25 نوفمبر 2019
الاحتجاجات الجماهيرية في العراق .. المقدمات والتداعيات والآفاق
فوجئ متابعو الوضع العراقي بتراكم جملة إجراءات تناغمت ثلاث قوىً على صياغتها، هي جماهير الشعب الغاضب في بغداد والمحافظات الجنوبية، والمرجعية الشيعية في النجف، وحكومة حيدر العبادي، حتى بدا وكأن حالة انقلابية تأخذ مساراتها في الحياة السياسية العراقية الراكدة التي تميزت بالفشل، والفساد واسع النطاق. وقد تجاوبت الحكومة مع هتافات الجماهير الغاضبة المطالبة بتحسين الخدمات، ومكافحة الفساد، فأصدر العبادي بياناً قال فيه إنه سيتخذ حزمة من الإجراءات التي تلبي طلبات المواطنين، استجابة لنداء المرجعية ( الشيعية)!
يعاني الوضع العراقي، منذ 9 إبريل/نيسان 2003، حالة في غاية الاختلال، أسهمت في دفع البلد إلى حافة الانهيار التام، إن لم يكن قد انهار فعلاً، ولم تعد الحكومة وتشكيلات الدولة الأخرى الموجودة إلا حالة غير معبرة عن الوضع الحقيقي الذي تردّى إليه البلد.
لعل أخطر ما يعاني منه البلد حالياً هو تفكك نسيجه الاجتماعي، وتشرذمه إلى مكوناته الفرعية، وغياب الإحساس الجماعي بقضية الوطن. هذا ما تشي به الصيغة التي يحكم بها البلد حالياً، والمعبرة عن صيغة تفتيتية، اعتمدت المحاصصة الطائفية والإثنية التي تماهت معها نصوص دستورية غامضة، قابلة للتأويل على النمط المرغوب به من كيانات سياسية غير مشروعة، تسلطت على رقاب الناس.
كانت هنالك تساؤلات عديدة، تنصب في البحث عن الهوية الوطنية العراقية التي ضاعت في خضم نظام المحاصصة والتفتيت الساري. وكانت هنالك محاولات عديدة أجهضتها سطوة الأحزاب الطائفية الشيعية، المسيطرة على الحياة السياسية العراقية، وتحالفها مع مجاميع مصلحية من العرب السنة الذين انهالوا على فتات ما تمنحهم إياه هذه الأحزاب، وكان في مقدمة هذه المجاميع الحزب الإسلامي العراقي، وجماعة جمال الكربولي، وجماعة أبو ريشة من الصحوات، وجماعة صالح المطلك. وقد أساء هؤلاء بتحالفهم لقضية الشعب العراقي، قبل إساءتهم لمن أوصلهم إلى البرلمان من جماهير المناطق السنية.
من هذه المحاولات، تميز سياسيون من العرب الشيعة على قلتهم عن اتجاه الرأي العام في المناطق العربية الشيعية، وعدم رفعهم الشعارات الطائفية، وعدم تحدثهم، في خطابهم السياسي، عن علاقة أغلبية بأقلية لم تثبت لا إحصائياً ولا عملياً.
تقع انتفاضة مارس/آذار 2011 المتماهية مع ثورات الربيع العربي في حينها، تحت تصنيف المحاولات الوطنية الجادة لتجاوز خط الفصل الطائفي المفروض من هذه الأحزاب السياسية، وقد قمع نوري المالكي هذه الانتفاضة بالقوة المفرطة، ومنع الجماهير بالقوة من الاشتراك فيها، حيث استهدفت التظاهرات في ساحة التحرير، وقطعت الجسور لمنع التواصل بين جانبي بغداد الرصافة والكرخ، وهو إجراء هدف لمنع الاندماج العربي المتجاوز لخط الفصل الطائفي.
نوري المالكي ومتلازمة الفساد
من بين 13 عاماً مرت على الغزو والاحتلال، حكم نوري المالكي العراق ثماني سنوات. لم يكن قائداً سياسياً مرموقاً، ولم يؤكد كونه عنصراً ذا قدرات قيادية واضحة، وإنما كان مرشح تسوية بعد رفض الكتلة السنية التي مثلتها في البرلمان جبهة التوافق ترشيح إبراهيم الجعفري، الأمين العام لحزب الدعوة ورئيس التكتل الشيعي الفائز في الانتخابات في حينه، والتي أجريت في أجواء مقاطعة سنية واسعة النطاق، والذي كان رئيساً للحكومة الانتقالية التي أجرت انتخابات البرلمان الأول 2005 لتحميله مسؤولية دفع البلد إلى حافة الحرب الأهلية، عقب تفجير المرقدين في سامراء، وإيحائه بأن السنة هم من كان وراء هذه العملية. من هنا، برز اسم نوري المالكي مرشح تسوية، بعد أن نجح في كسب وفد التوافق الذي ذهب لمفاوضته، وعرض منصب رئيس الوزراء عليه، إن تعهد بالتهدئة ومنح السنة حقوقهم.
