في ظل معاناة نحو مليار إنسان من الجوع المزمن، مع توقعات بزيادة عدد سكان العالم بحلول 2030، لا تبدو تلبية الاحتياجات المباشرة لتلك الأعداد المتنامية للغذاء، وتخفيض معدلات الجوع ممكنة، ما لم يترافق معها زيادات في كميات الغلال، غير أن الإنتاج المتزايد للأغذية يتوقف بقدر أكبر على الاستثمار في تقنيات التحكم في المياه. فالزراعة ـ وفقاً للكاتب البيئي أحمد الشربيني ـ مسؤولة عن سحب 70 في المائة من المياه العذبة، ليصبح القطاع الزراعي مواجهاً بتحديات الإنتاج الأكبر، وجودة الغذاء، مع استخدام موارد أقل، وضمان استمرارية بيئية.
قبل أكثر من نصف قرن تنبأ صاحب كتاب "القنبلة السكانية" بموت الملايين من البشر جوعاً فـ"معركة إطعام البشرية كلّها قد انتهت بالفعل" لكنّ جيلاً جديداً من بذور المحاصيل عالية الأغلال مثل الأرز والذرة والقمح في ما سمي حينها بـ"الثورة الخضراء" كذّبت نبوءة بول إلريك، وأصبح العالم ينتج أضعاف ما ينتجه من الغذاء، مستهلكاً ثلاثة أضعاف ما كان يستهلكه من المياه. وهناك تأكيدات على أنّ مصادر المياه المستخدمة جزئياً في أفريقيا تنطوي على إمكانيات هائلة للريّ في حالة تطبيق تقنيات بسيطة ورخيصة. فالآن تُروى نحو 7 في المائة، من الأراضي الصالحة للزراعة، باستخدام أقل من 6 في المائة من موارد المياه المتاحة، والقابلة للتجدّد، بينما تستخدم في آسيا 20 في المائة من المياه لريّ 7 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة. وفي معظم البلدان ارتبط ريّ المحاصيل ببناء السدود، وإفراغ الأنهار في قنوات الريّ، ما ألحق أضراراً جسيمة بالأنهار وأنظمتها الايكولوجية، بالرغم من أنّ الأمطار كانت تعيد ملء الأنهار في معظم الأوقات.
اقــرأ أيضاً
مع الهجوم الكبير على المياه الجوفية في مناطق عدة لم يعد السؤال هل ستنفجر فقاعة الغذاء؟ ـ وفقاً للمحلل البيئي الأميركي ليستر براون مؤسس معهد سياسة الأرض- بل متى ستنفجر؟
في رسالة مفتوحة إلى الحكومة الجديدة في السودان، سرد عمر مصطفى، الذي كان يعمل في إحدى الشركات العربية، أنّها تعذّر عليها أمر الاستثمار في مصر وبلاد الشام وغيرهما، وحصلت على الفرصة في السودان، حيث وجدت من يمنحها الأراضي البكر الواسعة لـ99 عاماً، في مقابل رمزي لخزينة الدولة، مع مبالغ التسهيلات الكبيرة للمسؤولين عن الاستثمار حينها. فانتشرت الشركات المتخصصة في زراعة وتصدير البرسيم المعروف عنه إهلاك التربة، واستهلاك كميات كبيرة من المياه في ثلاث ولايات؛ الشمالية ونهر النيل وشمال كردفان. وقد نادى مصطفى الذي بارح عمله محتجاً في ما يشبه التفجير للقضية لكلّ ما يتعلق بأمر هذه الاستثمارات المجحفة، منادياً بضرورة مراجعة العقود المبرمة، ووقف عمليات التآمر على موارد البلاد، والعمل على توجيه الاستثمار لمصلحة الاقتصاد السوداني. فهل ستتوقف هذه الاستثمارات؟ أم سيكون الانفجار الثاني -المرغوب فيه- وشيكاً؟
*متخصص في شؤون البيئة
قبل أكثر من نصف قرن تنبأ صاحب كتاب "القنبلة السكانية" بموت الملايين من البشر جوعاً فـ"معركة إطعام البشرية كلّها قد انتهت بالفعل" لكنّ جيلاً جديداً من بذور المحاصيل عالية الأغلال مثل الأرز والذرة والقمح في ما سمي حينها بـ"الثورة الخضراء" كذّبت نبوءة بول إلريك، وأصبح العالم ينتج أضعاف ما ينتجه من الغذاء، مستهلكاً ثلاثة أضعاف ما كان يستهلكه من المياه. وهناك تأكيدات على أنّ مصادر المياه المستخدمة جزئياً في أفريقيا تنطوي على إمكانيات هائلة للريّ في حالة تطبيق تقنيات بسيطة ورخيصة. فالآن تُروى نحو 7 في المائة، من الأراضي الصالحة للزراعة، باستخدام أقل من 6 في المائة من موارد المياه المتاحة، والقابلة للتجدّد، بينما تستخدم في آسيا 20 في المائة من المياه لريّ 7 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة. وفي معظم البلدان ارتبط ريّ المحاصيل ببناء السدود، وإفراغ الأنهار في قنوات الريّ، ما ألحق أضراراً جسيمة بالأنهار وأنظمتها الايكولوجية، بالرغم من أنّ الأمطار كانت تعيد ملء الأنهار في معظم الأوقات.
مع الهجوم الكبير على المياه الجوفية في مناطق عدة لم يعد السؤال هل ستنفجر فقاعة الغذاء؟ ـ وفقاً للمحلل البيئي الأميركي ليستر براون مؤسس معهد سياسة الأرض- بل متى ستنفجر؟
في رسالة مفتوحة إلى الحكومة الجديدة في السودان، سرد عمر مصطفى، الذي كان يعمل في إحدى الشركات العربية، أنّها تعذّر عليها أمر الاستثمار في مصر وبلاد الشام وغيرهما، وحصلت على الفرصة في السودان، حيث وجدت من يمنحها الأراضي البكر الواسعة لـ99 عاماً، في مقابل رمزي لخزينة الدولة، مع مبالغ التسهيلات الكبيرة للمسؤولين عن الاستثمار حينها. فانتشرت الشركات المتخصصة في زراعة وتصدير البرسيم المعروف عنه إهلاك التربة، واستهلاك كميات كبيرة من المياه في ثلاث ولايات؛ الشمالية ونهر النيل وشمال كردفان. وقد نادى مصطفى الذي بارح عمله محتجاً في ما يشبه التفجير للقضية لكلّ ما يتعلق بأمر هذه الاستثمارات المجحفة، منادياً بضرورة مراجعة العقود المبرمة، ووقف عمليات التآمر على موارد البلاد، والعمل على توجيه الاستثمار لمصلحة الاقتصاد السوداني. فهل ستتوقف هذه الاستثمارات؟ أم سيكون الانفجار الثاني -المرغوب فيه- وشيكاً؟
*متخصص في شؤون البيئة