الاحتلال تحت حصار المقاطعة

18 اغسطس 2014
في إطار حملة مقاطعة البضائع الإسرائيليّة (Getty)
+ الخط -
انعكس العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وبالاً على دولة الاحتلال، التي بدأت تحسب خسائرها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. الخسائر الأخيرة بدأت تتوسع، فلم تعد الأمور تقف عند حد هروب السياح أو إقفال المصانع، بل تعدت إلى المقاطعة التي بدأت تتوسع.

وأبدت وزارات ومؤسسات رسمية إسرائيلية تخوفات مضاعفة، في أعقاب مصادقة المفوضية الأوروبية على قرار حظر استيراد منتجات الألبان أو مشتقات الحليب، القادمة من المستوطنات الإسرائيلية، في الوقت الذي تسعى فيه العديد من البلديات والمجالس القروية في مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة إلى الوصول إلى أسواق خالية من البضائع الإسرائيلية والعودة إلى المنتجات الوطنية واستكمال النقص من البضائع العربية والأجنبية، عبر الحشد لحملة مقاطعة قوية.

وقالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أمس الأحد، إنّ كرة الثلج آخذة بالتضخم، بعدما تم حظر استيراد أيّ منتجات ألبان قادمة من المستوطنات، وهو القرار الذي ربما ينسحب على كافة المنتجات المصنعة في تلك المناطق الواقعة في الضفة الغربية. ويجري مسؤولون من الاحتلال الإسرائيلي، مباحثات وصفت بالمكثفة مع نظرائهم في الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية، لتخفيف القيود على المنتجات المصنعة داخل المصانع المقامة على أراضي الضفة الغربية، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.

وقال الباحث الاقتصادي، محمد قباجة، إنّ خسائر المقاطعة بدأت بالظهور في الأرقام الشهرية والربعية للاقتصاد الإسرائيلي، عبر تراجع في أرقام النمو إلى 2.9 في المائة للربع الأول، وسط توقعات بأن يتجاوز حينها 3.8 في المائة، كما تراجعت الصادرات الإسرائيلية إلى الخارج، وارتفعت الواردات.

وأضاف قباجة، خلال اتصال هاتفي مع مراسل "العربي الجديد"، أنّ الاحتلال الإسرائيلي يتعرض إلى خسائر اقتصادية على ثلاث جبهات، الأولى بدأت منذ مطلع العام الجاري بقرار أوروبي بقطع أيّ علاقات اقتصادية مع المستوطنات، ووسم منتجاتها لتكون واضحة أمام الجمهور الإسرائيلي.

وثاني الجبهات، تتمثل بالتراجع الاقتصادي العالمي، وخاصة لدى دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ما أثر أيضاً على حجم الصادرات، وتقلص استيعاب الأسواق للسلع الإسرائيلية. وثالث الجبهات، هي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وصواريخ المقاومة التي وصلت إلى عمق مدن الاحتلال، ما أثر على القطاعات الاقتصادية، وخصوصاً السياحية، تبعه مقاطعة فلسطينية تعتبر "الأنجح" ضد السلع والمنتجات الإسرائيلية. بحسب قباجة.

ويأتي قرار الاتحاد الأوروبي بمقاطعة المستوطنات، على مختلف الأصعدة، اعتماداً على الأحكام الصادرة عن المحكمة الدولية في لاهاي عام 2004، القاضية بضرورة اتخاذ موقف من المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية، كونها تخرق البند 49 من ميثاق جنيف، الذي يحظر على دولة محتلة أن توطن سكانها في المناطق التي احتلتها.

وتعد الأسواق الأوروبية أهدافاً للسلع والمنتجات الإسرائيلية، أو تلك القادمة من المستوطنات، حيث تشكل الصادرات إلى أوروبا نحو 30 في المائة من إجمالي الصادرات الإسرائيلية السنوية، بقيمة تتجاوز 28 مليار دولار أميركي، وفق أرقام الإحصاء الإسرائيلي.

وفي فلسطين المحتلة عام 1967، بدا المشهد واضحاً حول إصرار بلدية بيتونيا غربي رام الله، على خلو أسواق البلدة من المنتجات الإسرائيلية، فعمدت إلى إقامة سلسلة من الأنشطة والفعاليات التشجيعية لإنجاح ذلك.

وزاد نشاط البلدية عقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ قررت إعفاء التجار الذين تخلو محالهم التجارية من البضائع الإسرائيلية من رسوم التراخيص لمدة عامٍ كامل، أملاً منها بألا يساهم أهالي البلدة في شراء بضائع مردودها يذهب لدعم جيش الاحتلال.

ولم تكتفِ بلدية بيتونيا بالتحفيز الدعائي أو الخطابي فقط، بل كانت المفاجأة بأن قامت بشراء المنتجات الإسرائيلية من التجار ضمن ميزانيتها، وتوزيعها على الفقراء، على أمل ألا يعود التاجر إلى شراء المنتج الإسرائيلي.

وقال رئيس بلدية بيتونيا، ربحي دولة، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحملة لاقت إقبالاً من الأهالي حتى أصبحت ثقافة لدى بعض الأطفال، فضلا عن اتباع بعض القرى المجاورة لخطى الحملة. وفي إطار سعيها نحو إخلاء المدينة من منتجات الاحتلال، أطلقت بلدية رام الله بالتعاون مع المؤسسات الوطنية حملة أسمتها "نحو رام الله خالية من البضائع الإسرائيلية".

وتسعى بلدية رام الله من خلال حملتها إلى جعل أسواق رام الله خالية من منتجات الاحتلال، ضمن خطة وآليات محددة، تدرس تقسيم الحملة إلى لجان متخصصة في كل قطاع لانتشار الحملة بشكل ناجح، ومن أجل إيجاد حلول مناسبة لاستمرارها سواء بالنسبة للمستهلك أو التاجر.

وستقوم بلدية رام الله بوضع ملصق يبيّن المحال التجارية الخالية من البضائع الإسرائيلية، لتشجيع الفلسطينيين على ارتيادها وربما محاصرة المحال التي لا تلتزم بخلوها من تلك البضائع من أجل التخلص منها عبر ممارسة ضغط اجتماعي عليها.

بدوره، قال أيمن صبيح من اتحاد الصناعات الفلسطينية إنهم بصدد طباعة وتوزيع نصف مليون منشور مع بدء العام الدراسي الجديد، تدعو إلى ضرورة المقاطعة الاقتصادية للاحتلال وبضائعه، وما ستجنيه من فوائد على الشعب الفلسطيني لأجل أن تصبح المقاطعة ثقافة.

وقدمت بلدية طولكرم هي الأخرى إعفاءً قدره 50 في المائة لكل تاجر يخلو محله التجاري من البضائع الإسرائيلية، حتى نهاية العام الجاري.

ويعتبر رئيس البلدية، إياد الجلاد، أن القرار جاء منسجماً مع ما وصل إليه المواطنون من قناعات بضرورة مقاطعة بضائع الاحتلال، التي تسهم في قتل أهالي قطاع غزة وتدعم جيش الاحتلال.
ومن المتوقع انتشار هذه الحملات التي تقدمها البلديات في مناطق أخرى، في موازاة مع حملات شبابية وأهلية يومية للتخلص من بضائع الاحتلال، وتعزيز المنتج الوطني الفلسطيني، الذي يأمل الفلسطينيون أن يحافظ على الجودة العالية، وأن يكون بديلاً أصيلاً عن كل البضائع الأخرى.
المساهمون