الاقتصاد الموازي المصري: ثروة بـ 269 مليار دولار

17 نوفمبر 2014
السوق السوداء وازنة في الاقتصاد المصري (محمود حمس/فرانس برس)
+ الخط -
بين 139 و400 مليار دولار، بمتوسط 269 مليار دولار.. هذا هو حجم السوق السوداء في مصر، وفق دراسات طالت هذه الظاهرة. رقم يؤجج المصادمات بين الحكومة المصرية وآلاف الباعة المتجولين في الفترة ‏الراهنة. في حين أن الواقع يطرح الكثير من التساؤلات حول حجم الاقتصاد غير الرسمي ومنهجية الدولة في ‏التعامل معه.‏

الظاهرة بالأرقام
كانت الحكومة المصرية قد أعلنت منذ أشهر عن حملة ‏موسعة لمنع الباعة المتجولين من التواجد في شوارع العاصمة وبعض ‏المحافظات، من دون توفير بديل دائم يستوعب آلافا بل ملايين الباعة ‏الذين يعملون في السوق السوداء. ‏
وتذكر دراسة أعدها اتحاد الصناعات المصرية في عام 2013 أن الاقتصاد الموازي يصل إلى حوالى تريليون جنيه (139 مليار دولار)، وموزع بين الباعة المتجولين والعمالة غير الرسمية، مثل عمال المقاولات ‏والمصانع الصغيرة وغيرها العديد من أشكال الاقتصاد غير ‏الرسمي.‏
وتقول الدراسة إذا استطاعت الدولة التغلب على عوائق هذا النوع من الاقتصاد، فإنها ستوفر سنوياً ما يقرب من 150 مليار جنيه كضرائب ‏فقط.
أما معهد دراسات التنمية "الحرية والديمقراطية" (مركزه في جمهورية بيرو)، فقد أعلن قبل عام أن حجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر، بلغ 400 مليار دولار. ويشير التقرير إلى أن هذا الرقم أكثر من القيمة السوقية للشركات المسجلة في البورصة المصرية بـ30 مرة. ويلفت المركز إلى أن الاقتصاد الموازي يشغّل 9.6 مليون مصري، في حين أن القطاع الخاص القانوني يشغّل 6.8 مليون شخص، والقطاع العام يوظف 5.9 مليون مصري.
في حين تشير دراسة نشرت في سبتمبر/أيلول الماضي عن مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن حجم الاقتصاد غير الرسمي يقدر بين 1.2 تريليون جنيه (167 مليار دولار) و1.5 تريليون جنيه (209 مليارات دولار)، أي ما يوازي 65% إلى 70% من حجم الاقتصاد الرسمي. وتلفت الدراسة إلى أن السوق السوداء تضيّع 300 مليار جنيه كإيرادات للدولة. وتعتبر الدراسة أن أرقام "الحرية والديمقراطية" مبالغ بها.
إلا أن خبير الاستثمار والتمويل سعيد توفيق‎، يقول لـ"العربي الجديد" إن الدراسة التي قدمها اتحاد الصناعات ‏المصرية عن الاقتصاد الموازي "قد تكون أخفقت في بعض النواحي، ولم تحصر جميع الفئات ‏التي تعمل بالاقتصاد غير الرسمي، واكتفت بالمصانع غير الشرعية".‏

الدولة لا تريد التنظيم
يقول نقيب الباعة المتجولين (من ضمن السوق السوداء)، أحمد حسين، إن عدد الباعة في محافظات مصر هو 6 ملايين بائع. هؤلاء يتحكمون برأسمال قدره 12 مليار جنيه يومياً، بواقع 2000 جنيه لكل ‏بائع.
ويلفت حسين إلى أن الدولة تستفيد فعلياً من الاقتصاد غير الرسمي، لا سيما أن الغالبية العظمى من الباعة هم من خريجي الجامعات. معتبراً أن هذا الواقع يوفر على الدولة ‏تحمل عبء تشغيل 6 ملايين شاب.
ويعتبر حسين أن الدولة أمامها ‏فرصة ذهبية للاستفادة من الاقتصاد غير الرسمي في مصر، من خلال دمجه ‏مع الاقتصاد المنظم وتشريع قوانين وتوفير بدائل وتقنين عمل ملايين ‏المصريين.
أما أمين عام النقابة المستقلة لعمال اليومية (يتقاضون أجرهم باليوم)، محمد عبد القادر، فيعتبر أن الدولة غير ‏راغبة في تنظيم الاقتصاد العشوائي. ويلفت إلى أن النقابة أرسلت أكثر من مرة ‏تقارير إلى وزارة التضامن الاجتماعي لتنظيم العمالة اليومية وإخضاعها ‏لقانون العمل، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل.
في حين يشير الخبير الاقتصادي، رشاد عبده، إلى أن حجم السوق غير الرسمي في مصر كبير ‏جداً بالمقارنة بدول العالم. ويرد ذلك إلى فقدان الثقة بين الدولة والعاملين ‏في هذا السوق "لأن الدولة لا تمنحهم ما يحفزهم على الدخول في السوق ‏الرسمية، خصوصاً مع إرغامهم على دفع الضرائب بدون حصولهم على خدمات في المقابل".‏
دلالات
المساهمون