الاغتيالات والهجمات الصاروخية تثير الذعر في كابول

21 اغسطس 2020
أعادت الهجمات الأخيرة ذكريات التسعينيات في كابول (الأناضول)
+ الخط -

مع ارتفاع منسوب التوقعات باقتراب الحوار المباشر بين الحكومة الأفغانية وحركة "طالبان" في العاصمة القطرية الدوحة، بعد قرار الاجتماع القبلي، المعروف محلياً بـ"لويا جيرغا"، بالإفراج عن 400 أسير للحركة، الذين كانت الحكومة قد رفضت الإفراج عنهم بحجة "ارتكابهم جرائم كبيرة"، ارتفعت الآمال باستقرار الأوضاع في أفغانستان. مع العلم أن الوضع الأمني في العاصمة كابول ازداد سوءاً في الفترة الأخيرة.

في السياق، تستمر الاغتيالات وقتل الرموز المحليين منذ فترة، آخرها اغتيال عالم الدين، الكاتب عبد الباقي أمين، الذي اغتيل في كابول قبل أيام، بعد مشاركته في مختلف اجتماعات الصلح المختلفة، وكانت له جهود كبيرة في الصلح وعقد الاجتماعات لتهيئة الأجواء. وجاء اغتياله بعد تعرّض عضوة هيئة التفاوض الحكومية، فوزيه كوفي، لمحاولة اغتيال أصيبت فيها بجروح. وكوفي تدعو بدورها طرفي الحرب إلى التنازل عن موقفيهما من أجل نجاح عملية السلام. وعلى الرغم من أن الاغتيالات ليست جديدة في العاصمة، إلا أن الجديد فيها هو كثافتها من جهة وتركيزها على دعاة المصالحة من جهة أخرى، مثل أمين وكوفي، وهو ما أثار الخوف في صفوف كل دعاة المصالحة. ما دفع الناشط إنعام الله رحماني، إلى القول لـ"العربي الجديد"، إن هناك جهة مناوئة للسلام تقوم بهذه العمليات لإخافة كل من يرفع صوته للسلام.

في موازاة الاغتيالات، تشهد العاصمة الأفغانية هجمات صاروخية منذ فترة، وكان آخرها يوم الثلاثاء الماضي، مع تعرّضها لهجوم بـ20 صاروخاً في يوم الذكرى السنوية الـ101 لاستقلال أفغانستان عن بريطانيا. وأدى هذا الهجوم إلى وقوع انفجارات كبيرة ومقتل شخصين وإصابة 10 آخرين، وأعادت الهجمات بالصواريخ إلى أذهان الأفغان المراحل الصعبة في تسعينيات القرن الماضي، بعد سقوط حكومة محمد نجيب الله، ونشوب حرب أهلية بين الأحزاب الجهادية، دمّرت كابول بشكل كبير.

اغتيل شخصان من دعاة السلام في كابول على يد مجهولين
 

في هذا الصدد، قال فضل مولا، وهو أحد سكان كابول الذين عاشوا الأيام الصعبة، لـ"العربي الجديد"، إنه عندما سمع دوي التفجيرات، يوم الثلاثاء، قرب منزله في منطقة شش درك، تذكر "الأيام التي كانت تسقط فيها الصواريخ على رؤوس الناس من كل الأطراف، وكنا نجمع القتلى والجرحى، ونعيش في خوف دائم"، معرباً عن خشيته من أن تتكرر تلك الحالة مرة أخرى، في حالة فشل جهود السلام. وتؤكد رواية وزارة الداخلية الأفغانية أن الصواريخ التي سقطت بالقرب من القصر الرئاسي والسفارة الأميركية ومناطق حساسة أخرى أُطلقت من سيارتين تسيران بسرعة فائقة داخل المدينة، وهذا ما يطرح تساؤلات حول أداء أجهزة الأمن، إذ كيف يمكن دخول سيارتين تحملان هذا الكم من الصواريخ ثم تتمكنان من إطلاقها على مناطق مختلفة وفي يوم تشهد فيه كابول تأهباً أمنياً، واجتماعات ومهرجانات في كل الدوائر الحكومية بمناسبة الذكرى السنوية الـ101 لاستقلال البلاد.

ما يزيد مخاوف مواطني العاصمة، هو تنامي نفوذ "طالبان" والجماعات المسلحة في ضواحي كابول

وعن ذلك، قال المحلل الأمني عبيد الله وزيري، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن هذا السيناريو خطير جداً ويظهر الوجه الحقيقي لأجهزة الأمن، إذ كيف يمكن أن تسير سيارتان في كابول تطلقان الصواريخ وسط إجراءات أمنية مكثفة وحواجز أمنية عديدة، مضيفاً أن هذا الأمر يشير إلى أمرين: إما أن جهة داخل أجهزة الأمن تقوم بهذه الأعمال لعرقلة عملية الصلح وكي تقول للعالم إن الصلح مع "طالبان" لا جدوى منه، وإما أن الأجهزة فاشلة وغير قادرة على وقف هذه الأعمال. وكانت وزارة الدفاع الأفغانية قد أعلنت، الثلاثاء الماضي، أن قوات الجيش الأفغاني شنت عملية واسعة النطاق في مديرية شكر دره، وقامت بتطهيرها من وجود "طالبان"، بعد أن قتلت خمسة مسلحين وأصابت آخرين. ورأى وزيري أن هذا الإعلان يطرح تساؤلات حول أجهزة الأمن، إذ كيف يمكن للحركة أن تجد نفوذاً في العاصمة التي فيها مئات الآلاف من القوات الأفغانية إلى جانب القوات الأجنبية، لدرجة اضطرت قوات الأمن إلى شن عملية عسكرية كبيرة ضدها، مع عدم استبعاده أن يكون ذلك من أجل ترهيب المواطنين من مجيء "طالبان" والإساءة لسمعتها لدى المواطن الأفغاني. وما يزيد مخاوف مواطني العاصمة، هو تنامي نفوذ "طالبان" والجماعات المسلحة في ضواحي كابول، إذ بات مسلحو الحركة يتجولون في المديريات المختلفة من العاصمة ليلاً ونهاراً من دون خوف. وقال محمد سميع، أحد سكان مديرية قره باغ، إن مسلحي "طالبان" يوزعون المنشورات في المساجد بعد صلاة الجمعة، ويقومون باغتيال الموظفين في الحكومة وقوات الأمن، ولا أحد يستطيع منعهم.

المساهمون