الاستفتاء البريطاني أمام القضاء.. وداعمو الخروج مهددون بالملاحقة القضائية

09 يوليو 2016
مظاهرات بريطانيين ضد الخروج من الاتحاد (مايك كيمب/Getty)
+ الخط -
تنظر المحاكم البريطانية، بعد أيام قليلة، في أول محاولة قانونية لمنع رئيس الوزراء من الشروع في إجراءات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقد حدد القاضي في المحكمة العليا، جستس كرانستون، يوم 19 يوليو/ تموز الجاري، كموعد لجلسة استماع أولية في القضية المرفوعة من طرف المواطن البريطاني دير دوس سانتوس.

في تطور منفصل، قدم المحامي المختص في القضايا الجنائية، أنتوني اسكندر، رأياً قانونياً، يقول فيه إن "السياسيين الذين دعموا حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ربما فتحوا الباب لإمكانية ملاحقتهم قضائياً، بعد تقديم مزاعم غير حقيقية، وبالتالي ارتكبوا جرائم سوء السلوك في الوظيفة العامة بتقديم معلومات مُضللة بهدف التأثير على الناخبين".

ويقول الادعاء إن البرلمان فقط، وليس رئيس الوزراء، هو السلطة المُخولة بالتوقيع على المادة 50 من معاهدة لشبونة، وبالتالي البدء في عملية الانسحاب الرسمية للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

وسيتم الاستماع لمرافعة الادعاء في جلسة حساسة من الناحية السياسية، من قبل اثنين من القضاة. ويقول محامي دوس سانتوس في الدعوى المُقدمة، إن "نتيجة الاستفتاء غير ملزمة قانونياً. بمعنى أنه استشاري فقط، وليس هناك ما يفرض على الحكومة الالتزام بتنفيذ قرار الاستفتاء".

وبالمقابل، يضيف سانتوس، فقد ذكر رئيس الوزراء في مناسبات عدة نيته بتنفيذ قرار الاستفتاء وتنظيم انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، ما يعني أن الحكومة ترى أن رئيس الوزراء لديه القدرة بموجب المادة 50 (2) من معاهدة لشبونة، لتحريك المادة 50 دون الرجوع إلى البرلمان. وبناءً عليه، يوضح المحامي البريطاني، فإنه "تجاوز لحدود السلطة المشروعة للحكومة، لأنه في ظل المتطلبات الدستورية في المملكة المتحدة، فإن إعلام مجلس الاتحاد الأوروبي بالانسحاب لا يمكن أن يُعطى إلا بإذن مسبق من البرلمان البريطاني".

بدوره، يقول المحامي دومينيك شامبرز، ممثل المُدعي، وهو خبير في القانون الدولي والتجاري، إن "السلطات المُخولة لرئيس الوزراء لا يجب أن تستخدم لتقويض النظام الأساسي للسلطات البرلمانية".

وقد اعترف محامو الحكومة باستلام أوراق الدعوى التي قدمت يوم 28 يونيو/ حزيران الماضي. ومن المتوقع أن يجادلوا الادعاء بناءً على صلاحيات رئيس الوزراء التي تخوله تحريك المادة 50 من اتفاق لشبونة. كما أنه من المتوقع أن تصل القضية إلى المحكمة العليا، بعد الطعن عليها، والاستئناف من قبل أي طرف يخسر الأحكام الابتدائية.

في غضون ذلك، باشرت شركة محاماة لندنية، تمثل مجموعة من رجال الأعمال والأكاديميين، رفع دعوى قضائية ترتكز بدورها على معطى أن رئيس الوزراء ليس من حقه تفعيل المادة 50 دون نقاش مستفيض وتصويت في البرلمان، الذي ينبغي أن يكون له "دور" في إيجاد "الطريقة الأمثل للمضي قدماً".

وتقول شركة "ميشكون دي ريا"، إن الأعراف الدستورية في بريطانيا تنص على أن تفعيل المادة 50 من صلاحيات البرلمان، وأن أي رئيس وزراء يستعمل صلاحياته التنفيذية لبدء الإجراءات سيكون قد انتهك القانون، لأنه يخالف قانون 1972 الذي نص على دخول بريطانيا الاتحاد الأوروبي.

وتوضح الشركة أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع آخر، وفق الأعراف الدستورية، وعليه فإن موافقة البرلمان مطلوبة لمنح رئيس الوزراء سلطة بدء إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي.

إلى ذلك، نقلت "بي بي سي" عن  المحامي كسرى نوروزي، من شركة "ميشكون دي ريا"، قوله إنه "علينا أن نتأكد من أن الحكومة تتبع الإجراءات الصحيحة، احتراماً للقانون وحماية للأعراف الدستورية البريطانية، وسيادة البرلمان، في هذه الظروف غير المسبوقة"، وتفعيل المادة 50 من قبل رئيس الوزراء الحالي أو المقبل، دون موافقة البرلمان، سيكون مخالفاً للقانون، حسب الشركة.

من جانبه، هدد المواطن البريطاني المقيم في الخارج، هاري شندلر (94 عاماً)، بالطعن في صحة نتائج الاستفتاء في الأمم المتحدة، بسبب حرمان المواطنين البريطانيين المقيمين في الخارج لأكثر من 15 عاماً، الذين حاولوا إلغاء الحظر، من التصويت.

وقال شندلر إن حوالي 700 ألف من البريطانيين المقيمين في الخارج حرموا من فرصة الاقتراع في استفتاء الشهر الماضي، حول مصير بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.

ومع أن المحاكم البريطانية رفضت دعوى رفعها شندلر، قبيل الاستفتاء، إلا أن الأخير، وهو محارب سابق في الجيش، قال لصحيفة الغارديان: "نشعر أن من حقنا المشاركة في الاستفتاء، وبعد رفض المحاكم البريطانية النظر في قضيتنا لأسباب فنية، سنذهب إلى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، لمطالبتها بإعلان بطلان نتيجة الاستفتاء".

وأضاف شندلر أنه على "اتصال مع مواطنين بريطانيين مقيمين في فرنسا، وإسبانيا، والبرتغال، وألمانيا، لإعداد القضية وتقديمها  للأمم المتحدة، لأن "ما جرى خلال الاستفتاء "يتناقض مع [المادة 21] من إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان [في عام 1948]، والتي تقول إن للمواطنين الحق في المشاركة في انتخاب حكومة بلادهم، وهذا يعني جميع المواطنين بغض النظر عن أماكن إقامتهم".

المساهمون