الاستخبارات الأميركية: السعودية تطوّر برنامج الصواريخ الباليستية بمساعدة الصين

06 يونيو 2019
السعودية وسعت بنيتها التحتية وتكنولوجيا الصواريخ (فرانس برس)
+ الخط -

قالت شبكة "سي أن أن"، إن الحكومة الأميركية حصلت على معلومات استخبارية مفادها أن المملكة العربية السعودية صعدت برنامج الصواريخ الباليستية بشكل كبير بمساعدة الصين.

ونقلت الشبكة عن مصادر، أن إدارة ترامب لم تكشف في البداية عن معرفتها بهذا التطور السري للأعضاء الرئيسيين في الكونغرس، مما أغضب الديمقراطيين الذين اكتشفوه خارج قنوات الحكومة الأميركية العادية وخلصوا إلى أنه تم استبعادهم عن قصد من سلسلة من الإحاطات حيث يقولون إنه كان ينبغي تقديمها.

وتشير المعلومات السرية التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقًا، إلى أن المملكة العربية السعودية قد وسعت كلاً من بنيتها التحتية وتكنولوجيا الصواريخ من خلال عمليات الشراء الأخيرة من الصين.

وأدى اكتشاف الجهود السعودية إلى زيادة المخاوف بين أعضاء الكونغرس بشأن سباق تسلح محتمل في الشرق الأوسط، وما إذا كان يشير إلى موافقة ضمنية من جانب إدارة ترامب في سعيها لمواجهة إيران. تثير الاستخبارات أيضًا أسئلة حول التزام الإدارة بعدم الانتشار الصاروخي في الشرق الأوسط ومدى إطلاع الكونغرس على تطورات السياسة الخارجية في المنطقة المضطربة.

يأتي هذا التطور، وسط توترات متزايدة بين الكونغرس والبيت الأبيض حول انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية.

وعلى الرغم من الانتقادات الحزبية على حرب المملكة في اليمن ودورها في مقتل الصحافي جمال خاشقجي، سعى البيت الأبيض إلى علاقة أوثق مع السعوديين، كما يتضح من قراره الأخير ببيع المملكة أسلحة وذخائر بمليارات الدولارات رغم المعارضة في الكونغرس.

وقالت المصادر إنه على الرغم من أن الهدف النهائي للسعوديين لم يتم تقييمه بشكل قاطع من قبل المخابرات الأميركية، إلا أن التقدم الصاروخي يمكن أن يمثل خطوة أخرى في الجهود السعودية المحتملة لإطلاق رأس حربي نووي في يوم من الأيام.

وأوضح ولي عهد المملكة، محمد بن سلمان، أنه إذا حصلت إيران على سلاح نووي، فإن السعودية ستعمل على أن تفعل الشيء نفسه، وقال بن سلمان بمقابلة تلفزيونية سابقة: "بلا شك، إذا طورت إيران قنبلة نووية، فإننا سوف نحذو حذوها في أقرب وقت ممكن".


وعلى الرغم من أن السعودية من أكبر المشترين للأسلحة الأميركية، إلا أنها مُنعت من شراء صواريخ باليستية من الولايات المتحدة بموجب اللوائح المنصوص عليها في نظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ لعام 1987، وهو اتفاق غير رسمي بين دول متعددة يهدف إلى منع بيع الصواريخ القادرة على حمل أسلحة الدمار الشامل.

ومع ذلك، فقد اتخذ السعوديون موقفًا ثابتًا بأنهم بحاجة إلى مضاهاة قدرات إيران الصاروخية، وطلبوا في بعض الأحيان المساعدة على الجانب الآخر من دول أخرى، بما في ذلك الصين، التي ليست من الدول الموقعة على الاتفاقية.

ومن المعروف أن المملكة العربية السعودية قد اشترت صواريخ باليستية من الصين منذ عدة عقود، وتوقعت تقارير علنية أنه قد تم إجراء المزيد من عمليات الشراء في عام 2007. ولم يتم تقييم المملكة مطلقًا حول قدرتها على بناء صواريخها الخاصة أو حتى نشرها بشكل فعال. 

