الانتعاش السياحي التركي أكبر من المعتاد وأقل من التوقعات

21 أكتوبر 2018
سحر الطبيعة يجذب سياح أوروبا إلى تركيا (العربي الجديد)
+ الخط -

لا يجد مختصون بالشأن السياحي في تركيا، مبررات منطقية لتراجع عدد السياح والعائدات التي كانت متوقعة خلال عام 2018، بعد أن ارتفعت عائدات قطاع السياحة في تركيا، خلال الربع الثاني من 2018، بنسبة 30.1%، مقارنة مع الفترة نفسها من 2017، لتصل خلال أشهر إبريل ومايو ويونيو نحو 7 مليارات دولار.

وبعد هذه الفترة عاد الفتور، حسب وصفهم، لهذا القطاع الذي يعول عليه بعائدات تتعدى 50 مليار دولار عام 2023 خلال الذكرى المئوية لتأسيس الدولة.


 تراجع عدد السياح والعائدات المتوقعة، خلال الربع الثالث، بعد أن حقق الربع الأول من العام الجاري، زيادة بنسبة 36%، مقارنة مع العام الماضي، وزاد عدد السياح عن 5 ملايين سائح.

وتتالى الأمل، بعد أن وصل عدد السياح، خلال النصف الأول من العام الجاري، إلى نحو 16 مليوناً بعائدات اقتربت من 11.5 مليار دولار، وبزيادة 31% مقارنة مع عام 2017، إلا أن المؤشرات تدلل، حتى الآن، على تراجع عدد السياح والعائدات، على الأقل، بالمقارنة مع المخطط الذي أعلنت عنه وزارة السياحة.



وتراجع عدد السياح، وفق تصريحات المسؤولين، من 40 مليونا إلى 36 مليون سائح، فبعد أن أعلنت تركيا مراراً عن توقعاتها بوصول عدد سياح عام 2018 إلى نحو 40 مليون سائح، تقول التصريحات اليوم إن تركيا تهدف إلى جذب 36 مليون سائح أجنبي، بعائدات تصل إلى 34 مليار دولار. وهو برأي مراقبين، عدد كبير ومهم، مقارنة مع العام الماضي، الذي لم يزد خلاله السياح عن 32.4 مليون سائح، بعائدات لم تتعد 26 مليار دولار.

 

ترويج ومؤتمرات

ويرى العامل في القطاع السياحي، محمد أصلان، أنه من المبكر الحكم على نتائج 2018، لأن الإقبال السياحي أكثر من جيد برأيه، وإن تراجع قليلاً خلال الشهرين الماضيين، بالمقارنة مع المتوقع وليس بالمقارنة مع العام الماضي.

ويقول العامل في منشأة سياحية بمنطقة "الاديرنا كابيه" في إسطنبول، ازداد هذا العام قدوم السياح الروس وبنسبة تزيد عن 40% عن العام الماضي، كما بدأت جنسيات كثيرة تقصد تركيا للسياحة، فضلاً عن السياح الكلاسيكيين، من عرب وأوروبيين.

وأضاف، في هذا العام ازدادت أعداد السياح الصينيين واليابانيين وحتى الأفارقة. وعزى ذلك لأسباب الاتفاقات والترويج التي اعتمدتها بلاده في تلك المناطق، والأهم، برأيه، لجمال تركيا ورخص الأسعار، خاصة بعد تراجع سعر صرف الليرة.

ويشير المتخصص بالشأن السياحي أصلان، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تركيا اعتمدت هذا العام طرقا جديدة في الترويج، ففضلاً عن السياحة الدينية التي تتعاظم سمعتها، اعتمدت طرق "السياح السعداء" و"سياحة المؤتمرات".

وأكد أن الأشهر الثلاثة المتبقية من العام الجاري، ستعدل الكفة وتصل أرقام السياح والعائدات إلى ما توقعته وزارة السياحة.

وكان اتحاد المرشدين السياحيين التركي "توراب" واتحاد وكالات السياحة التركية "تورساب"، قد أطلقا، الشهر الماضي، مشروع "السياح السعداء" الذي يقوم على التعريف بالسياحة التركية على لسان الزوار الأجانب ممن تواجدوا في تركيا لفترة طويلة.

