"نعمة كبيرة، أدعو الله أن تستمر"، تلك النعمة هي الاختناقات المرورية في طرق العاصمة العراقية بغداد، والمبتهل بالدعاء أن تستمر هذه الأزمة هو بائع جائل، يتخذ من تقاطعات الطرق مكاناً لبيع بضاعته من المناديل.
ويرى البائع فارس رضا أن للازدحام الفضل في أن يكسب رزقه ورزق أطفاله، وهو رغم معاناته من آلام الكلى يعمل نحو 15 ساعة يوميا.
ويؤكد لـ"العربي الجديد" أنه لن يجد أفضل من الازدحام المروري مكاناً للعمل "فهو لا يحتاج إلى ترخيص، وإجازة فتح محل تجاري ودفع إيجارات وفواتير مختلفة، مثلما فعل غيري ولحقتهم خسائر".
الازدحام المروري مشهد مألوف في بغداد، وبدأ بالظهور منذ نحو عشر سنوات، حين نشب العنف الطائفي في البلاد، ولجأت القوات الأمنية إلى قطع الشوارع وتقليل المسارات المخصصة للسيارات، خصوصا مع ظهور تنظيم القاعدة في العراق عام 2004، ثم تنظيم "داعش" في 2014، واعتمادهما على عمليات التفجير ضد القوات الأمنية وفي الأسواق والأحياء المدنية.
ويوضح الخبير الاقتصادي أحمد العمري، لـ"العربي الجديد" أن "العراق لم يهدأ منذ عقود، وزاد توتراً من الجانب الأمني منذ غزوه عام 2003، ثم ظهور الجماعات الإرهابية التي تستمر في خلق عدم الاستقرار من خلال تفجيرات مستمرة داخل المدن تستهدف بها المدنيين".
ويلفت إلى أن تلك "الأعمال الإرهابية تخنق الاقتصاد، وكذلك الحلول الحكومية غير المجدية، واعتماد أساليب أمنية منها قطع الكثير من الطرق، ما تسبب في وقف العديد من الأماكن التجارية".
اقــرأ أيضاً
ويشير إلى أن قطع الطرق "أثبت فشله، لأن البائعين تركوا الأسواق التي أحيطت بالحواجز الكونكريتية لحمايتها، وراحوا يعرضون بضائعهم خارجها، فأصبحوا هدفاً سهلاً للإرهابيين، كما أن الباعة تسببوا في تضييق الطرقات والازدحام المروري".
في بغداد لا يمكن أن يسير السائق بسرعة 100 كلم في الساعة على الطرق السريعة، إلا بعد منتصف الليل، عندما تهدأ الحركة في الشوارع.
ويروي نهاد عبد الحق لـ"العربي الجديد"، وهو سائق سيارة أجرة أن شخصين احتدم الشجار بينهما في حي جميلة شرقي بغداد، فأخرج أحدهما مسدسا من سيارته وأطلق عدة رصاصات فوق رأس الرجل الآخر، متهما إياه بالنظر إلى زوجته ومعاكستها.
ويؤكد أن قصصاً كثيرة عاشها في الازدحام، من أصعبها وأكثرها ألماً أن "شاباً كان ينوي الوصول بسرعة إلى المستشفى، لرؤية والده الذي كان ينازع الموت، وكنت يومها أركن في دور سيارات الأجرة قرب موقف السيارات القادمة من البصرة، فطلب مني إيصاله إلى مستشفى مدينة الطب".
ويتابع: "كان الشاب يتحدث مع شقيقه الموجود في المستشفى عبر الهاتف وهو يبكي، حاولت جاهداً التخلص من الازدحام لإيصال الشاب إلى والده في الوقت المناسب، لكن الازدحام حرم الأب من رؤية ولده قبل رحيله".
كل شيء يقع بسبب الازدحام المروري حتى الخلافات الزوجية، ذلك ما اتضح لـ"العربي الجديد" من خلال ما كشفه عراقيون.
اقــرأ أيضاً
يشير صلاح رشيد (27 عاماً) إلى أنه أثناء اصطحاب زوجته لإجراء تحليلات طبية، كان الباعة الجائلون يمرون على السيارات المتوقفة، وكانت فتاة عشرينية تبيع أنواعاً من الحلوى، طلبت مني بإلحاح شراء بعض منها، ثم قالت مشيرة إلى زوجتي ربي يحفظ لك أمك.
ويتابع: "جنّ جنون زوجتي ونهرت الفتاة بشدة، لكن أثر المشكلة استمر طويلا، وكلما تتذكرها تنتابها حالة من التوتر والعصبية".
ويعتبر الازدحام المروري نعمة للكثيرين، ومنهم محمد عبد الرحمن، الذي يستغل وقت الازدحام في القراءة. ويقول لـ"العربي الجديد": "خلال حضوري ندوة فكرية قبل أربعة أعوام، قال أحد المتحدثين رداً على شكوى بعضهم من عدم توفر وقت للمطالعة، إن من يريد وقتاً للمطالعة يجده، وبدل الضجر في الازدحام، اجعل الكتاب أنيسك واقرأ".
أما عمر وزوجته أسيل فيدينان بالفضل للازدحام في تعارفهما، الذي تطور إلى الحب فالزواج الذي أثمر ابنتهما دانة ذات الشهور السبعة.
