وذكرت الجامعة العربية، في تقريرها الذي رصدت فيه الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية خلال شهر مايو/أيار الماضي، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وأذرعها التنفيذية، تواصل إجراءاتها القمعية وانتهاكاتها الجسيمة المخالفة للقانون الدولي الإنساني بحق الفلسطينيين، حيث سجل الشهر الماضي ارتفاعاً كبيراً في وتيرة الاعتقالات، إذ اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من (370) فلسطينياً، من بينهم (50) طفلاً.
وأوضحت الجامعة أن اعتقال الأطفال الفلسطينيين ارتفع بشكل خطير وغير مسبوق خلال العامين (2015 - 2016)، ليصل في النصف الأول من العام 2017 إلى 80% مقارنة بالأعوام السابقة.
كما أعلنت حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن حزمة مشاريع استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ناهيك عن تجريف الأراضي لصالح البناء الاستيطاني، ففي سلفيت جرّفت بلدية الاحتلال قرابة 100 دونم واستولت بوضع اليد على (9858) دونماً في محافظة جنين.
كذلك، تواصل أعمال البناء خارج الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، خاصة في الكتل الاستيطانية الكبرى مثل: مستوطنة "غوش عتصيون"، جنوب الضفة الغربية، ومستوطنة "آرئيل" شمالها، ومستوطنة "معاليه أدوميم"، شرق القدس المحتلة. وبحسب تقرير "حركة السلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان، فإن أعمال البناء خارج الكتل الاستيطانية وصلت في العام 2017 إلى 70%، مقارنة بالعام 2016 الذي سجل بناء (1263) وحدة استيطانية خارج الكتل الاستيطانية، أي ما يعادل زيادة بنسبة (34%) مقارنة بالعام 2015.
وعلى صعيد المشروع التهويدي في مدينة القدس المحتلة، صادقت وزارة الإسكان الإسرائيلية في القدس المحتلة على مخطط استيطاني إحلالي جديد يقدر بـ(5 مليارات دولار)، ويقضي ببناء أكثر من 28 ألف وحدة استيطانية في القدس، منها 15 ألف وحدة استيطانية سيتم بناؤها في محيط أراضي الضفة الغربية، و10 آلاف وحدة استيطانية داخل مدينة القدس.
وفي إطار الحملة العنصرية الممنهجة التي تقودها الحكومة اليمينية المتطرفة ضد الفلسطينيين، صادق الكنيست على ما يسمى بـ(قانون القومية) والذي يقضي بطمْس الهوية الفلسطينية تماماً. فيما واصلت تهجير العرب قسراً من شرق القدس، وهدمت قرية العراقيب بالداخل المحتل للمرة الـ113.
كما تواصل حصارها البري والبحري على قطاع غزة للعام الحادي عشر على التوالي بشكل ممنهج. وعلى صعيد الحركة الأسيرة، فرضت إدارة السجون ووحداتها القمعية إجراءات عقابية غير مسبوقة بحق الأسرى الفلسطينيين.
إلى ذلك، أورد التقرير انتهاكات الاحتلال خلال الشهر الماضي في ما يلي:
التوسع الاستيطاني:
كشف التقرير عن تسارع وتيرة الاستيطان بشكل كبير في الضفة الغربية والقدس المحتلة في الآونة الأخيرة. وتأكيدًا على ذلك، بيّن تقرير لمنظمة "مركز ماكرو للاقتصاديات السياسية"، وهي منظمة إسرائيلية غير حكومية، أن إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) أنفقت أكثر من 20 مليار دولار على بناء وتوسيع مستوطنات الضفة الغربية والقدس المحتلتين، منذ العام 1967.
وأكدت المنظمة أن وزارة المالية الإسرائيلية نشرت تقريراً يؤكد أن القوة القائمة بالاحتلال أنفقت أكثر من 3.5 مليارات دولار بين عامي 2003 و2015 في الضفة الغربية وحدها.
بينما قدر مدير المنظمة، روبي ناتلسون، أن إسرائيل استثمرت 20 مليار دولار على الاستيطان خلال الخمسين عامًا الماضية، وأن مبلغ الـ(3.5) مليارات دولار لا يشمل الكلفة الهائلة للبنى التحتية، مثل: الطرق الالتفافية المخصصة للمستوطنين، أو التدابير الأمنية المحيطة بالمستوطنات.
