وجاء التقرير بعد أن كشفت القناة الأولى، يوم الجمعة، عن أنّ وقف عمليات البناء يكلّف الاقتصاد الإسرائيلي خسائر تبلغ نحو مليار شيكل سنوياً، مشيرةً إلى أنّ بعض شركات الهايتك (التكنولوجيا عالية التطوير) والسايبر (الحرب الإليكترونية) الدولية، التي كانت تعتزم الاستثمار في النقب، أوقفت نشاطها.
وذكرت "يسرائيل ديفيس" أنّ مدير عام وزارة الأمن الإسرائيلية، الجنرال في الاحتياط، دان هرئيل، عقد جلسةً خاصة لإغلاق المديريات الجديدة، التي كان يفترض فيها تنظيم مسألة انتقال القواعد العسكرية الإسرائيلية المختلفة من وسط إسرائيل وشمالها، ونقلها إلى النقب.
وعلى الرغم من عدم اتخاذ قرار بإغلاق هذه المديريات، إلا أنّه تقرّر حالياً تجميد كل نشاط نقل القواعد العسكرية، وتحديداً الاستخبارات العسكرية، ووحدات السايبر إلى النقب.
وجاءت هذه الخطوة على الرغم من أن مشروع تركيز الوحدات والقواعد العسكرية الإسرائيلية، في النقب، كان قد انطلق في عهد حكومة أرئيل شارون، وحظي بتأييد بنيامين نتنياهو، الذي يعتبره مشروعاً قومياً.
واعتبر شارون حينها أنّ نقل القواعد العسكرية المختلفة إلى النقب يمكِّن الجيش من التخلّي عن المساحات الواسعة، التي يملكها في وسط إسرائيل وشمالها، لبيعها كعقارات وأراض للبناء والتخطيط، مما يدخل على خزينة الجيش مليارات الشواكل، ويساعد في بناء قوته العسكرية.
واليوم، يسعى نتنياهو، على الأقل وفق برامجه المعلنة، إلى تحويل النقب إلى عاصمة للهايتك والسايبر، على غرار وادي السيلكون في الولايات المتحدة. وتشكل خطة نقل القواعد العسكرية، وتركيز وحدات السايبر والاستخبارات في النقب، رافعة لتعمير النقب، وبالأساس لضمان بسط السيطرة الإسرائيلية على أراضيه، بشكل يتماشى مع مشروع تحويل بئر السبع، إلى حاضرة مدينة كبرى.
وتحاول الحكومة الإسرائيلية، لا سيما بعد فشل مخطط برافر، في العام الماضي، بسلخ نحو 850 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية، استملاك هذه الأراضي ومصادرتها ضمن برامج ومشاريع "بناء وتخطيط"، تدخل فيها خطة تحويل بئر السبع إلى حاضرة مدينة "متروبولين"، ووضع يدها على هذه الأراضي أيضاً للاستخدامات العسكرية، مثل بناء مدينة القواعد العسكرية.
وتشكّل المشاريع الإسرائيلية في هذا السياق، أداة للاستيلاء على ما تبقى من أراض فلسطينية في النقب، تعود ملكيتها اليوم إلى نحو 30 ألف فلسطيني عربي في النقب، يعيشون في بلدات وقرى ترفض الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بها، ومدها بالخدمات الأساسية مثل شبكات الطرق وخدمات المياه والكهرباء، وحتى الصحة.
وبحسب "إسرائيل ديفينز" أيضاً، فإنّ المخططات الإسرائيلية تقوم على جلب استثمارات لشركات الهايتك العالمية من جهة، وتجميع مختلف وحدات الاستخبارات الإسرائيلية، بما فيها الوحدة 8200 والوحدات الخاصة، ووحدات التجسس الإلكترونية في قاعدة واحدة، مع بناء مدينة تتّسع لعشرات آلاف الجنود، وقادتهم العسكريين في الوحدات التكنولوجية.
يشار إلى أنّه كان من المقرر إنهاء هذا المشروع في عام 2018، ولكن تمّ تأجيله إلى عام 2022، والآن يجري الحديث عن إلغائه كلياً. وقد قامت وزارة الأمن الإسرائيلية خلال العام الحالي، وخلافاً للمخططات الأولية، بتجميد كافة العطاءات والمناقصات، وتم استغلال ميزانية قدرها 200 مليون شيكل، كان يفترض أن تخصص لأعمال البنى التحتية في المدينة الجديدة، في نشاط الجيش الاعتيادي.
ووفقا لـ"إسرائيل ديفينز" فإنّ هذه الخطوة، بتجميد العمل في المشروع، جاءت في إثر الخلاف بين وزارتي المالية والأمن حول مصادر تمويل بناء المدينة الجديدة، ونقل القواعد إليها في المرحلة الحالية، علما بأن تمويل المشروع يفترض أن يأتي من عملية بيع المساحات الواسعة من الأراضي، التي يحتلها الجيش في وسط إسرائيل، وتقوم عليها قواعده العسكرية المختلفة.