الاستثمارات العمومية دعامة المغرب في العام المقبل

31 ديسمبر 2014
يستمر المغرب في تقوية مشاريع الأشغال العمومية (فرانس برس)
+ الخط -
يعول المغرب خلال السنة المقبلة على الشروع في تنفيذ مجموعة من الاستثمارات الضخمة في مجالات البنية التحتية الضخمة والتصنيع والعقارات. وتولي الحكومة المغربية قطاع الأشغال العمومية اهتماماً بالغاً؛ نظراً لمكانته الاقتصادية. 
وحسب الخطوط العريضة لمشروع قانون مالية سنة 2015، فإن أهم المجالات الاستثمارية التي ستحظى بالرعاية الرسمية القصوى، تتمثل في الصناعات الاستخراجية والطاقة والبناء والأشغال العمومية، بالإضافة إلى السياحة، وهي القطاعات التي شهدت تحسناً ملحوظاً في الأداء والنمو خلال الفصل الثاني من سنة 2014.

أولويات استثمارية 
ويتربع قطاع الأشغال العمومية على رأس أولويات الحكومة المغربية، حيث ستخصص له خلال العام المقبل، كلفة استثمارية تصل إلى 189 مليار درهم (21,396 مليار دولار)، مقابل 186,6 مليار درهم (21,124 دولار) خلال سنة 2014. وستتوزع حصة الأشغال العمومية على مختلف القطاعات المرتبطة بالبنية التحتية الأساسية والتجهيزات الكبرى والطاقة.
وبحكم ارتباط قطاع العقار بالأشغال العمومية في المغرب، فإن هذا الأخير سيشهد طفرة نوعية من حيث نوعية المشاريع، خاصة مع إطلاق برامج تشييد مجموعة من الأقطاب العقارية الضخمة، المرتبطة أساسا بسياحة الأعمال، وتحويل مختلف محطات النقل إلى مراكز تجارية وخدماتية عصرية.
وفي هذا السياق، قال وزير السكن وسياسة المدينة نبيل بن عبد الله في تصريح لـ"العربي الجديد" إن مشاريع وزارته المستقبلية تجاه عقار تطمح إلى تطبيق سياسة المدينة الحديثة والذكية، عبر عقد شراكات بين مختلف الشركاء والمتدخلين سواء في القطاع العام أو الخاص.
وأكد الوزير نبيل بن عبد الله أن خطة العمل الخاصة في فترة (2016-2014) ستشهد إنتاج 170 ألف وحدة عقارية مختلفة الأصناف في السنة، وستشهد كذلك مواصلة النهوض بمختلف البرامج العقارية التي تشرف عليها الوزارة.
وشدد الوزير على أن الاستثمار العقاري في المغرب سيرتكز مستقبلا، على تحسين الفضاء الذي يعيش فيه المواطن المغربي، كما سيفتح فرص مهمة، وأكد أن العقار أرضية خصبة للربح والنمو الاقتصادي.

