الاحتلال والسلطة الفلسطينية اعتقلا المئات من نشطاء شبكات التواصل

16 ابريل 2017
حالة ترقب واستنفار في أجهزة الأمن الإسرائيلية (Getty)
+ الخط -



كشف تقرير خاص للمراسل العسكري في صحيفة هآرىتس، عاموس هرئيل، اليوم الأحد، أن سلطات الاحتلال اعتقلت العام الماضي أكثر من 400 فلسطيني، بعد مراقبة نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديد ما ادعى الاحتلال أنه مؤشرات لاحتمال قيامهم بتنفيذ عمليات.

وفيما أشار التقرير إلى أن السلطة الفلسطينية اعتقلت هي الأخرى، في نفس الفترة، نفس العدد تقريبا ولنفس الأسباب، مع رصد الاحتلال؛ يذكر التقرير أن نحو 2200 فلسطيني كانوا مرشحين، وفقا لنشاطهم على الشبكة للقيام بعمليات ضد الاحتلال، منذ بدء انتفاضة الأفراد، التي يحددها جيش الاحتلال بالانطلاق في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2014 مع قتل اثنين من المستوطنين في عملية إطلاق نار قرب مدينة نابلس.

ويبيّن تقرير هآرتس، أن: "الاحتلال الذي فاجأته انتفاضة الأفراد، التي اندلعت في أواخر سبتمبر/أيلول عام 2015 واجتاحت الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة في مدينة القدس ومحيطها مع توالي عمليات الطعن، بداية بشكل شبه يومي، قد استنزفت قوات الاحتلال وأجهزة الاستخبارات في محاولة رسم ملامحها ومميزاتها، خاصة بعد أن تبيّن بعد كل عملية أن منفذي العمليات لم يكونوا من نشطاء التنظيمات أو الفصائل المختلفة، وأنهم قاموا بعمليات بشكل مستقل ودون أي استعدادات أو ترتيبات سابقة، أو اللجوء لأي من الحركات والفصائل الفلسطينية المختلفة".


وكان الاحتلال حاول، في سياق الحرب النفسية التي خاضها في عام 2016، في مواجهة الانتفاضة، الادعاء مرارا بأن منفذي العمليات كانوا من الشباب الفلسطيني الذي يعيش حالة يأس، أو من هم من "هوامش المجتمع" الفلسطيني، وهو ادعاء يعاود تقرير هآرتس للتذكير به مجددا باعتباره أحد أهم العوامل، إلى جانب النشاط الفلسطيني على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث شن الاحتلال في حينه حرباً على السلطة الفلسطينية واتهمها بتشجيع التحريض على هذه الشبكات وعدم القيام بأي عمل لمواجهته.

في المقابل يقول التقرير، إن: "الاحتلال تمكّن، في الفترة الأخيرة، خاصة بعد دخول رئيس الشاباك الحالي، نداف أرجمان، لعمله رئيسا للجهاز والتعاون بين قسم السايبر في الشاباك ووحدة الرصد الاستخباراتية المختارة المختصة بحرب السايبر 8200، من رصد أكثر من 2200 فلسطيني، وجد خبراء الأجهزة الإسرائيلية، أن نشاطهم على الشبكة يحمل إشارات ودلالات لاحتمالات قيامهم بتنفيذ عمليات ضد الاحتلال".

وقاد هذا النشاط الاستخباراتي، مع ما كشف عنه جنود في الوحدة 8200 من قيام الاحتلال بمراقبة عشرات آلاف الفلسطينيين، بشكل يومي، بحثا عن كل ما يمكن أن يشي باحتمال تنفيذهم عمليات ضد الاحتلال، أو مجرد معلومات يمكن توظيفها لتجنيدهم لصالح الاحتلال، إلى شن حملات اعتقال واسعة قادت إلى اعتقال أكثر من 400 فلسطيني بأيدي قوات الاحتلال، منهم من قُدمت ضدهم لوائح اتهام، ومنهم من تم اعتقالهم إداريا، ودون الكشف لهم عن التهم والشبهات التي قادت لاعتقالهم، فيما فُرضت إقامة جبرية على آخرين، وتم إجراء اتصالات ومكالمات مع أبناء عائلات عدد كبير من الشبان الفلسطينيين لتحذيرهم من مغبة نشاط أبنائهم على الشبكة.

