هناك أكثر من 17 مليون فلسطيني ينتشرون في أنحاء العالم. أقل من 42 % منهم فقط هم الباقون في الدول العربية القريبة (قبل الزلازل الأخيرة)، والعدد الباقي باتت مواطنه في أستراليا شرقاً وآلاسكا وكندا غرباً. لكن الموضوع لا بد وأن يحصر في الجانب العربي، وهذا لا علاقة له بمجريات العقد الأخير وما تخلله من فوضى وحروب تكاد تشمل كل الدول العربية المضيفة بهذا الشكل أو ذاك. ما يعنينا هو كيف تعاملت هذه الدول العربية مع القضية الفلسطينية واللاجئ تحديداً؟
على الصعيد السياسي والعسكري ومن باب الذكر نشير إلى أن إسرائيل تمارس سياسة ثابتة ومتماسكة في تهويد فلسطين ومحو الشخصية الوطنية الفلسطينية، بينما تفتقد أي دولة عربية الحد الأدنى من السياسة الثابتة في التعاطي مع الصراع بمندرجاته. على الصعيد العسكري حشدت إسرائيل في حروبها أضعاف ما حشدته الجيوش العربية من أعداد، هذا مع الفارق التكنولوجي.
هناك مراحل عبرت في طريقة التعاطي مع اللاجىء. كان هناك بداية تضامن رسمي وشعبي عبّر عن نفسه بعملية احتضان عاطفية، ما لبثت أن أخذت تخلي مكانها لعمل وكالة "الأونروا". بعض الدول العربية منحت الفلسطينيين الجنسية وفتحت لهم مجالات العمل في مرافقها العامة والخاصة على حد سواء. بعضها منحته حقوقه باستثناء حق الترشح والاقتراع.
والبعض الآخر وبذريعة ظروفها الخاصة، نظر إلى اللاجئ على أنه إنسان مشبوه يجب مراقبته وترصد حركاته. وعليه فقد منعته من مزاولة عشرات المهن والأعمال بداعي منافسة اليد العاملة والحرفية والمهنية المحلية. لبنان أقدم على إجراء تمييزي أخطر في العام 2001، فمنع بموجبه الفلسطيني من حق التملك، ومنذ ذلك التاريخ لم تنجح الجهود المبذولة، ولا المطالعات القانونية في تغيير ذلك. تم ذلك بفعل هاجس التوطين الذي بات خطره مضاعفاً مع وجود أكثر من مليون لاجئ سوري على أرض لبنان.
في حال متابعة القرارات والمواقف العربية نرى أنها بداية انطلقت من "النخوة" التي تحولت إلى تعليمات شفاهية ثم إلى قرارات إدارية لم ترق يوماً إلى مستوى القوانين الملزمة. وكانت مثل هذه القرارات تتغير مع تغير الظروف السياسية أو شخص المسؤول. والأنكى من ذلك كله أن العديد من الدول العربية لم توقع على اتفاقية اللاجئين عام 1951 وكذلك على بروتوكول الدار البيضاء عام 1965 الذي نص على التعامل مع اللاجئ الفلسطيني كما يُعامل المواطن في ما يتعلق بجوازات السفر والإقامة والتنقل والدخول والخروج وحق الملكية والعمل وغيرها. التحفظات التي تم التقدم بها أفرغت البروتوكول من مضمونه وعليه ظل الفلسطيني شبه مطارد ومعزول في المخيمات التي تمتد على مساحات دول اللجوء المضيفة. كان الإصرار على انتهاك الحقوق سواء جاءت من خلال شرعة دولية أو عربية هدفه التخلص من قضية هذا الإنسان الفائض.
(أستاذ جامعي)
اقــرأ أيضاً
على الصعيد السياسي والعسكري ومن باب الذكر نشير إلى أن إسرائيل تمارس سياسة ثابتة ومتماسكة في تهويد فلسطين ومحو الشخصية الوطنية الفلسطينية، بينما تفتقد أي دولة عربية الحد الأدنى من السياسة الثابتة في التعاطي مع الصراع بمندرجاته. على الصعيد العسكري حشدت إسرائيل في حروبها أضعاف ما حشدته الجيوش العربية من أعداد، هذا مع الفارق التكنولوجي.
هناك مراحل عبرت في طريقة التعاطي مع اللاجىء. كان هناك بداية تضامن رسمي وشعبي عبّر عن نفسه بعملية احتضان عاطفية، ما لبثت أن أخذت تخلي مكانها لعمل وكالة "الأونروا". بعض الدول العربية منحت الفلسطينيين الجنسية وفتحت لهم مجالات العمل في مرافقها العامة والخاصة على حد سواء. بعضها منحته حقوقه باستثناء حق الترشح والاقتراع.
والبعض الآخر وبذريعة ظروفها الخاصة، نظر إلى اللاجئ على أنه إنسان مشبوه يجب مراقبته وترصد حركاته. وعليه فقد منعته من مزاولة عشرات المهن والأعمال بداعي منافسة اليد العاملة والحرفية والمهنية المحلية. لبنان أقدم على إجراء تمييزي أخطر في العام 2001، فمنع بموجبه الفلسطيني من حق التملك، ومنذ ذلك التاريخ لم تنجح الجهود المبذولة، ولا المطالعات القانونية في تغيير ذلك. تم ذلك بفعل هاجس التوطين الذي بات خطره مضاعفاً مع وجود أكثر من مليون لاجئ سوري على أرض لبنان.
في حال متابعة القرارات والمواقف العربية نرى أنها بداية انطلقت من "النخوة" التي تحولت إلى تعليمات شفاهية ثم إلى قرارات إدارية لم ترق يوماً إلى مستوى القوانين الملزمة. وكانت مثل هذه القرارات تتغير مع تغير الظروف السياسية أو شخص المسؤول. والأنكى من ذلك كله أن العديد من الدول العربية لم توقع على اتفاقية اللاجئين عام 1951 وكذلك على بروتوكول الدار البيضاء عام 1965 الذي نص على التعامل مع اللاجئ الفلسطيني كما يُعامل المواطن في ما يتعلق بجوازات السفر والإقامة والتنقل والدخول والخروج وحق الملكية والعمل وغيرها. التحفظات التي تم التقدم بها أفرغت البروتوكول من مضمونه وعليه ظل الفلسطيني شبه مطارد ومعزول في المخيمات التي تمتد على مساحات دول اللجوء المضيفة. كان الإصرار على انتهاك الحقوق سواء جاءت من خلال شرعة دولية أو عربية هدفه التخلص من قضية هذا الإنسان الفائض.
(أستاذ جامعي)