وهكذا، حصل المالكي محدود الإمكانات الذهنية والقيادية، والمسكون بالحس الطائفي، ذو الشخصية العصابية (السايكوباثية) التآمرية على منصبٍ لم يحلم به، ثم تداعت التفاهمات الإيرانية – الأميركية لضمان هذا المنصب له للمرة الثانية في دورة انتخابات 2010، على الرغم من فوز القائمة العراقية، بزعامة إياد علاوي، المتجاوزة للفصل الطائفي بأغلبية المقاعد البرلمانية. وهنا أيضاً وقع المالكي على اتفاق أربيل الذي تعهد بموجبه بالسير وفق خريطة طريق، تفتح الباب لحكم صالح، إلا أنه، كعادته، عاد والتف على هذا الاتفاق، وبدأ باستهداف خصومه السياسيين، واحداً بعد الآخر، مبتدئاً بطارق الهاشمي نائب الرئيس في حينه، ومكملاً بآخرين من زعماء الكتلة البرلمانية السنية، الأمر الذي قاد، في حالات كثيرة، إلى احتقان الوضع السياسي في العراق، وصولاً إلى إعلان المحافظات السنية الست اعتصاماتها السلمية، وهي اعتصامات واجهها المالكي بالقوة المفرطة في مناطق متعددة من العراق، في جامع سارية ( ديالى)، والحويجة، والموصل، وأخيراً اقتحام قواته اعتصام الأنبار في الرمادي، الأمر الذي قاد إلى بروز داعش على المسرح، بضوء خطاب طائفي متشنج كان يقسم العراقيين إلى من سماهم أنصار الحسين وأنصار يزيد.
استشرى الفساد بشكل فاضح طوال حكم هذا الرجل، حيث احتل العراق المركز الثاني، أو الثالث بين أكثر بلدان العالم فساداً. بدأت الطبقة السياسية وجوقة المستشارين ومدراء المكاتب المحيطون به ووزراؤه باكتناز أموال الشعب، وامتلاك العقارات، والأسهم في عملية غسل أموال واسعة.
استيقظ الشعب العراقي، وخصوصاً في الجنوب، بعد انخفاض أسعار النفط على الحقيقة المرّة الصادمة، وهي غياب ترليون دولار دخلت الخزينة العراقية في زمن الفورة النفطية، من دون أن تخلف وراءها لا بنية تحتية صالحة، لا كهرباء، لا ماء، لا خدمات صحية في بلد أنجز مراحل متقدمة من التأمين والضمان الاجتماعي، على الرغم من حالة الحصار التي كان يعيشها. فبدأ التململ يسري في هذه المحافظات، دفعه أولاً الانشقاق الطولي في التحالف الشيعي، إذ بدأ كل مكون سياسي شيعي يكيد للمكون المناهض، ويؤلب جماهيره للوقوف بوجهه، خصوصاً عندما يكون هذا المكون ماسكاً للسلطة، كما حصل في البصرة طوال العام المنصرم، وخلف خسائر كثيرة في الأرواح.
وقد بدا وكأن هذه الأحزاب ضمنت لنفسها حكم العراق عقوداً قادمة مدعومة بإيران، ولم تؤثر بها وبمواقعها الهزائم الماحقة التي تلقتها المؤسسة الأمنية التي كان يقودها المالكي شخصياً على يد تنظيم داعش الإرهابي، ونجاحه باجتياح أكثر من نصف مساحة العراق، وطرق قواته أبواب بغداد. وظلت الأحزاب السياسية الشيعية مسيطرة على السلطة، على الرغم من إرغام نوري المالكي على ترك السلطة بتفاهمات نفاقية، مرة أخرى، بين أميركا وإيران، إذ سمي حيدر العبادي المنحدر من بين صفوف حزب الدعوة صاحب التمثيل الأكبر في قائمة دولة القانون التي يرأسها نوري المالكي، ومن هنا كان الأخير يحكم من وراء ستار، ويعرقل، إن تطلب الأمر، خطوات خلفه الخجولة في محاولة إصلاح بعض ما خلفه المالكي نفسه للدولة العراقية من فساد وخراب ودمار.