ويلفت التقرير في هذا السياق إلى دور السلطة الفلسطينية، ضمن منظومة ما يسمى بالتنسيق الأمني، باعتقال 400 فلسطيني على أيدي أجهزة الأمن الفلسطينية، بعد تسليم السلطة الفلسطينية قائمة بأسمائهم من الطرف الإسرائيلي، مما ساهم بدوره إلى جانب اعتقال الاحتلال 400 آخرين، من تخفيف حدة انتفاضة الأفراد وتراجع لهيبها وانخفاض ألسنتها. ويؤكد التقرير أن أجهزة السلطة قامت باعتقال أصحاب الأسماء الذين تلقتهم، وقامت أيضا بالاتصال بعائلاتهم وذويهم، وهو نشاط كان بالتوازي مع اتصالات قام بها أيضا ضباط من الشاباك الإسرائيلي والجيش الإسرائيلي.

وتزامن هذا كله، بحسب التقرير، مع نشاط مكثف في مراقبة ومتابعة ما ينشر على صفحات التوصل الاجتماعي، وآلية تصعيد العمليات وتزايدها في المرحلة الأولى من الانتفاضة بين أكتوبر 2015 وأوائل عام 2016، نتيجة للتفاعل الفلسطيني النشط على شبكات التواصل الاجتماعي والتغطية الإعلامية للعمليات الفردية، التي ساهمت بدورها في تصعيد الانتفاضة، وانضمام المزيد من الشبان لدائرة الفعل فيها، خاصة في دائرة الأقرباء والأصدقاء الذين سعوا لتنفيذ عمليات انتقامية بعد استشهاد أقاربهم.

ويلفت التقرير إلى أن سياسة الرد الإسرائيلية، والذي تجنب الإشارة إلى أنها سياسة الإعدامات الميدانية، واستشهاد ومقتل كل منفذي العمليات دون تحقيق أهداف سياسية للجانب الفلسطيني؛ ساهمت في انخفاض لهيب الانتفاضة.

إلى ذلك، يلفت التقرير إلى أن اهتمام أجهزة الرصد والاستخبارات التابعة للاحتلال بالنشاط الفلسطيني على شبكات التواصل بدأ منذ عام 2013 عندما بدأ الاحتلال بمحاولات تحليل ومراقبة ما يحدث على هذه الشبكات، مع تزايد وتيرة العمليات الفردية في ذلك الوقت، وتعاظم الدور الذي أولاه الاحتلال لعمليات المراقبة هذه بشكل أكبر على مدار لعام 2015.

وبالرغم من محاولات التقرير التأكيد على تراجع لهيب الانتفاضة، بفعل موازين الردع التي كرسها الاحتلال في نفوس الشبان، بحسب زعم التقرير، خاصة اعتبارات ما يمكن أن يحدث لعائلة منفذي العمليات، مع هدم للبيت وتشريد لأبناء العائلة، إلا أن هرئيل يشير في تقريره إلى أن هذا "الركود" في عمليات الانتفاضة، يظل هشا أو مرهونا بتطورات على الساحة الفلسطينية الداخلية، وأبرزها مسألة الخلاف حول وراثة رئيس السلطة، محمود عباس، ومن سيأتي بعده، وربما بفعل وقوع عملية أو حدث "ديني"، على حد تعبيره، يمكن له أن يشعل الانتفاضة من جديد.

وفي هذا السياق يشار إلى حالة الترقب والاستنفار في أجهزة الأمن الإسرائيلية، مع بدء الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية، غدا، بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، إضرابا تخشى سلطات الاحتلال، أن تكون له تداعيات خطيرة على الأوضاع في الضفة الغربية، لجهة اندلاع هبّة شعبية انتصارا لمطالب الأسرى، تربك السلطة الفلسطينية على نحو خاص، لكون الإضراب المعد غدا، جاء بمبادرة من أسرى حركة فتح في المعتقلات الفلسطينية، وعلى رأسهم النائب الأسير مروان البرغوثي.