يشير تقرير لـ"مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي"، الذي أعدّه الخبير، كوبي ميخائيل، إلى أنّ الاتفاق مع إيران يضع إسرائيل أمام سلسلة تحديات ومشاكل مهمة وخطيرة بعيدة الأثر على مصير ومستقبل إسرائيل. ويرى ميخائيل، أنّ هذه التداعيات ستتجلى قبل كل شيء في حلبتين رئيسيتين: الأولى في الساحة الفلسطينية والثانية في الحلبة السورية، من دون إغفال التداعيات المتعلقة بمسألة نزع الشرعية عن إسرائيل، ناهيك عن حقل الألغام الذي تزرعه في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، ومكانة إسرائيل في نظر الإدارة الأميركية، وخصوصاً الجمهور الأميركي العريض، بعد تصاعد حدّة التوتر في العلاقات مع الولايات المتحدة بعد التوقيع على الاتفاق.
يرى الكاتب أن "إزاحة الملف النووي الإيراني"، يعني تعاظم حدة وخطر هذه التحديات، وخصوصاً أن السعي الأميركي للتوصل إلى اتفاق مع إيران عكس خياراً استراتيجياً لدى الولايات المتحدة، وإدارة أوباما تحديداً، يجد في إيران جزءا من الحل في الشرق الأوسط. ويعني هذا، بحسب الكاتب، أن الولايات المتحدة تعتبر إيران عاملاً يساهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي يمكن الاعتماد عليه بل والتعاون معه في الحرب ضد "الإسلام المتطرف" عموماً، و"داعش" خصوصاً.
على الرغم من أنّ ميخائيل لم يخض في تأثيرات وانعكاسات زيارات رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، خالد مشعل إلى المملكة العربية السعودية، فإنه يرى أن الضربات الاستراتيجية التي تلقتها "حماس" في العدوان الأخير، وعلى أثر الانقلاب العسكري في مصر، مما أدخلها في أزمة استراتيجية، بات بمقدور الحركة اليوم التخلص منها في ظل حقيقة تحسن المكانة الإقليمية لإيران، بشكل قد يدفعها للتأثير على "حماس" للتراجع عن سياسة ضبط النفس التي تتبعها الحركة حالياً.
اقرأ أيضاً: إسرائيل تجبي ثمن الاتفاق النووي من العرب
لعل الأثر الأكبر في سياق التحديات غير النووية التي يحدّدها الكاتب، هو في تأثيرات الاتفاق على مكانة وقوة حزب الله في لبنان، في ظل العلاقات الوثيقة بين الطرفين وكون إيران ملتزمة بدعم الحزب الذي يقاتل إلى جانب النظام السوري، مما يضمن زيادة المساعدات والدعم المالي والعسكري للحزب، وبالتالي إعادة تعزيز مكانته في سورية ودوره في لبنان، ناهيك عن دلالات ذلك على التهديد العسكري الذي يحمله حزب الله لإسرائيل.
من أبرز ما يتوقعه الكاتب، تأثير الخلافات بين إدارة أوباما وحكومة إسرائيل وانعكاس ذلك على تراجع مكانة إسرائيل الإقليمية، مما قد ينسحب سلباً على احتمالات الوصول إلى تعاون بين إسرائيل والدول العربية "السنية المعتدلة"، في ظلّ ما تقرأه هذه الدول من تراجع مكانة إسرائيل في واشنطن.
أما على صعيد معركة الدولة الفلسطينيّة لنزع الشرعية عن الاحتلال الإسرائيلي، فهي تبقى الأشد خطراً بالنسبة لتل أبيب، إذ وصل الأمر إلى حد وصف وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، أفيغدور ليبرمان، هذا الخطر بأنه "إرهاب دبلوماسي يمارسه أبو مازن ضد إسرائيل". واعتبر ليبرمان أن هذا الخطر بات تهديداً استراتيجياً حقيقياً، لكن قد يتضح أن للاتفاق نتائج سلبية خصوصاً وأنّه اعتبر نجاحاً إيرانياً مقابل الفشل الإسرائيلي في منع التوقيع عليه، وبالتالي قد يحفز هذا الأمر من تعزيز النشاط في حل نزع الشرعية عن إسرائيل، مع دمج ذلك باعتبار إسرائيل الدولة التي تعارض الموقف الدولي العام المؤيد للاتفاق، الذي يرى فيه الجميع، أنه يبعد خطر الحرب، فيما تبدو إسرايل مثيرة للقلق والحروب.
لكن أخطر التحديات المنبثقة عن الاتفاق، في ظل العلاقات السائدة بين تل أبيب وواشنطن، مع نجاح الرئيس أوباما بتجنيد تأييد واسع للاتفاقية، فيكمن بحسب الكاتب، في رفع أسهم إيران في نظر الجمهور الأميركي، مقابل خفض أسهم إسرائيل، خصوصاً في سياق تشكيك هذا الجمهور بقدرات وصواب قرارات الرئيس الأميركي. ويعني هذا، بحسب الكاتب، رسم صورة سيئة تبين أنّ إسرائيل تدخلت في شؤون السياسة الداخلية الأميركية، مما يقضم التأييد الأميركي الدائم لإسرائيل ويضع شكوكاً ومخاوف من جر الولايات المتحدة إلى خوض حرب لا علاقة لها بمصالحها ولا بأمنها القومي.
يعني هذا أيضاً، بحسب الكاتب، فرصة أخرى لأوباما على ضوء نجاحه في الملف الإيراني، لنسخ التجربة وإسقاطها على الصراع الإسرائيلي ــ الفلسطيني لجهة فرض ضغوط على إسرائيل وإعادة النظر في دعمها تلقائياً في الحلبة الدولية ودفعها نحو عزلة وحصار استراتيجي دولي، إذا ما حظيت مبادرة أميركية لاتفاق إسرائيلي ــ فلسطيني بدعم جماهيري ودولي واسعين.
يخلص الكاتب، إلى وجوب عمل إسرائيل، في أسرع وقت، على إصلاح العلاقة مع الولايات المتحدة، كوسيلة للحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، وضمان التزام أميركي في المحافظة على التفوق النوعي والكمي العسكري لإسرائيل، والتوصل إلى أسس تتيح تحرك إسرائيل ضد مساعي حزب الله لتحقيق كسر لمعادلة التوازن العسكري الحالي مع إسرائيل والحصول على أسلحة تغيّر هذا الميزان.
كما دعا الكاتب إلى تحديد معالم وطبيعة المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية في سورية مع إبراز ما ليس لإسرائيل قدرة على احتوائه والتوصل إلى تفاهمات مع الإدارة الأميركية في هذا الشأن، على أساس الفرضية بأن نظام البعث، سواء بقيادة الأسد أو شخص آخر، باق في سورية.
اقرأ أيضاً: تحذيرات من "كارثية" رهان نتنياهو على الجمهوريين لإفشال "النووي"