وضعت التفجيرات وأعمال العنف المتكررة في شبه جزيرة سيناء شمال شرق مصر، مشروعات التنمية الاقتصادية في هذه المنطقة في مهب الريح، في ظل مخاوف متنامية من تضرر الاستثمارات القائمة بشكل كبير وعدم القدرة على ضخ رؤوس أموال جديدة، ما يعيق فرص النمو وتراجع معدلات البطالة في البلاد.
وقتل 33 جندياً على الأقل وجرح العشرات في هجوم يوم الجمعة الماضي، على نقطة عسكرية في شمال سيناء، لتعد تلك هي الخسارة الأكبر للجيش المصري في عملية واحدة منذ عقود.
وقال الخبير الاقتصادي المصري، خالد النشرتي، في اتصال هاتفي بمراسل "العربي الجديد"، إن التفجيرات المتوالية بمعظم أنحاء مصر، وسيناء بالتحديد تعد كارثة كبيرة تدمر الاقتصاد، الذي يعاني من الانهيار في الفترة الأخيرة.
وأوضح أن التفجيرات وأعمال العنف المتكررة، أدّت إلى عدم دخول استثمارات جديدة، وأرهبت رجال الأعمال، خصوصاً الأجانب، الذين يفضلون الاستثمار في الدول المستقرة والآمنة تماماً.
واستبعد النشرتي ضخ أي استثمارات جديدة فى جنوب سيناء خلال العام الجديد، بسبب الظروف الأمنية وتردّي الوضع الاقتصادي، وضعف السيولة المالية لدى الشركات للدخول فى مشروعات جديدة.
وطرحت الحكومات المصرية المتعاقبة، لاسيما بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، مشروعات للتنمية في سيناء في قطاعات صناعية ولوجستية وسياحية، حيث كانت حكومة هشام قنديل في عهد الرئيس محمد مرسي، الذي أطاحه الجيش في الثالث من يوليو/تموز، تخطط لتنفيذ هذه المشروعات.
وشبه جزيرة سيناء تمثل 6% من مساحة مصر الإجمالية، وهي تقسم إدارياً إلى محافظتين شمالية وجنوبية.
وحسب النشرتي، فإن مشروعات عدة توقفت في سيناء، كما توقفت المصارف عن تمويل مشروعات في هذه المنطقة.
وقال رئيس الغرفة التجارية بشمال سيناء، عبد الله قنديل، إن المستثمرين في سيناء يشعرون بالإحباط نظراً لانعدام الأمن بكل مناطق سيناء.
وأوضح أنه لا يمكن التنبؤ بنتائج التفجيرات الأخيرة، غير أنه سيكون لها أثر بالغ على الاستثمار والسياحة في المنطقة خصوصاً وفي مصر عموماً.
وأضاف أن المشاكل الأمنية فى سيناء عموماً، لا ينبغي حلها عبر العمليات العسكرية وحدها فهناك جانب تنموي يجب على الدولة القيام به عبر توفير الخدمات اللازمة لأهالي المنطقة، سواء المتعلقة بالجامعات والمدارس والمستشفيات.
وأكد المدير العام للمنطقة الصناعية في أبوزنيمة بسيناء، خميس حسن، أن المنطقة الصناعية التي تضم مصانع للجبس والرمل الزجاجي شبه متوقفة، مشيراً إلى أن معوقات الاستثمار السبب الرئيسي في عدم إقامة المصانع بها، وكذلك عزوف المستثمرين.
وقال إن المشروع القومي لتنمية سيناء الذي طرحته الحكومة منذ سنوات سابقة، كان يفترض أن ينقل سيناء من التصحر الجزئى إلى العمران الكلي، عبر استغلال ثرواتها، إلا أنه فشل بامتياز فى تحقيق أهدافه حتى الآن.
وهذا المشروع أقره مجلس الوزراء فى الثالث عشر من أكتوبر/تشرين الأول من عام 1994، بتكلفة استثمارية بلغت وقتها 75 مليار جنيه بما يعادل (10.4 مليارات دولار)، لخلق 800 ألف فرصة عمل واستصلاح وزراعة 400 ألف فدان.
ومن ضمن أهداف المشروع توطين ما يقرب من 3 ملايين مواطن فى سيناء، منهم 2.45 مليون نسمه بمحافظة شمال سيناء وحدها.
كذلك بدأت حكومة إبراهيم محلب الحالية في تنفيذ بعض ملامح مشروع تنمية إقليم قناة السويس، الذي يضم محافظات السويس والإسماعيلية (شرق) وبورسعيد وسيناء (شمال)، والذي سبق أن اتخذ نظام مرسي خطوات في تدشينه قبل أن يطيحه الجيش.
ومشروع تنمية إقليم قناة السويس يهدف إلى تعظيم دور إقليم القناة، كمركز لوجستي وصناعي عالمي متكامل اقتصادياً وعمرانياً، حيث تتوافر في الإقليم إمكانيات جذب في مجالات النقل واللوجستيات، والطاقة، والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والزراعة والعقارات.
وقال المدير العام للمنطقة الصناعية بأبوزنيمة، إن أعمال التنمية في سيناء معطلة، رغم أنها تضم مناطق عدة غنية بالمواد الخام، لاسيما في قطاع التعدين.
وأشار إلى أنه يوجد بمحافظة شمال سيناء، أربع مناطق صناعية، الأولى ببئر العبد والثانية هي منطقة الصناعات الثقيلة بوسط سيناء ومنطقة الصناعات الحرفية بالعريش (شمال) والرابعة هي منطقة الصناعات الحرفية لمواد البناء بالعريش أيضاَ، وأغلب هذه المناطق تحتاج إلى استثمارات لإقامة البنية التحتية وتنفيذ المشروعات المخطط لها.
وسبق أن قال حمدي زاهر، رئيس المجلس التصديري للصناعات التعدينية في تصريحات صحافية مؤخراً، إن 90% من محاجر شمال سيناء متوقفة بسبب الاضطرابات الأمنية بالمحافظة، مشيراً إلى أن العمال متخوفون في ظل وجود المناجم في مناطق ساخنة وبؤر إرهابية.
وأضاف أن محاجر سيناء تعد من أهم المحاجر التي يجري الاعتماد عليها لتوفير المواد الخام الخاصة بمواد البناء وقطاعات الزجاج.
وبينما تعددت الخطط الحكومية لتنمية سيناء في قطاعات عدة، لاسيما الصناعة والزراعة والثروة السمكية والإسكان، حسب البيانات الرسمية، إلا أن أغلب المشروعات ما تزال قاصرة على الجانب السياحي في المناطق الجنوبية على ساحل البحر الأحمر.
وقال المستثمر في قطاع السياحة، ناصر أبو عكر، إن سيناء في وضع سيئ للغاية منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وزادت الأمور سوءاً في العام الأخير إلى درجة لا يقوى عليها أي مستثمر.
وأشار إلى أن بعض شركات إدارة الفنادق العالمية تدرس الانسحاب من المنطقة، بسبب حساسيتها السياسية، متوقعاً حصول إلغاءات للحجوزات من جانب الدول الاوروبية خلال الايام القليلة المقبلة.
وكان محافظ البحر الأحمر، اللواء أحمد عبدالله، قد أصدر مؤخراً قراراً بتشكيل لجنة لبحث المشروعات الاستثمارية المتوقفة على مستوى البحر الأحمر ووصل عددها 300 مشروع.