ووقع "توراب" و"تورساب" بروتوكولاً، مطلع سبتمبر/أيلول الجاري، لإطلاق المشروع القائم على تسجيل آراء السياح الأجانب ممن زاروا تركيا ضمن "الرحلات الثقافية" ومشاركة آرائهم هذه على المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي.

ويهدف المشروع، بحسب رئيس اتحاد المرشدين السياحيين التركي "توراب"، زكي أبالي، إلى التعريف بولايات تركيا الـ81، وإظهار ميزات وجمال كل واحدة منها، وبالتالي تحقيق السياحة المستدامة.

كما بدأت سياحة المؤتمرات في تركيا تؤتي أكلها، بعد سنوات من الهدوء النسبي، فقد وصل النمو المتتالي في مجال السياحة في تركيا إلى قطاع الاجتماعات والمؤتمرات، حيث تحولت الشركاتُ الدوليةُ مرةً أخرى إلى تركيا لعقد اجتماعاتها، وتتوقع الشركات العاملة في مجال السياحة قفزةً حقيقيةً في عام 2019.

ومن بين هذه الشركات، مؤسسات من المملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا واليابان وروسيا والهند. وتستضيف معظم الفنادق في أنطاليا، والتي مدّدت هذا الموسم السياحي حتى نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني من هذا العام، مجموعة اجتماعات كل أسبوع.

وكذلك في العديد من الفنادق في إسطنبول، تعقد الشركاتُ الأجنبيةُ فعاليتين أو ثلاث فعاليات في الشهر الواحد. ومن المتوقع أن تستمر هذه الحركة السياحية التي بدأت في سبتمبر/أيلول أن تستمر حتى نوفمبر/تشرين الثاني.

وبحسب مختصين، تشكّل صناعةُ المعارض والمؤتمرات 20% من إيرادات تركيا السياحية. وتتميزُ المجموعات القادمة إلى تركيا لسياحة المؤتمرات بنفقاتها العالية، إذ ينفق السائح العادي 100 يورو يومياً في تركيا، في حين ينفقُ السياحُ الذين يسافرون بهدف حضور المؤتمرات أكثر من ضعفي هذا المبلغ. ويبلغُ متوسطُ الإنفاق اليومي للسائح الذي يصل إلى أنطاليا لحضور اجتماعٍ 120 يورو، في حين يصلُ إلى 200 يورو في إسطنبول، ومن المتوقع أن يزداد مع نهاية موسم السياحة، ويجلبُ ذلك مزيدًا من الدخل إلى قطاعاتٍ أخرى مثل الإقامة والترفيه والمطاعم.

وفي السياق ذاته، يقول نائب رئيس اتحاد وكالات السفر التركية تورساب، سلجوق بويونيري، خلال تصريح إعلامي سابق، "هناك صعودٌ في سياحة الاجتماعات والمؤتمرات هذا العام، وإن لم يكن على المستوى الذي نريده"، وأضاف: "جميع الوكالات العامة في قطاع الاجتماعات والمؤتمرات والمعارض تقوم بنشاطاتٍ جادة لتسويق المبيعات لعام 2019، وتبين لنا من محادثاتنا أيضاً أنه ستكون هناك قفزةٌ كبيرةٌ إلى الأمام في سياحة المؤتمرات في العام المقبل".


أنطاليا وإسطنبول

أظهرت بيانات وزارة الثقافة والسياحة التركية، تصدّر مدينة إسطنبول باقي الولايات التركية في استقبال السياح الأجانب، خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري.

ووفقاً للبيانات الرسمية، فقد دخل 7 ملايين و483 ألف سائح أجنبي، إلى تركيا عبر إسطنبول، وذلك في الفترة بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز من العام الحالي، إذ كانت إسطنبول المحطة الأولى التي دخلها غالبية السياح الأجانب القادمين إلى تركيا قبل توجههم إلى ولايات أخرى، حيث دخل عبرها 34.58% من السياح إلى البلاد، و30.85% عبر أنطاليا، و9.51% من أدرنة.

ولكن تبقى أنطاليا، برأي مختصين، الأكثر شهرة واستقطاباً بالنسبة للسياح، الروس منهم على وجه التحديد، إذ استقبلت ولاية أنطاليا، التي تعتبر العاصمة السياحية لتركيا، خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، سياحاً من 180 دولة ومنطقة ذات حكم ذاتي.