لكن يبقى أكثر ما يُتفق عليه هو رأي سائقي سيارات الأجرة، الذين يؤكدون أن كل ما تريد معرفته عن العراق تجده خلال الازدحامات المرورية!
اقــرأ أيضاً
ويرى البائع فارس رضا أن للازدحام الفضل في أن يكسب رزقه ورزق أطفاله، وهو رغم معاناته من آلام الكلى يعمل نحو 15 ساعة يوميا.
ويؤكد لـ"العربي الجديد" أنه لن يجد أفضل من الازدحام المروري مكاناً للعمل "فهو لا يحتاج إلى ترخيص، وإجازة فتح محل تجاري ودفع إيجارات وفواتير مختلفة، مثلما فعل غيري ولحقتهم خسائر".
الازدحام المروري مشهد مألوف في بغداد، وبدأ بالظهور منذ نحو عشر سنوات، حين نشب العنف الطائفي في البلاد، ولجأت القوات الأمنية إلى قطع الشوارع وتقليل المسارات المخصصة للسيارات، خصوصا مع ظهور تنظيم القاعدة في العراق عام 2004، ثم تنظيم "داعش" في 2014، واعتمادهما على عمليات التفجير ضد القوات الأمنية وفي الأسواق والأحياء المدنية.
ويوضح الخبير الاقتصادي أحمد العمري، لـ"العربي الجديد" أن "العراق لم يهدأ منذ عقود، وزاد توتراً من الجانب الأمني منذ غزوه عام 2003، ثم ظهور الجماعات الإرهابية التي تستمر في خلق عدم الاستقرار من خلال تفجيرات مستمرة داخل المدن تستهدف بها المدنيين".
ويلفت إلى أن تلك "الأعمال الإرهابية تخنق الاقتصاد، وكذلك الحلول الحكومية غير المجدية، واعتماد أساليب أمنية منها قطع الكثير من الطرق، ما تسبب في وقف العديد من الأماكن التجارية".
ويشير إلى أن قطع الطرق "أثبت فشله، لأن البائعين تركوا الأسواق التي أحيطت بالحواجز الكونكريتية لحمايتها، وراحوا يعرضون بضائعهم خارجها، فأصبحوا هدفاً سهلاً للإرهابيين، كما أن الباعة تسببوا في تضييق الطرقات والازدحام المروري".
في بغداد لا يمكن أن يسير السائق بسرعة 100 كلم في الساعة على الطرق السريعة، إلا بعد منتصف الليل، عندما تهدأ الحركة في الشوارع.
ويروي نهاد عبد الحق لـ"العربي الجديد"، وهو سائق سيارة أجرة أن شخصين احتدم الشجار بينهما في حي جميلة شرقي بغداد، فأخرج أحدهما مسدسا من سيارته وأطلق عدة رصاصات فوق رأس الرجل الآخر، متهما إياه بالنظر إلى زوجته ومعاكستها.
ويؤكد أن قصصاً كثيرة عاشها في الازدحام، من أصعبها وأكثرها ألماً أن "شاباً كان ينوي الوصول بسرعة إلى المستشفى، لرؤية والده الذي كان ينازع الموت، وكنت يومها أركن في دور سيارات الأجرة قرب موقف السيارات القادمة من البصرة، فطلب مني إيصاله إلى مستشفى مدينة الطب".
ويتابع: "كان الشاب يتحدث مع شقيقه الموجود في المستشفى عبر الهاتف وهو يبكي، حاولت جاهداً التخلص من الازدحام لإيصال الشاب إلى والده في الوقت المناسب، لكن الازدحام حرم الأب من رؤية ولده قبل رحيله".
كل شيء يقع بسبب الازدحام المروري حتى الخلافات الزوجية، ذلك ما اتضح لـ"العربي الجديد" من خلال ما كشفه عراقيون.
يشير صلاح رشيد (27 عاماً) إلى أنه أثناء اصطحاب زوجته لإجراء تحليلات طبية، كان الباعة الجائلون يمرون على السيارات المتوقفة، وكانت فتاة عشرينية تبيع أنواعاً من الحلوى، طلبت مني بإلحاح شراء بعض منها، ثم قالت مشيرة إلى زوجتي ربي يحفظ لك أمك.
ويتابع: "جنّ جنون زوجتي ونهرت الفتاة بشدة، لكن أثر المشكلة استمر طويلا، وكلما تتذكرها تنتابها حالة من التوتر والعصبية".
ويعتبر الازدحام المروري نعمة للكثيرين، ومنهم محمد عبد الرحمن، الذي يستغل وقت الازدحام في القراءة. ويقول لـ"العربي الجديد": "خلال حضوري ندوة فكرية قبل أربعة أعوام، قال أحد المتحدثين رداً على شكوى بعضهم من عدم توفر وقت للمطالعة، إن من يريد وقتاً للمطالعة يجده، وبدل الضجر في الازدحام، اجعل الكتاب أنيسك واقرأ".
أما عمر وزوجته أسيل فيدينان بالفضل للازدحام في تعارفهما، الذي تطور إلى الحب فالزواج الذي أثمر ابنتهما دانة ذات الشهور السبعة.
لكن يبقى أكثر ما يُتفق عليه هو رأي سائقي سيارات الأجرة، الذين يؤكدون أن كل ما تريد معرفته عن العراق تجده خلال الازدحامات المرورية!