تسبب عن انخفاض أسعار النفط، مطلع العام الحالي، وتآكل الاحتياطي المالي للبلد أن صحا الناس في الجنوب تحديداً، وكذلك في العاصمة، والخزينة خاوية، والموازنة تشكو من نقص حاد، والسيولة مفقودة، والرواتب معطلة، ومعرضة للتخفيض. وعند التساؤل أين ذهبت الأموال، انتبهت الجماهير أن الأموال سُرقت، وأن البنية التحتية بقيت على إهمالها منذ الغزو، وإن مفردات البطاقة التموينية يسرقها المسؤولون، فقد سرق عبد الفلاح السوداني، وزير التجارة والقيادي في حزب الدعوة، نحو ثلاثة مليارات دولار من حساب قوت الشعب، وسهل له نوري المالكي الهرب إلى بريطانيا، كونه يحمل جواز السفر البريطاني، مثل بقية السياسيين مزدوجي الولاءات. واكتشفت الجماهير، أخيراً، أن السوداني تقدم لشراء نادٍ رياضيٍ بريطانيٍ، اعترضت السلطات الرسمية البريطانية على العملية، طالبة منه إثبات مصدر هذه الأموال، وهو الذي كان يعتاش على المساعدات الاجتماعية البريطانية أيام كان لاجئاً.
ومن أمور أسهمت بتأليب الرأي العام في بغداد والمحافظات الجنوبية الأخرى كثرة الخسائر في أبناء تلك المحافظات التي زج بهم في ما سمي الحشد الشعبي، وهو مجموعة مليشيات طائفية، تعمل بتوجيه من إيران ووحي منها، ويشرف عليها قاسم سليماني. بلغت أعداد القتلى من أبناء المحافظات الجنوبية حداً جعل بعض مشايخ العشائر يتداعون إلى اجتماع صدر عنه بيان، أعلنوا فيه توقفهم عن إرسال أبنائهم إلى الحشد الشعبي.
تعيد هذه المظاهرات إلى الأذهان اعتصامات المحافظات الغربية والشمالية الست التي اندلعت عام 2012، واستمرت طوال عام 2013 من دون انقطاع، رافعة شعارات إصلاحية وسياسية، هدفت إلى إصلاح وضع الحكم في العراق والمساواة التامة بين العراقيين، من دون تفريق على أساس إثني أو طائفي. كانت هذه التظاهرات والاعتصامات فرصة ذهبية للحاكم، لكي يعيد اللحمة للنسيج الاجتماعي العراقي، ويصحح بوصلة نظام حكمه، لكنه لم يستجب لها، بل ذهب إلى أقصى حالات التوتير، بوسم هذه التظاهرات فقاعات، وبأنهم أنصار يزيد، بعد أن حجز لنفسه موقع أنصار الحسين.
وبإجراءات تآمرية واضحة، أفسح المجال لداعش لأن تتقدم وتسيطر على أكثر من نصف مساحة العراق، عندما أصدر أوامره لقوات الموصل بالانسحاب وترك المدينة لبضع مئات من مسلحي داعش، ما دفع البلد إلى حالة يرثى لها من فقدان الأمن، وأورث كل هذا لخلفه حيدر العبادي.
الاعتصامات والمظاهرات
هنالك سمات ميزت الحالتين واتسمت بها، نوردها بما يلي:
1- المظاهرات والاحتجاجات الحالية جرت، على مرحلتين، أولاها عام 2011 في تماه مع احتجاجات الربيع العربي، لكنها كانت احتجاجات مطلبية، كما هي الاحتجاجات الحالية، ركزت على سوء الحالة وغياب الخدمات، وخصوصاً الكهرباء والبطالة والفساد.
2- في حين كانت احتجاجات المحافظات الغربية والشمالية عام 2012 – 2013 انتفاضة سياسية بامتياز، طالبت بالحقوق وبالعدالة وبالتوازن وبالمساواة، مع المطالبة بتحسين الوضع المعاشي والاجتماعي، نتجت عنها قائمة من المطالب السياسية والإنسانية، طالبت الحكومة بتنفيذها، وهذا فرق واضح بين الحالتين.
3- على الرغم من ذلك، المظاهرات والاحتجاجات الحالية مرشحة لأن تتحول، وبسرعة، إلى احتجاجات ذات سمة سياسية واضحة، بمجرد فشل حيدر العبادي في استيعاب الدرس والتصرف، على ضوء مطالب الجماهير. بل بعض الشعارات المرفوعة حالياً هي مطالب سياسية بامتياز، من قبيل مطالب طرد السياسيين الفاسدين ومحاكمتهم، والتعريض بمجلس النواب، وغيرها.
4- السمة المهمة الأخرى التي اتسمت بها الاحتجاجات الجماهيرية الحالية تساميها على الانحياز الطائفي، وعدم رفعها أعلام وصور أي من الرموز الطائفية والدينية، بل اقتصر الأمر على العلم العراقي الذي كان يظلل هذه المظاهرات.
5- كانت الشعارات المنددة بالوجود الإيراني واضحة ومسموعة في هتافات المواطنين، وخصوصاً في المحافظات الجنوبية، في البصرة وذي قار تحديداً.
6- كان إجهاض خطة المليشيات لركوب موجة المظاهرات والوجود على الأرض، واستخدامها وسيلة للانقلاب على الحكومة لصالح نوري المالكي، إنجازاً كبيراً بحد ذاته، شجع حيدر العبادي على أخذ زمام المبادرة والقيام بما قام به أمس واليوم.