وبحسب معطيات مديرية الثقافة والسياحة في الولاية، فقد بلغ عدد السياح الأجانب الوافدين إلى أنطاليا، خلال الفترة المذكورة، 9 ملايين و165 ألفاً و352 سائحاً.

وأوضحت معطيات المديرية، ارتفاع عدد السياح الأجانب الوافدين إلى أنطاليا، خلال الأشهر الثمانية الأولى، بنسبة 28.28%، مقارنة بالفترة نفسها من العام المنصرم.

وبلغ عدد السياح الروس في أنطاليا، خلال 8 أشهر الأولى من العام الحالي، 3 ملايين و367 ألفاً و152 سائحاً، والألمان مليوناً و441 ألفاً و836، والأوكرانيين 537 ألفاً و705، والبريطانيين 440 ألفاً و137، والهولنديين 289 ألفاً و501 سائح.

وتشهد عموم الولايات التركية، زيادة في استقبال السياح العام الجاري، إذ زادت نسبة السياح القادمين إلى أوردو شمالي تركيا، بحسب صدّار ياووز والي المدينة، نحو 25% خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي.

كما ازداد عدد السياح الأجانب في ولاية موغلا جنوبي غرب تركيا، خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، بنسبة 34%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وتقول وكيلة مدير الثقافة والسياحة في الولاية، فليز قراجة أغاج، إن موغلا هي ثالث مركز سياحي في تركيا بعد ولايتي أنطاليا وإسطنبول.

وأشارت المسؤولة، خلال تصريحات صحافية، إلى زيادة الإقبال على السياحة في الولاية التي تمتلك 131 خليجًا، وتشهد أنشطة سياحية متنوعة، فضلًا عن امتلاكها ثروات طبيعية وثقافية فريدة.

وبيّنت أن عدد السياح الأجانب الذين زاروا الولاية، خلال الشهور الثمانية الأولى من عام 2018، بلغ مليونين و63 ألفا و536 سائحا، بزيادة قدرها 34 في المائة مقارنة بعام 2017.



السياحة الأوروبية

تشير إحصاءات عالمية إلى زيادة إقبال الأوروبيين على تركيا هذا العام، حيث جاءت تركيا الثالثة عالمياً، كأفضل وجهة سياحية لدى الأوروبيين والبريطانيين بعد إسبانيا واليونان، وقبل إيطاليا والمكسيك، وفق إحصائيات أجرتها شركة المنظمة العالمية للسياحة ونشرتها صحيفة "ديلي إكسبريس" البريطانية، حيث جاءت تركيا في المرتبة الثالثة.

وذكرت الصحيفة، أن الإحصائيات التي أجرتها المنظمة حول أرقام السياحة إلى تركيا تدعمها الأرقام التي أصدرتها مجموعة "كلوب ميد" السياحية الفرنسية، والتي سجلت ارتفاعاً في المبيعات إلى تركيا بنسبة 94٪ هذا العام.

التوقعات والواقع

يرى الدليل السياحي التركي كريم باش، أن الموسم السياحي في تركيا، لم ينته حتى نطلق الحكم النهائي عليه، فقد تراجعت توقعات المسؤولين من 40 إلى 36 مليون سائح، فهذا لا يعني ألا نصل إلى 40 مليوناً، إذ ثمة مفاجآت في الموسم حتى الآن، منها السياحة الشتوية التي ستبدأ منذ الشهر المقبل والسياح الذين يقصدون تركيا خلال أعياد الميلاد ورأس السنة، إضافة إلى سياحة المؤتمرات التي تتنامى بشكل لافت.

ويؤكد العامل في شركة سياحية بمنطقة تقسيم في إسطنبول، لـ"العربي الجديد"، أن تراجع سعر صرف الليرة التركية خلال الشهر الأخير، زاد من تهافت السياح من كل دول العام، بل ونتوقع المزيد خلال الأشهر الثلاثة من عام 2018.

وحول تأثر الموسم السياحي وتراجع التوقعات الرسمية، يضيف باش: إن سلمنا أن هناك تراجعا، فربما تأثر قليلاً بالشائعات والتحذير من زيارة تركيا التي أطلقتها بعض دول الخليج العربي، وذلك التأثير الطفيف، لم يخرج عن منطقة الخليج أو بعض الدول، كما أن توجه بعض السياح، والخليجيين خاصة، إلى شرق آسيا، كإندونيسيا وماليزيا هذا العام، ربما له بعض الأثر أيضاً.

المساهمون