البادية السورية تحت رحمة خلايا داعش والمليشيات

08 يناير 2020
ارتفعت حدّة التوتر في البادية أخيراً (فرانس برس)
+ الخط -
قفزت البادية السورية مرة أخرى إلى واجهة المشهد، مع تزايد العمليات العسكرية ضد قوات النظام من قبل عناصر يُعتقد أنهم تابعون لتنظيم "داعش"، الذي يتخذ من هذه البادية مترامية الأطراف مخابئ له منذ أواخر عام 2017، حين خسر معاقله البارزة في سورية. وبالإضافة إلى الهجمات ضد قوات النظام ومليشيات تساندها، هزّ الشارع السوري منذ أيام نبأ مقتل عشرات المدنيين في بادية الرقة الخاضعة لقوات النظام؛ ما يؤكد أن الفلتان الأمني الذي يسود مناطق سيطرة هذه القوات، ربما يؤدي إلى تكرار مثل هذه العمليات، التي تشير مصادر محلية إلى أن مليشيات النظام تقف وراءها.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن فلول تنظيم "داعش" قصفوا مساء الإثنين مواقع قوات النظام والمليشيات الموالية له في منطقة البادية الممتدة من قرية الدوير حتى بلدة الجلاء بريف دير الزور، بقذائف الهاون، مشيراً إلى أن هذه القوات ردت باستهداف منطقة البادية بالمدفعية الثقيلة والقنابل المضيئة في أجواء قرية العباس بريف البوكمال. وشهدت البادية في الأيام القليلة الماضية العديد من الحوادث التي كشفت معطيات أن "داعش" يقف وراءها، مع قطع عناصر تابعة له يوم الإثنين الماضي، الطريق الذي يصل مدينة تدمر في قلب البادية بمحافظة دير الزور في شرقي سورية. وهو من الطرق الاستراتيجية في البلاد كونه يصل جنوبي سورية بشرقها.

وذكرت شبكة "فرات بوست" المحلية أن عناصر تابعين لـ"داعش" شنّوا هجوماً على نقاط لقوات النظام ومليشياته في مناطق السخنة وكباجب والشولا وهريبشة على طريق دير الزور - تدمر، ما أدى إلى هروب عناصر النقاط وقطع الطريق من قبل التنظيم. وأوضحت الشبكة أن الهجوم أسفر عن مقتل وأسر العشرات من عناصر النظام، إضافة إلى تدمير وحرق آليات للنظام وأخرى مدنية.

وكشفت "فرات بوست" أن حافلة للفرقة 11 مشاة في قوات النظام كانت متجهة، يوم الإثنين الماضي، من قرية معيزيلة في بادية البوكمال باتجاه مركز مدينة دير الزور، توقفت في مدينة صبيخان قرب مخفر المدينة بسبب الضباب الكثيف، مشيرة إلى أن مجهولين هاجموا بالرشاشات الحافلة ما أدى إلى مقتل كل من كان فيها، ويُقدّر عددهم بالعشرات، يوم الإثنين الماضي. وعلى الرغم من إعلان مصادر محلية أن "داعش" ناشط في هذه المنطقة، إلا أن مجموعة تطلق على نفسها اسم "كتيبة الفاروق" التابعة لـ"تجمّع الثائرين في أرض دير الزور"، أعلنت مسؤوليتها عن الحادثة، حسب ما ذكرته في بيان لها.
غير أن الحادث الأبرز الذي هزّ سورية هو مقتل العشرات من المدنيين يوم السبت الماضي، في منطقة معدان في بادية الرقة الخاضعة لقوات النظام ومليشيات محلية. وتضاربت الأنباء حول عدد القتلى وطريقة قتلهم، لكن من المؤكد أن 21 شخصاً، ومعظمهم رعاة غنم، لقوا حتفهم ذبحاً أو بطلقة في الرأس، وسط غموض حول الجهة التي ارتكبت هذه المجزرة. وبينما أشارت أصابع الاتهام إلى مجموعات من "داعش"، برزت رواية أخرى تناقلها نشطاء في المنطقة عن تورط مليشيات إيرانية، وسط تداول معلومات عن تورّط مجموعة مسلّحة ضمن مناطق سيطرة قوات النظام في قتل المدنيين، باستخدام السكاكين والرصاص الحي. وحمّل الائتلاف الوطني لقوى الثورة، النظام وحلفاءه المسؤولية عن المذبحة التي ارتُكبت بحق المدنيين في منطقة معدان في بادية الرقة. وذكر في بيان: "إنها واحدة من نماذج الإجرام والفوضى المستدامة التي يقودها النظام ويخطط لها، تماماً كما عمد إلى صناعة الإرهاب والتطرف واستخدامه كسلاح لتخويف الشعب وإرهاب المجتمع الدولي".

وكان التنظيم تعرّض أواخر عام 2017 لهزائم متلاحقة، مع خسارته معاقله في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة، بعد سنوات من الحرب من قبل التحالف الدولي. وتقاسم النظام ومليشيات إيرانية تركة التنظيم في منطقة الشامية جنوب نهر الفرات، فيما سيطرت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) على منطقة الجزيرة شمال نهر الفرات. ومن نجا من عناصر التنظيم هرب باتجاه البادية التي تبلغ مساحتها نحو 70 ألف كيلومتر مربّع. وكشفت مصادر محلية أن هناك آلافاً من عناصر التنظيم ينتشرون في البادية، جاؤوا من شمال سورية وشرقها وجنوبها، مشيرة إلى أن هؤلاء اتخذوا من جبال وتلال في البادية، خصوصاً في محيط مدينة تدمر معاقل جديدة لهم. ويشن هؤلاء بين فترة وأخرى هجمات على قوات النظام، تحديداً في بلدة السخنة التابعة لمدينة تدمر، وتبعد عنها نحو 70 كيلومتراً باتجاه الشمال الشرقي، في حين تبعد عن مدينة حمص التي تتبع لها نحو 250 كيلومتراً. وتكتسب البلدة أهميتها من كونها تقع على الطريق الدولي الذي يربط تدمر بمحافظة دير الزور.
المساهمون