7- أخيراً، جاء موقف المرجعية الشيعية المؤيد للتظاهرات، وهي التي شعرت، هي الأخرى، بتهديد وجودها، نتيجة افتتاح مكتب ممثلية الولي الفقيه في النجف الذي قاطعته لإحساسها بأن هذا المكتب مصمم لمصادرة دورها، والحلول محلها وتحويل العراق إلى دولة ولي الفقيه الإيرانية.
التداعيات
اتخذ رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، خطوات جريئة تهدف إلى معالجة الحالة والاستجابة لمطالب الجماهير، أقرها البرلمان في جلسته يوم 11 أغسطس/آب 2015:
1- إلغاء مناصب نواب الرئاسات (نواب رئيس الجمهورية، ونواب رئيس الوزراء)، وقد تضرر منه نوري المالكي الذي يعد رأس الفساد في العراق، فخرج مهدداً متوعداً محاطاً ببعض مؤيديه من قائمة دولة القانون.
2- طلب إلى البرلمان المصادقة على القرار، إعمالاً للمادة 78 من الدستور التي تخوله بصفته الرئيس التنفيذي صلاحية الإقالات.
3- إلغاء المحاصصة الطائفية في المستويات العليا، غير أن العبادي أوقع نفسه في شرك الطائفية، عندما أعلن أنه يصدر قراراته هذ استجابة لطلب المرجعية، وكان الأحرى أن يعلن أنه يتخذ هذه القرارات استجابة لرأي الشعب. ومع ذلك، يمكن تفهم تصريحه على أنه تحييد للأحزاب السياسية الشيعية، إذا ما أقلع عن التذرع برداء المرجعية في مواقفه المقبلة.
4- لعل في نصوص الدستور الحالي ما يساعده على اتخاذ قرار بحل هذه الأحزاب، كون الدستور يحظر تشكيل أحزاب على أسس دينية أو طائفية أو مثيرة للكراهية، وهو نص ينطبق بامتياز على هذه الأحزاب.
5- تشكيل لجنة من قضاة مستقلين، يتمتعون بالرصانة والنزاهة، ليتولوا مساءلة المسؤولين، على أساس قانون من أين لك هذا. وهذا يثير سؤالاً عن مدى نزاهة مؤسسة القضاء التي صادرها نوري المالكي، من خلال رئيسها المقال أكثر من مرة، مدحت المحمود، والعائد بنفوذ نوري المالكي.
6- ينبغي متابعة موقف إيران، فتدخلها سيفسد عملية الإصلاح الجارية، وسيفضي تدخلها إلى نتائج كارثية، تمزق المجتمع العراقي، وتودي بالعراق بالكامل.
7- إبعاد النفوذ الإيراني عن العراق سيتمخض عنه ضعف النفوذ الإيراني وتفككه في سورية، وربما في لبنان على المدى البعيد، الأمر الذي سيقود إلى تحرير المشرق العربي من النفوذ الخارجي، ويفتح باب إعادة رسم الخريطة العلائقية بين الدول في هذا الإقليم العربي المهم.
8- إن نجاح إعادة بناء عراق جديد معتز بهويته وبانتمائه العربي سيعيد بناء معادلة التوازن الاستراتيجي في المشرق العربي، ما سيساعد على بناء الأمن والاستقرار في المنطقة.
9- سيساعد نجاح هذه الحملة الوطنية على تطمين جماهير السنة العرب بثقلهم السكاني الثابت، وسيعيد اللحمة إلى عرب العراق بالشعور الواحد، ذي الانتماء الوطني للعراق، ومن مترتبات هذا التوحد تفكك الأسس التي ترتكز عليها المنظمة الإرهابية المسيطرة على المحافظات الغربية، إذ سيتفكك نسيجها البشري، بمغادرة العناصر العراقية وفقدانها الحاضن الاجتماعي.
10- ستتحسن علاقات العراق العربية، وستبادر الدول العربية إلى إسناد الحكم الجديد، وقد تنشأ شبكة إنقاذ اقتصادي للعراق، لانتشاله من حالته الراهنة.
ماذا بعد؟
ما زالت هذه المسيرة في بداياتها، بل إن فيها قصوراً شديداً، ذلك أنه كان على حيدر العبادي أن يعلن، بشكل لا مراء فيه، التزامه بما تعهد به في برنامجه الحكومي، وبدء تنفيذه، وخصوصاً مطالب المحافظات الست المنتفضة، ما سيطمئن نفوس مواطنيها. قد تنجح إجراءات حيدر العبادي، وهذا ما نأمل ونتمنى، وقد تفشل، وبذور الفشل محمولة ضمن تضاعيفها، وتشكل الدولة العميقة التي شكلها نوري المالكي، والمليشيات الطائفية، وفوق ذلك النفوذ الإيراني الذي يعاني من خسائر متتابعة في المشرق والجزيرة العربية، أداة التهديد الأولى لهذ الحملة الوطنية.
