احتفل الاتحاد العام التونسي للشغل، اليوم الأربعاء، بمرور سبعين عاما على تأسيسه، في 20 يناير/كانون الثاني 1946 على اليد الزعيم الوطني الراحل فرحات حشاد، إثر المؤتمر التأسيسي للمنظمة التشغيلية بالجمعية الخلدونية التونسية، والذي جمع النقابات المستقلة من مختلف أنحاء تونس إلى جانب الجامعة العامة للموظفين التونسيين في ائتلاف فريد ضمّ الشغالين.
ويتزامن الاحتفال مع تتويج الرباعي الراعي للحوار الوطني بجائزة نوبل للسلام التي تسلمها رسميا يوم 10 ديسمبر/كانون الأول 2015، في موكب احتفالي مهيب بالنرويج. كما تتزامن هذه الاحتفالية أيضا مع اندلاع سلسلة من الاحتجاجات بولاية القصرين وبمناطق أخرى ضد البطالة والتهميش وغياب التنمية الجهوية والقرارات الجريئة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وأيضا مع نجاح منظمة الشغيلة في مفاوضاتها الاجتماعية حول زيادة الأجور في القطاعين الخاص والعام.
اقرأ أيضاً: تونس.. العاطلون عن العمل يهددون بثورة ثانية
وألقى حسين العباسي الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، في احتفال اليوم، خطاباً أمام جموع النقابيين في قصر المؤتمرات بالعاصمة، أكّد خلاله وفاء الشغيلة "لدماء الشهداء وللرواد من النقابيين لتضحياتهم ولإسهاماتهم الجليلة ولما راكموه من مكاسب في مجال الحقوق الاجتماعية والمدنية".
ولم يفت العباسي أن يُذكر بمختلف مراحل التأسيس والبناء التي مرّ بها الاتحاد، وقال: "كثيرة هي الإنجازات والنتائج الإيجابية التي حقّقناها على درب المساهمة في وضع مقوّمات الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي".
لكنه في المقابل أكّد أنّ "الطريق لا تزال طويلة ومحفوفة بالتحديات والمخاطر. ولا يزال ينتظرنا الكثير من المهام الضرورية لتلبية استحقاقات عمّالنا بالعمل اللائق وبحماية مساراتهم المهنية والاستجابة لاستحقاقات شعبنا في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية".
وأضاف "ما زالت تنتظرنا الجولة القادمة من المفاوضات الاجتماعية لسنتي 2016 و2017 في جانبيها الترتيبي والمالي، والتي تتطلّب منّا الكثير من الإعداد والتعبئة، ولا تزال تنتظرنا مهمّة مراجعة تشريعات العمل بما يتوافق مع مقتضيات الدستور الجديد ويعزز المكاسب. ووضع تصوّر بديل للمنوال التنموي الذي يضمن العدالة الاجتماعية والتوازن الجهوي، ويفسح المجال لإدماج القطاع غير المنظّم في الدورة الاقتصادية ويحدّ من الفقر، ويوفّر مقوّمات الديمقراطية المحلية والحوكمة التشاركية ويؤمّن التوازن البيئي والمحافظة على الموارد الطبيعية".
اقرأ أيضاً: "أنا يقظ" تكرم المبلّغين عن الفساد في تونس
ودعا العباسي النقابيين "إلى استكمال مهمّة إعادة هيكلة الاتحاد بما يساعد على مرافقة ما يحصل من تطوّرات ومتغيّرات، وعلى الاستجابة لمتطلّبات المشهد الجديد لسوق العمل وعلى دمقرطة الحياة النقابية".
كما عبر عن ارتياحه "للتحسّن النسبي للأوضاع الأمنية في البلد، والتقدّم الذي تحقّق على درب التصدي للإرهاب وحماية الحدود من التهريب"، غير أنّه أكّد في ذات التوجه أنّه "لا يزال ينتظر بلادنا عمل كبير لإحداث نقلة نوعية في مكافحة هاتين الآفتين وفي طريقة التعاطي معهما".
وقد تطرق العباسي لمناسبة سبعينية تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل وإحياء الذكرى الخامسة لاندلاع الثورة التونسية إلى الأوضاع الأمنية والسياسية ببقية بلدان الربيع العربي، فقال: "نتطلّع بكثير من الأمل إلى أن يعود الرشد إلى الفرقاء السياسيين، سواء في سورية أو ليبيا أو اليمن لتغليب لغة الحوار على لغة التعصّب والانغلاق والتعامل الصدامي في إدارة شؤونهم، وأن يدركوا ما يتربّص بشعوبهم من مؤامرات وأجندات، الغاية الوحيدة منها تمزيق الجسم العربي والاستحواذ على المقدّرات الطبيعية للمنطقة".
كما أكّد وقوف منظمة الشغيلة "الدائم واللامشروط إلى جانب عمّال وشعب فلسطين في نضالهم العادل من أجل استعادة كامل أراضيهم المغتصبة وبناء دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ومناهضتنا لكل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني".
اقرأ أيضاً: تونس: اعتصامات مطلبية مرتقبة لرجال الأمن