نمو القطاع العقاري
وأبرز الوزير أن قطاع العقار والبناء في المغرب، سيشهد خلال السنة المقبلة، مواصلة التعاقد مع الفاعلين من أجل بلورة وتفعيل مشاريع المدن، وتقوية الموارد المالية المخصصة لتمويل سياسة المدينة، واستكمال وضع منظومة مواكبة لها. بالإضافة إلى مواصلة جهود دعم الفاعلين المحليين المعنيين ببلورة وتتبع تنفيذ المشاريع المندمجة لسياسة المدينة.
من جهته، يضع عضو لجنة المالية في البرلمان المغربي مهدي المزواري، قطاع الاستثمار في الأشغال العمومية، ضمن أولويات الدولة الكبرى منذ تولي الملك محمد السادس الحكم، وكذا مع بدء ولاية حكومة التناوب التوافقي، التي رأت أن المغرب في حاجة إلى استدراك الأخطاء القاتلة التي وقع فيها سنوات بعد الاستقلال، حين أغفل موقعه الجغرافي، ولم يهتم بتقوية البنية التحتية والمرافق العمومية والخاصة المستقطبة لرؤوس الأموال والاستثمارات.
وأكد المزواري أن هذا القطاع هو من التوجهات الاقتصادية الاستراتيجية التي يتفق عليها الجميع. وشرح أن "البنية التحتية هي الأمل والرافعة المستقبلية للاقتصاد المغربي. وما يمكن مناقشته في هذا الصدد، هو حجم إنجاز الحكومة للمشاريع، عبر تقييم موضوعي وعلمي يرصد مكامن الخلل لإصلاحها".
وعن اعتماد توجه بناء عقارات ضخمة وأقطاب سكنية متكاملة، قال المزواري، إن المغرب في حاجة اليوم إلى أرضية صلبة عقارياً، تكون قاعدة لاستقطاب الاستثمارات، وتجعل من المملكة حلقة وصل بين مختلف القارات والدول، ولن يتحقق ذلك إلا بمشاريع عقارية ضخمة توازي حاجيات المستثمرين.
بدوره، أوضح الخبير الاقتصادي المغربي هشام الموساوي، أن المغرب يعول دائما على محركين للاقتصاد: وهما، الطلب الداخلي والاستثمار في الأشغال العمومية. وذلك ما دفعه إلى تنفيذ وتقوية المشاريع العمومية منذ سنة 2000. وأكد الموساوي، أن نسبة النمو تضاعفت في المغرب بفضل هذه السياسة، وهي التي لم تكن تتجاوز مطلع سنة 1990 حوالى 2 %، لكن أصبحت تبلغ اليوم 4 %.
ويفسر الموساوي في تصريحه لـ"العربي الجديد"، تركيز المغرب على الاستثمار في الأشغال العمومية بضعف الاستثمار الخاص، والذي يعاني من غياب التمويل وضعف مناخ الأعمال، لذلك تنهج المملكة سياسة تعويض ما تخسره من عائدات في القطاع الخاص، بالمحافظة على المجهود المبذول في القطاع العام منذ مدة.
ويرى الموساوي أن سنة 2015 ستكون أحسن من سابقتها، التي شهدت تخفيض الاستثمار في القطاع العام بـ15 مليار درهم (حوالى 1,698 مليار دولار). وما ساهم في ذلك، حسب المتحدث ذاته، تقليص حجم النفقات على صندوق المقاصة (دعم المنتوجات الأساسية)، ما وفر للدولة سيولة مهمة منحتها إمكانية توظيف الأموال في الأشغال العمومية.
وتساءل المتحدث: "هل هذه الاستثمارات ناجعة؟" وأجاب: "الاستثمارات العمومية في المغرب توجه نحو مجالات تظهر أرباحها في المدى المتوسط والبعيد، والمشكل أنها مبنية على منطق سياسي". ويعطي المثال بدول شبيهة بالمغرب تعتمد نفس السياسة، كتونس، وماليزيا، وتركيا، حيث قال إن هذه الأخيرة يمكن أن توظف نفس ما يوظفه المغرب من أموال، لكن عائداتها تكون أكبر، ويشرح ذلك بأن المغرب إن أراد زيادة نقطة واحدة في معدل النمو، عليه رفع الاستثمار في الأشغال العمومية بنسبة 4%، لكن يكفي أن ترفع تركيا النسبة بـ2% فقط وتحقق نفس الهدف.
ويصف الخبير الموساوي الاستثمار في الأشغال العمومية بأنه ضرورة اقتصادية. وتابع "إن أرادت الدولة الاستفادة منه بشكل مباشر، ينصح باعتماد توظيف الأموال في القطاعات ذات المردودية، وتوجيه دفة الاستفادة من أكبر حصة للمشاريع الخاصة بالبنيات التحتية الموجهة للتصدير والتجارة، لأنها مستقطب مهم للعملة الصعبة بدرجة أولى، وموفرة لفرص الشغل بدرجة ثانية".
المساهمون