الانتهازية الصهيونية

18 يناير 2015
تدافع إسرائيلي لتجيير الأحداث (توماس كويكس/فرانس برس)
+ الخط -

انشغل العالم، خلال الأسبوع الماضي، بمتابعة أحداث باريس الدامية وتداعياتها التي ستظل تتفاعل إلى حين. غير أن دموية الحدث وقسوته المدانة بكل اللغات لم تمنع رصد الكثير من المفارقات التي سادت المشهد، بل أضفت عليه قليلاً من "السخرية" وكثيراً من "العبث واللامعقول".

أهم هذه المفارقات التي لفتت انتباه أصدقاء إسرائيل قبل أعدائها، تمثّلت في إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على حضور "مسيرة باريس"، رغم عدم توجيه الدعوة له، والأنكى أنه تعمّد حشر جثته الضخمة في الصف الأول، ثم تعمد إلى نفض صدره إلى الأمام، في استعراض مبتذل لم يقنع الإسرائيليين أنفسهم.

رئيس الوزراء الإسرائيلي، ومن خلفه ماكينة الدعاية الصهيونية، تدافعوا لاختطاف الألم الفرنسي وتجييره بانتهازية فظة لحساب إسرائيل، بل إنهم لم يحترموا مشاعر الفرنسيين، رئيساً وحكومة وشعباً، عندما دعوا يهود فرنسا إلى الهجرة إلى إسرائيل، بوصفها وطنهم الأول- على حد تعبير نتنياهو- وبوصفها الملاذ الآمن لليهود- على حد تعبير وزير المالية الاسرائيلي السابق، يائير لبيد.

وتجلت هذه الانتهازية السياسية في أبشع صورها، حين انقض نتنياهو ومرافقوه على جثث اليهود من ضحايا باريس، وأصروا على نقلها ودفنها في "إسرائيل"، بوصفها "الوطن الأخير" لكل يهود العالم.

وخلال مراسم التشييع، اعتبر الرئيس الصهيوني، رؤوفين ريفلين، أنه من غير المقبول أن يشعر اليهود بالخوف حين يسيرون في شوارع أوروبا وهم يضعون إشارات تدل على انتمائهم الديني بعد 70 عاماً على انتهاء الحرب العالمية الثانية.

نفاق وانتهازية إسرائيل وقادتها تكشّفا في اليوم التالي، عندما أصدرت محاكم الكيان الإسرائيلي، بعد سويعات قليلة على "مسيرة باريس"، أحكاماً ظالمة بحق شبان فلسطينيين انتقدوا في تعليقات على "فيسبوك" و"تويتر" سياسات إسرائيل واحتلالها البغيض، وكأن نتنياهو ومحاكمه "العادلة" أغفلوا أن الملايين ساروا في شوارع فرنسا دفاعاً عن العالم الحر، وليس دفاعا عن إسرائيل وعنصريتها.

ثم تكشّف النفاق الصهيوني في أبشع صوره، وأكثرها ابتذالاً وهو يتاجر بدماء اليهود وآلامهم، عندما طلبت شركة "كاديشا" المتخصصة في دفن الموتى، والتابعة لوزارة الأديان في إسرائيل، من أهالي الضحايا دفع تكاليف نقل ودفن موتاهم، فالحساب لا يفسد "حب الوطن".

المساهمون