وأكد التقرير أن المخططات الاستيطانية لا تشمل شرق القدس، التي احتلت في العام 1967، والمبالغ التي أنفقت على تفكيك المستوطنات في قطاع غزة، بعد احتلال استيطاني عسكري دام أكثر من 38 عاماً، وإجلاء ثمانية آلاف مستوطن وجندي منه في 2005.
وجدير بالذكر أن الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من القطاع، الذي لا يشكل سوى 1% من مساحة فلسطين المحتلة، كان لسببين؛ الأول تأكيد احتلال الأراضي الفلسطينية، وتثبيت وجود المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة والقدس ليكون لإسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) حق الوجود، والثاني تحقيق المعادلة الديموغرافية وتوازنها مع الطرح الجغرافي ليسهل عليها ضم المستوطنات وتوسيع الاستيطان خارج الكتل الاستيطانية، ولتوسيع رقعة ما يعرف باسم (الدولة العبرية).
وإضافة إلى هذين السببين الرئيسيين توجد العديد من الأسباب الأخرى، كتأمين أماكن سكن لليهود القادمين من الدول الأخرى، وتأمين مستوطنات لبعض العرقيات أو التجمعات اليهودية (كاليهود المتشددين أو الفلاشا أو اليهود الروس)، بالإضافة إلى الاستفادة من الأراضي الفلسطينية الخصبة لإقامة مشروعات زراعية للمستوطنين وللدولة.
وأوضح التقرير أن هناك 600 ألف مستوطن، من بينهم 400 ألف مستوطن في الضفة الغربية، وجودهم يعد مصدر احتكاك وتوتر مستمرين مع 2.6 مليون فلسطيني في الضفة الغربية والقدس، ولهذا دعمت الحكومة الإسرائيلية بناء المستوطنات شرق القدس المحتلة، لتكون فاصلاً ديموغرافياً لعزل القدس عن محيطها الفلسطيني، وبالتالي تصبح القدس كاملة تحت السيادة الإسرائيلية.
كما وتجدر الإشارة، أيضاً، إلى أن المستوطنين الذين قدموا إلى مستوطنات الضفة الغربية هم من المستوطنين الذين تم إخلاؤهم من مستوطنات غزة.
وعلى صعيد المخططات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، تجدر الاشارة إلى أن الأراضي الفلسطينية شهدت هجمة استيطانية غير مسبوقة في النصف الأول من العام 2017 لم تشهدها منذ العام 1992، بحسب تصريح وزير الجيش الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، بتاريخ 11/6/2017 للصحافة العبرية، حيث أكد أنه في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2017، تم تقديم خطط لبناء ما مجموعه 8.345 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك خطط لـ"البناء الفوري" تشمل 3.066 وحدة.
كما ذكرت حركة "السلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان أن العطاءات والمخططات الاستيطانية التي تم طرحها والبدء بتنفيذها هذا العام تصل إلى ثلاثة أضعاف ما تم طرحه في العام 2016، حيث بلغت 2.699 وحدة استيطانية. وأكدت الحركة في تقرير لها بتاريخ 11/6/2017، أن سلطات الاحتلال قررت بناء أكثر من ثلاثة آلاف وحدة استيطانية جديدة للمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.
هدم المنازل
وكشف التقرير أن إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) صعّدت من سياسة هدم منازل الفلسطينيين بشكل غير مسبوق، فهي لم تكتف بهدم بيوت أهالي الشهداء والأسرى كعقاب، أو هدم المنازل بذريعة البناء من دون ترخيص في الضفة الغربية والقدس المحتلة والقطاع المحاصر، بل امتد الموضوع، وبشكل غير مسبوق، إلى هدم بيوت الفلسطينيين الذين بقوا أو تم تهجيرهم داخل الأراضي المحتلة في العام 1948. وتستهدف إسرائيل، في هذه الفترة، وبوتيرة متسارعة جدّا، منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة ومناطق شرق القدس.
وفي هذا الصدد، أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" لحقوق الإنسان تقريرا بتاريخ 30 مايو/أيار 2017، يفيد بأن هناك أكثر من 90 ألف فلسطيني بمناطق شرق القدس مهددون بهدم منازلهم، حيث إنهم يسكنون في منازل بدون ترخيص نظراً لرفْض سلطات الاحتلال منحهم تصاريح للبناء، فهي لم تخصص لهم سوى 13% من مساحة الأرض، بينما خصصت أكثر من 35% من أراضي شرق القدس لبناء المستوطنات.