وبدلاً من ذلك، فإن ترسانة السعوديين من الصواريخ الباليستية الصينية الصنع كانت وسيلة للإشارة إلى قوتها العسكرية المحتملة للخصوم الإقليميين، وخاصة إيران.

لعقود من الزمن عملت الولايات المتحدة لضمان حصول المملكة العربية السعودية على التفوق الجوي في المنطقة إلى حد كبير، من خلال مشترياتها من الطائرات العسكرية الأميركية.

وقال بهنام تاليبلو من مركز أبحاث الدفاع عن الديمقراطيات ومقره واشنطن: "لا تحتاج السعودية إلى سباق إيران على إنتاج أو شراء صواريخ باليستية. لديها بالفعل ميزة عسكرية تقليدية كبيرة".

لكن أثيرت أسئلة في الأشهر الأخيرة حول ما إذا كان هذا الأساس المنطقي لا يزال قائما، خاصة وأن إدارة ترامب قد انسحبت من الاتفاق النووي الإيراني فيما تواجه المملكة تهديدات بالصواريخ الباليستية من وكلاء إيران في اليمن.

وأشارت صور الأقمار الصناعية، التي نشرتها "واشنطن بوست" لأول مرة في يناير/كانون الثاني، إلى أن المملكة شيدت مصنعًا للصواريخ البالستية. قال المحللون الذين شاهدوا الصور إنهم بدوا مطابقين للتكنولوجيا التي ينتجها الصينيون.

وتظهر الصورة الثانية لمنشأة الصواريخ نفسها التي حصلت عليها "سي أن أن" مستوى مشابهًا من النشاط في الموقع في 14 مايو/أيار، وفقًا لجيفري لويس، مدير برنامج شرق آسيا لمنع الانتشار النووي في معهد ميدلبري.

وقال تاليبلو: "اهتمام السعودية المعلن بالإنتاج المحلي للصواريخ البالستية يجب أن يرفع الحواجب عن حق". "يشير كلٌّ من قاعدة الصواريخ المبلغ عنها واهتمام الرياض بإنتاج دورة وقود محلية رغم أنها ما زالت ناشئة، إلى الرغبة في التحوط ضد إيران".

رفضت وكالة المخابرات المركزية ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية التعليق على أي معلومات تتعلق بنشاط المملكة العربية السعودية للصواريخ الباليستية أو ما إذا كانت الولايات المتحدة تعتقد أن المملكة تتعاقد في هذا المجال مع شركاء أجانب. ولم يرد متحدث باسم السفارة السعودية في الولايات المتحدة على طلب للتعليق.

وذكرت وزارة الخارجية الصينية في بيان لها، أن الصين والمملكة العربية السعودية "شريكان استراتيجيان شاملان" وأن البلدين "يحافظان على تعاون ودي في جميع المجالات، بما في ذلك في مجال مبيعات الأسلحة، وهذا التعاون لا ينتهك أي قوانين دولية، ولا يشمل انتشار أسلحة الدمار الشامل".

ورفض مسؤول في وزارة الخارجية التعليق على المسائل الاستخباراتية السرية، لكنه أخبر شبكة "سي أن أن" أن المملكة العربية السعودية تظل طرفًا في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وقبلت التزاماً مطلقاً بعدم امتلاك أسلحة نووية. كما أشار المتحدث إلى بيان صدر مؤخراً عن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية يعيد فيه تأكيد التزام الولايات المتحدة بـ"هدف شرق أوسط خالٍ من أسلحة الدمار الشامل وأنظمة إيصالها".

وتراقب وكالات الاستخبارات الأميركية باستمرار تطوير الصواريخ البالستية الأجنبية، وتدفق المواد في جميع أنحاء العالم. ويتم تحليل المعلومات الاستخبارية ذات الصلة على أساس يومي وأي تغيير مهم من المرجح أن يجعله في الموجز اليومي الرئاسي، وفقا لمسؤولين سابقين في المخابرات الأميركية.