مساهماً في المشروع، على أمل اكتساب معرفة إضافية لاكتشاف حقول نفط وغاز جديدة من وراء الكمبيوتر، بنفس الطريقة التي تعتمد على تحليل بيانات القشرة الأرضية. لكن قبل أي اكتشافات جديدة للنفط والغاز، تبحث KoBold بشكل أساسي عن الكوبالت. في وقت سابق من هذا الشهر، حصلت الشركة الواعدة على امتياز كبير في كيبيك بكندا، حيث سمح لها بدراسة رقعة كبيرة من الأرض تبلغ ألف كيلومتر (نفس مساحة نيويورك)، جنوب منجم نيكل مملوك لشركة التعدين العملاقة غلينكور، والهدف هو جمع البيانات الجيولوجية بشكل مكثف في منطقة التنقيب الكبيرة، وتحليلها باستخدام الذكاء الاصطناعي على مدى الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، للعثور على منجم كوبالت جديد في غضون بضع سنوات. ليس من خلال KoBold نفسها، والتي ستقتصر مساهمتها على الاستكشاف فقط، ولكن من قبل شريك تعدين متمرس، سيتم إعادة بيع حقوق التعدين إليه لاحقاً. الكوبالت الأخلاقي ووفقاً للتقرير، فإن اختيار كندا من قبل الشركة الأميركية لم يأت مصادفة، حيث كان الهدف الرئيسي لهذا الاختيار هو جعل عمالقة التكنولوجيا الأميركية أقل اعتماداً على إنتاج الكوبالت المثير للجدل في الكونغو، التي تنتج حالياً قرابة 65 بالمائة من الكوبالت العالمي، والذي يتم استخراجه هناك في مناجم غير آمنة، يتم العمل فيها بشكل يدوي وغالباً من قبل الأطفال.

ووفقاً لمنظمات حقوق الإنسان في الكونغو، غالباً ما يتم استخدام الأطفال في التعدين الحرفي للكوبالت يدوياً، وهو ما أتى بعواقب وخيمة على كبار صناع التكنولوجيا في أميركا. ففي كانون الأول/ديسمبر الماضي، تمت مساءلة شركات: تسلا وأبل وغوغل وديل ومايكروسوفت في واشنطن، من قبل منظمة حقوق الإنسان الدولية، المدافعة عن حقوق 14 عائلة كونغولية، حيث تم توجيه اتهامات علنية إلى عمالقة التكنولوجيا "بالمساعدة والتحريض على عمالة الأطفال في تعدين الكوبالت في الكونغو"، ما دفع صحيفة فاينانشيال تايمز الشهر الماضي إلى المطالبة بـ"ميثاق أخلاقي يلتزم به كل من يعمل في قطاع الكوبالت".

آداب وفنون
التحديثات الحية

استبعاد الكونغو على هذا النحو، يبدو أن عمالقة التكنولوجيا في العالم قرروا البحث عن طرق جديدة وأكثر عصرية للبحث عن المعدن النادر بأقل خسائر أخلاقية ممكنة، فسارعت شركة تصنيع السيارات، تسلا، بتغيير صياغة عقدها مع شركة التعدين العملاقة غلينكور، لينص على أن الشركة "حصلت على الكوبالت من الكونغو وفقاً لجميع القواعد البيئية وقواعد العمل المعمول بها"، وهو ما تأمل الشركة الأميركية الجديدة KoBold تحقيقه بدعم من أثرياء العالم الكبار، مستخدمة شعاراً جميلاً يرضي أصحاب الأخلاق يقول: "البحث عن مناجم جديدة في البلدان المستقرة سياسياً واقتصادياً، حيث يمكن تعدين الكوبالت أخلاقياً"، وإبعاداً لأي شبهة استغلال، استبعدت الشركة الناشئة الكونغو مسبقاً كمنطقة محتملة للتنقيب.

المساهمون