تكرار أخطاء ثورات الربيع العربي بترك الأمور للدولة العميقة لأن تتحكم بمسارات الأمور، كما حصل لثورة 25 يناير في مصر، سيكون من أكبر الأخطاء التي ترتكبها الحركة الجماهيرية الواسعة، كما أن انضمام السليمانية للتظاهر والاحتجاج ضد الفساد يبشر بإمكانية انتشار المطالب الإصلاحية لتعم العراق. كل هذه الأمور تجعل المراقب يعيش أيامه بين التحسب والأمل. ومع الأمل تزدهر الحياة.
لعل أخطر ما يعاني منه البلد حالياً هو تفكك نسيجه الاجتماعي، وتشرذمه إلى مكوناته الفرعية، وغياب الإحساس الجماعي بقضية الوطن. هذا ما تشي به الصيغة التي يحكم بها البلد حالياً، والمعبرة عن صيغة تفتيتية، اعتمدت المحاصصة الطائفية والإثنية التي تماهت معها نصوص دستورية غامضة، قابلة للتأويل على النمط المرغوب به من كيانات سياسية غير مشروعة، تسلطت على رقاب الناس.
كانت هنالك تساؤلات عديدة، تنصب في البحث عن الهوية الوطنية العراقية التي ضاعت في خضم نظام المحاصصة والتفتيت الساري. وكانت هنالك محاولات عديدة أجهضتها سطوة الأحزاب الطائفية الشيعية، المسيطرة على الحياة السياسية العراقية، وتحالفها مع مجاميع مصلحية من العرب السنة الذين انهالوا على فتات ما تمنحهم إياه هذه الأحزاب، وكان في مقدمة هذه المجاميع الحزب الإسلامي العراقي، وجماعة جمال الكربولي، وجماعة أبو ريشة من الصحوات، وجماعة صالح المطلك. وقد أساء هؤلاء بتحالفهم لقضية الشعب العراقي، قبل إساءتهم لمن أوصلهم إلى البرلمان من جماهير المناطق السنية.
من هذه المحاولات، تميز سياسيون من العرب الشيعة على قلتهم عن اتجاه الرأي العام في المناطق العربية الشيعية، وعدم رفعهم الشعارات الطائفية، وعدم تحدثهم، في خطابهم السياسي، عن علاقة أغلبية بأقلية لم تثبت لا إحصائياً ولا عملياً.
تقع انتفاضة مارس/آذار 2011 المتماهية مع ثورات الربيع العربي في حينها، تحت تصنيف المحاولات الوطنية الجادة لتجاوز خط الفصل الطائفي المفروض من هذه الأحزاب السياسية، وقد قمع نوري المالكي هذه الانتفاضة بالقوة المفرطة، ومنع الجماهير بالقوة من الاشتراك فيها، حيث استهدفت التظاهرات في ساحة التحرير، وقطعت الجسور لمنع التواصل بين جانبي بغداد الرصافة والكرخ، وهو إجراء هدف لمنع الاندماج العربي المتجاوز لخط الفصل الطائفي.
نوري المالكي ومتلازمة الفساد
من بين 13 عاماً مرت على الغزو والاحتلال، حكم نوري المالكي العراق ثماني سنوات. لم يكن قائداً سياسياً مرموقاً، ولم يؤكد كونه عنصراً ذا قدرات قيادية واضحة، وإنما كان مرشح تسوية بعد رفض الكتلة السنية التي مثلتها في البرلمان جبهة التوافق ترشيح إبراهيم الجعفري، الأمين العام لحزب الدعوة ورئيس التكتل الشيعي الفائز في الانتخابات في حينه، والتي أجريت في أجواء مقاطعة سنية واسعة النطاق، والذي كان رئيساً للحكومة الانتقالية التي أجرت انتخابات البرلمان الأول 2005 لتحميله مسؤولية دفع البلد إلى حافة الحرب الأهلية، عقب تفجير المرقدين في سامراء، وإيحائه بأن السنة هم من كان وراء هذه العملية. من هنا، برز اسم نوري المالكي مرشح تسوية، بعد أن نجح في كسب وفد التوافق الذي ذهب لمفاوضته، وعرض منصب رئيس الوزراء عليه، إن تعهد بالتهدئة ومنح السنة حقوقهم.
