الإنفلونزا تداهم مصر

22 يناير 2016
هل يُصاب بإنفلونزا الطيور؟ (فرانس برس)
+ الخط -

ما زالت الإنفلونزا بأشكالها المختلفة، لا سيما فيروس إنفلونزا الطيور "إتش 5 أن 1" وفيروس "أتش 1 أن 1" الذي يُعرف شعبياً بـ"إنفلونزا الخنازير"، تواصل حصد أرواح المصريين. ومنذ بداية شهر يناير/كانون الثاني الجاري، سجّلت 23 وفاة ناجمة عن الإصابة بالإنفلونزا، منها عشر حالات في أسيوط وثلاث في البحيرة وحالة واحدة في محافظات أسوان والبحر الأحمر والفيوم وثلاث في سيناء واثنتان في الغربية واثنتان أيضاً في الشرقية. تُضاف إلى ذلك إصابات تحت العلاج في عدد من المستشفيات.

وأثار الحديث عن فيروسَي الإنفلونزا المشار إليهما آنفاً، هلعاً وخوفاً بين الأهالي في مختلف المحافظات المصرية. وقد أكّد مصدر مسؤول في هيئة الخدمات البيطرية أن عدد المصابين بهما مرتفع للغاية، وذلك وفقاً للتقارير الرقابية الواردة من المحافظات، مشيراً إلى أن رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية طالب جميع الأطباء البيطريين بالحذر التام في التعامل مع المصابين. بناء على ذلك، عمدت الحكومة المصرية إلى تعيين أكثر من ألفَي طبيب بيطري، لتقليص النقص الذي تشكو منه الهيئة العامة للخدمات البيطرية.

وقد أشارت وحدات عديدة في القرى والمدن إلى عدم توفّر عقار "تاميفلو" لعلاج الفيروسَين، مطالبة الحكومة ممثلة بوزارة الصحة بالتدخل السريع لدى المسؤولين للإحاطة بالمرض. وانتشار هذَين الفيروسَين في مصر يثير المخاوف من تحولهما إلى وباء، يحصد مزيداً من الأرواح في ظل الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد. لكن مسؤولي الطب الوقائي في وزارة الصحة استبعدوا تماماً تحوّلهما إلى وباء.

في سياق متصل، أقرّ المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية الدكتور خالد مجاهد بوجود فيروس "إتش 1 أن 1" فعلاً في مصر، كاشفاً تشخيص أكثر من 170 حالة خلال يناير/كانون الثاني الجاري، بالإضافة إلى الوفيات. وأكد أن لدى الوزارة كميات كافية من عقار "تاميفلو" لمعالجته.

من جهته، أوضح مصدر مسؤول في وزارة الصحة - فضّل عدم الكشف عن هويته - أن الإنفلونزا بأشكالها المختلفة موجودة على مدار العام، لكن نسبة الإصابة بها تزداد في شهرَي يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط. وشرح أن مكافحة الإنفلونزا قد تتلخص في غسل اليدين بالماء والصابون جيداً، والابتعاد عن الأماكن المزدحمة، والتخلص من أي نفايات عضوية خصوصاً مخلفات الحيوانات التي تربّى في المنازل. وشدّد على وجوب تحصين الفئات الأضعف والأكثر عرضة للإصابة بالمرض باللقاحات المناسبة. والفئات هي الأطفال الرضع دون العامين، والمسنون الذين تعدوا 65 عاماً، ومرضى السكري والربو. وحذّر قائلاً إنه في حال إصابة أي شخص بارتفاع الحرارة إلى 38 درجة مئوية وثباتها عليه، لا بدّ من التوجه إلى أقرب مستشفى للتعامل مع الحالة وتلقي العلاج في الوقت المناسب.

إلى ذلك، نفى نقيب البيطريين الدكتور سامي طه أن يكون فيروس إنفلونزا "إتش 1 أن 1" مصطنعاً أو ضرباً من الخيال، مؤكداً أنه موجود في مصر منذ عام 2009. منذ ذلك الحين، بدأ المرض يتحوّر ويأخذ منحى خطيراً في ظل عدم مواجهته مواجهة حقيقية من خلال توفير المصل المضاد له في كل أنحاء البلاد، أي في القرى والنجوع والمدن وليس فقط في المحافظة. وأكّد طه أن "المرض لو لم يكن موجوداً، لما قتل عدداً كبيراً من الناس في كل مكان"، مضيفاً أن زيادة عدد الوفيات في مصر مع بداية العام لا تبشّر بالخير. واتهم الحكومة بالتقصير والإهمال في التعامل مع الفيروس، قائلاً: "المسؤول عن ارتفاع الوفيات حتى الآن هو وزارتا الصحة والزراعة اللتان تتهربان من المسؤولية وتتبادلان الاتهامات". ولفت إلى أن "الحكومة ما زالت تردد أن الوضع آمن في مصر"، وهنا مكمن الخطورة.

وكانت اللجنة العليا لمواجهة إنفلونزا الطيور في وزارة الزراعة، قد طالبت خلال اجتماع لها بضرورة إطلاق حملة كبرى للإرشاد والتوعية للحدّ من انتشار الفيروس، بالإضافة إلى تطهير المصارف والترع بشكل دائم ومستمر، وتحديد مواقع طمر الطيور النافقة في القرى، وتكثيف حملات التقصّي عن المرض لاكتشاف البؤر. يأتي ذلك في حين تشهد صناعة الدواجن في مصر أزمة كبيرة، بسبب قلة إنتاج الكتاكيت والنقص الحاد في كميات خامات الأعلاف.

وكانت قد تصاعدت تحذيرات منظمة الصحة العالمية حول انتشار مرض إنفلونزا الطيور داخل مصر وفشل الحكومة في السيطرة عليه بعد انتشاره في 28 محافظة، الأمر الذي يشكل خطراً ليس على صناعة الدواجن فحسب وإنما على حياة المواطنين بعد زيادة معدلات الإصابة بالمرض وتحوّره ليصبح أكثر شراسة من السنوات الأخيرة. وهي التحذيرات التي أكد عليها عدد من الخبراء والمتخصصين في مصر، الذين رأوا أن احتمال وقوع الوباء قائم بقوة خصوصاً بعد اكتشاف سلالات جديدة من الفيروس تقاوم عقار "تاميفلو" المستخدم حالياً في مكافحته. وتوقّع الخبراء أن يكون الوباء أخطر في العام الجاري، في ظل ثبات الحكومة وعدم التفاعل مع المرض بعد تزايد حالات الوفيات البشرية الناجمة عن الإصابة بإنفلونزا الطيور في عدد من المحافظات.

اقرأ أيضاً: ثالوث مدمّر في مصر
دلالات