وهكذا، حصل المالكي محدود الإمكانات الذهنية والقيادية، والمسكون بالحس الطائفي، ذو الشخصية العصابية (السايكوباثية) التآمرية على منصبٍ لم يحلم به، ثم تداعت التفاهمات الإيرانية – الأميركية لضمان هذا المنصب له للمرة الثانية في دورة انتخابات 2010، على الرغم من فوز القائمة العراقية، بزعامة إياد علاوي، المتجاوزة للفصل الطائفي بأغلبية المقاعد البرلمانية. وهنا أيضاً وقع المالكي على اتفاق أربيل الذي تعهد بموجبه بالسير وفق خريطة طريق، تفتح الباب لحكم صالح، إلا أنه، كعادته، عاد والتف على هذا الاتفاق، وبدأ باستهداف خصومه السياسيين، واحداً بعد الآخر، مبتدئاً بطارق الهاشمي نائب الرئيس في حينه، ومكملاً بآخرين من زعماء الكتلة البرلمانية السنية، الأمر الذي قاد، في حالات كثيرة، إلى احتقان الوضع السياسي في العراق، وصولاً إلى إعلان المحافظات السنية الست اعتصاماتها السلمية، وهي اعتصامات واجهها المالكي بالقوة المفرطة في مناطق متعددة من العراق، في جامع سارية ( ديالى)، والحويجة، والموصل، وأخيراً اقتحام قواته اعتصام الأنبار في الرمادي، الأمر الذي قاد إلى بروز داعش على المسرح، بضوء خطاب طائفي متشنج كان يقسم العراقيين إلى من سماهم أنصار الحسين وأنصار يزيد.
استشرى الفساد بشكل فاضح طوال حكم هذا الرجل، حيث احتل العراق المركز الثاني، أو الثالث بين أكثر بلدان العالم فساداً. بدأت الطبقة السياسية وجوقة المستشارين ومدراء المكاتب المحيطون به ووزراؤه باكتناز أموال الشعب، وامتلاك العقارات، والأسهم في عملية غسل أموال واسعة.
استيقظ الشعب العراقي، وخصوصاً في الجنوب، بعد انخفاض أسعار النفط على الحقيقة المرّة الصادمة، وهي غياب ترليون دولار دخلت الخزينة العراقية في زمن الفورة النفطية، من دون أن تخلف وراءها لا بنية تحتية صالحة، لا كهرباء، لا ماء، لا خدمات صحية في بلد أنجز مراحل متقدمة من التأمين والضمان الاجتماعي، على الرغم من حالة الحصار التي كان يعيشها. فبدأ التململ يسري في هذه المحافظات، دفعه أولاً الانشقاق الطولي في التحالف الشيعي، إذ بدأ كل مكون سياسي شيعي يكيد للمكون المناهض، ويؤلب جماهيره للوقوف بوجهه، خصوصاً عندما يكون هذا المكون ماسكاً للسلطة، كما حصل في البصرة طوال العام المنصرم، وخلف خسائر كثيرة في الأرواح.
وقد بدا وكأن هذه الأحزاب ضمنت لنفسها حكم العراق عقوداً قادمة مدعومة بإيران، ولم تؤثر بها وبمواقعها الهزائم الماحقة التي تلقتها المؤسسة الأمنية التي كان يقودها المالكي شخصياً على يد تنظيم داعش الإرهابي، ونجاحه باجتياح أكثر من نصف مساحة العراق، وطرق قواته أبواب بغداد. وظلت الأحزاب السياسية الشيعية مسيطرة على السلطة، على الرغم من إرغام نوري المالكي على ترك السلطة بتفاهمات نفاقية، مرة أخرى، بين أميركا وإيران، إذ سمي حيدر العبادي المنحدر من بين صفوف حزب الدعوة صاحب التمثيل الأكبر في قائمة دولة القانون التي يرأسها نوري المالكي، ومن هنا كان الأخير يحكم من وراء ستار، ويعرقل، إن تطلب الأمر، خطوات خلفه الخجولة في محاولة إصلاح بعض ما خلفه المالكي نفسه للدولة العراقية من فساد وخراب ودمار.
تسبب عن انخفاض أسعار النفط، مطلع العام الحالي، وتآكل الاحتياطي المالي للبلد أن صحا الناس في الجنوب تحديداً، وكذلك في العاصمة، والخزينة خاوية، والموازنة تشكو من نقص حاد، والسيولة مفقودة، والرواتب معطلة، ومعرضة للتخفيض. وعند التساؤل أين ذهبت الأموال، انتبهت الجماهير أن الأموال سُرقت، وأن البنية التحتية بقيت على إهمالها منذ الغزو، وإن مفردات البطاقة التموينية يسرقها المسؤولون، فقد سرق عبد الفلاح السوداني، وزير التجارة والقيادي في حزب الدعوة، نحو ثلاثة مليارات دولار من حساب قوت الشعب، وسهل له نوري المالكي الهرب إلى بريطانيا، كونه يحمل جواز السفر البريطاني، مثل بقية السياسيين مزدوجي الولاءات. واكتشفت الجماهير، أخيراً، أن السوداني تقدم لشراء نادٍ رياضيٍ بريطانيٍ، اعترضت السلطات الرسمية البريطانية على العملية، طالبة منه إثبات مصدر هذه الأموال، وهو الذي كان يعتاش على المساعدات الاجتماعية البريطانية أيام كان لاجئاً.
ومن أمور أسهمت بتأليب الرأي العام في بغداد والمحافظات الجنوبية الأخرى كثرة الخسائر في أبناء تلك المحافظات التي زج بهم في ما سمي الحشد الشعبي، وهو مجموعة مليشيات طائفية، تعمل بتوجيه من إيران ووحي منها، ويشرف عليها قاسم سليماني. بلغت أعداد القتلى من أبناء المحافظات الجنوبية حداً جعل بعض مشايخ العشائر يتداعون إلى اجتماع صدر عنه بيان، أعلنوا فيه توقفهم عن إرسال أبنائهم إلى الحشد الشعبي.
تعيد هذه المظاهرات إلى الأذهان اعتصامات المحافظات الغربية والشمالية الست التي اندلعت عام 2012، واستمرت طوال عام 2013 من دون انقطاع، رافعة شعارات إصلاحية وسياسية، هدفت إلى إصلاح وضع الحكم في العراق والمساواة التامة بين العراقيين، من دون تفريق على أساس إثني أو طائفي. كانت هذه التظاهرات والاعتصامات فرصة ذهبية للحاكم، لكي يعيد اللحمة للنسيج الاجتماعي العراقي، ويصحح بوصلة نظام حكمه، لكنه لم يستجب لها، بل ذهب إلى أقصى حالات التوتير، بوسم هذه التظاهرات فقاعات، وبأنهم أنصار يزيد، بعد أن حجز لنفسه موقع أنصار الحسين.
وبإجراءات تآمرية واضحة، أفسح المجال لداعش لأن تتقدم وتسيطر على أكثر من نصف مساحة العراق، عندما أصدر أوامره لقوات الموصل بالانسحاب وترك المدينة لبضع مئات من مسلحي داعش، ما دفع البلد إلى حالة يرثى لها من فقدان الأمن، وأورث كل هذا لخلفه حيدر العبادي.
الاعتصامات والمظاهرات
هنالك سمات ميزت الحالتين واتسمت بها، نوردها بما يلي:
1- المظاهرات والاحتجاجات الحالية جرت، على مرحلتين، أولاها عام 2011 في تماه مع احتجاجات الربيع العربي، لكنها كانت احتجاجات مطلبية، كما هي الاحتجاجات الحالية، ركزت على سوء الحالة وغياب الخدمات، وخصوصاً الكهرباء والبطالة والفساد.
2- في حين كانت احتجاجات المحافظات الغربية والشمالية عام 2012 – 2013 انتفاضة سياسية بامتياز، طالبت بالحقوق وبالعدالة وبالتوازن وبالمساواة، مع المطالبة بتحسين الوضع المعاشي والاجتماعي، نتجت عنها قائمة من المطالب السياسية والإنسانية، طالبت الحكومة بتنفيذها، وهذا فرق واضح بين الحالتين.
3- على الرغم من ذلك، المظاهرات والاحتجاجات الحالية مرشحة لأن تتحول، وبسرعة، إلى احتجاجات ذات سمة سياسية واضحة، بمجرد فشل حيدر العبادي في استيعاب الدرس والتصرف، على ضوء مطالب الجماهير. بل بعض الشعارات المرفوعة حالياً هي مطالب سياسية بامتياز، من قبيل مطالب طرد السياسيين الفاسدين ومحاكمتهم، والتعريض بمجلس النواب، وغيرها.
4- السمة المهمة الأخرى التي اتسمت بها الاحتجاجات الجماهيرية الحالية تساميها على الانحياز الطائفي، وعدم رفعها أعلام وصور أي من الرموز الطائفية والدينية، بل اقتصر الأمر على العلم العراقي الذي كان يظلل هذه المظاهرات.
5- كانت الشعارات المنددة بالوجود الإيراني واضحة ومسموعة في هتافات المواطنين، وخصوصاً في المحافظات الجنوبية، في البصرة وذي قار تحديداً.
6- كان إجهاض خطة المليشيات لركوب موجة المظاهرات والوجود على الأرض، واستخدامها وسيلة للانقلاب على الحكومة لصالح نوري المالكي، إنجازاً كبيراً بحد ذاته، شجع حيدر العبادي على أخذ زمام المبادرة والقيام بما قام به أمس واليوم.
7- أخيراً، جاء موقف المرجعية الشيعية المؤيد للتظاهرات، وهي التي شعرت، هي الأخرى، بتهديد وجودها، نتيجة افتتاح مكتب ممثلية الولي الفقيه في النجف الذي قاطعته لإحساسها بأن هذا المكتب مصمم لمصادرة دورها، والحلول محلها وتحويل العراق إلى دولة ولي الفقيه الإيرانية.
التداعيات
اتخذ رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، خطوات جريئة تهدف إلى معالجة الحالة والاستجابة لمطالب الجماهير، أقرها البرلمان في جلسته يوم 11 أغسطس/آب 2015:
1- إلغاء مناصب نواب الرئاسات (نواب رئيس الجمهورية، ونواب رئيس الوزراء)، وقد تضرر منه نوري المالكي الذي يعد رأس الفساد في العراق، فخرج مهدداً متوعداً محاطاً ببعض مؤيديه من قائمة دولة القانون.
2- طلب إلى البرلمان المصادقة على القرار، إعمالاً للمادة 78 من الدستور التي تخوله بصفته الرئيس التنفيذي صلاحية الإقالات.
3- إلغاء المحاصصة الطائفية في المستويات العليا، غير أن العبادي أوقع نفسه في شرك الطائفية، عندما أعلن أنه يصدر قراراته هذ استجابة لطلب المرجعية، وكان الأحرى أن يعلن أنه يتخذ هذه القرارات استجابة لرأي الشعب. ومع ذلك، يمكن تفهم تصريحه على أنه تحييد للأحزاب السياسية الشيعية، إذا ما أقلع عن التذرع برداء المرجعية في مواقفه المقبلة.
4- لعل في نصوص الدستور الحالي ما يساعده على اتخاذ قرار بحل هذه الأحزاب، كون الدستور يحظر تشكيل أحزاب على أسس دينية أو طائفية أو مثيرة للكراهية، وهو نص ينطبق بامتياز على هذه الأحزاب.
5- تشكيل لجنة من قضاة مستقلين، يتمتعون بالرصانة والنزاهة، ليتولوا مساءلة المسؤولين، على أساس قانون من أين لك هذا. وهذا يثير سؤالاً عن مدى نزاهة مؤسسة القضاء التي صادرها نوري المالكي، من خلال رئيسها المقال أكثر من مرة، مدحت المحمود، والعائد بنفوذ نوري المالكي.
6- ينبغي متابعة موقف إيران، فتدخلها سيفسد عملية الإصلاح الجارية، وسيفضي تدخلها إلى نتائج كارثية، تمزق المجتمع العراقي، وتودي بالعراق بالكامل.
7- إبعاد النفوذ الإيراني عن العراق سيتمخض عنه ضعف النفوذ الإيراني وتفككه في سورية، وربما في لبنان على المدى البعيد، الأمر الذي سيقود إلى تحرير المشرق العربي من النفوذ الخارجي، ويفتح باب إعادة رسم الخريطة العلائقية بين الدول في هذا الإقليم العربي المهم.
8- إن نجاح إعادة بناء عراق جديد معتز بهويته وبانتمائه العربي سيعيد بناء معادلة التوازن الاستراتيجي في المشرق العربي، ما سيساعد على بناء الأمن والاستقرار في المنطقة.
9- سيساعد نجاح هذه الحملة الوطنية على تطمين جماهير السنة العرب بثقلهم السكاني الثابت، وسيعيد اللحمة إلى عرب العراق بالشعور الواحد، ذي الانتماء الوطني للعراق، ومن مترتبات هذا التوحد تفكك الأسس التي ترتكز عليها المنظمة الإرهابية المسيطرة على المحافظات الغربية، إذ سيتفكك نسيجها البشري، بمغادرة العناصر العراقية وفقدانها الحاضن الاجتماعي.
10- ستتحسن علاقات العراق العربية، وستبادر الدول العربية إلى إسناد الحكم الجديد، وقد تنشأ شبكة إنقاذ اقتصادي للعراق، لانتشاله من حالته الراهنة.
ماذا بعد؟
ما زالت هذه المسيرة في بداياتها، بل إن فيها قصوراً شديداً، ذلك أنه كان على حيدر العبادي أن يعلن، بشكل لا مراء فيه، التزامه بما تعهد به في برنامجه الحكومي، وبدء تنفيذه، وخصوصاً مطالب المحافظات الست المنتفضة، ما سيطمئن نفوس مواطنيها. قد تنجح إجراءات حيدر العبادي، وهذا ما نأمل ونتمنى، وقد تفشل، وبذور الفشل محمولة ضمن تضاعيفها، وتشكل الدولة العميقة التي شكلها نوري المالكي، والمليشيات الطائفية، وفوق ذلك النفوذ الإيراني الذي يعاني من خسائر متتابعة في المشرق والجزيرة العربية، أداة التهديد الأولى لهذ الحملة الوطنية.
تكرار أخطاء ثورات الربيع العربي بترك الأمور للدولة العميقة لأن تتحكم بمسارات الأمور، كما حصل لثورة 25 يناير في مصر، سيكون من أكبر الأخطاء التي ترتكبها الحركة الجماهيرية الواسعة، كما أن انضمام السليمانية للتظاهر والاحتجاج ضد الفساد يبشر بإمكانية انتشار المطالب الإصلاحية لتعم العراق. كل هذه الأمور تجعل المراقب يعيش أيامه بين التحسب والأمل. ومع الأمل تزدهر الحياة.