14 نوفمبر 2024
الإمارات ومضيق هرمز بعد قابوس
كنت، قبل قليل من ثورة 25 يناير في عام 2011 في زيارة إلى سلطنة عُمان، ساعدتني كثيراً في فهم جانب من "غير المعلن" في العلاقات الخليجية الخليجية. إحدى الوقائع المهمة فيها كانت قصة يتداولها مجتمع الشأن العام في السلطنة، وهو صغير وشبه مغلق. كانت هناك أزمة لم يكشف إلا القليل عن تفاصيلها، والمعلن عنها كان الإعلان الرسمي عن ضبط شبكة تجسّس إماراتية في البلاد. الدور الذي قامت به دولة خليجية ثالثة، تكفلت بالتهدئة، لكن المشكلة بقيت جمراً تحت الرماد.
كانت الخلفية التاريخية المتصلة بمسار ظهور الدول في هذه المنطقة مزدحمة بالخلافات الحدودية والادعاءات المتبادلة بحقوق تاريخية. كانت مشكلة الإمارات، حتى وقت قريب، أنها نشأت في منطقةٍ كانت تاريخياً جزءًا من منطقة نفوذ "عُمان" الدولة القديمة جداً، بالقياس إلى جاراتها. وفي معظم الخرائط القديمة، كان يُشار إلى أراضيها باسم "ساحل عُمان". وخلال سنواتٍ تالية، رأيت بنفسي كيف كانت الإمارات تبحث في أي مكان في العالم، ومستعدّة لأن تدفع أي ثمن مهما بلغ لشراء خريطةٍ لا يشار فيها إلى أراضي الإمارات بهذا الوصف.
ومنذ 1955، خاضت الإمارات مع السعودية صراعاً كانت جولته الأولى مواجهة عسكرية حول "البريمي"، لكن المشكلة مع عُمان كانت أهم وأكثر حساسية، فسلطنة عُمان كان دولة مستقرة حتى قبل الإسلام، وكانت تضم عدداً غير قليل من الحواضر وحضوراً "رسمياً"، كانت أهميته للتجارة قديمةً، وبمرور الزمن ازدادت أهميته. وكان "مضيق هرمز" دائماً أحد أهم أوراق النفوذ الإيراني، إقليمياً ودولياً، فهو مضيق إيراني/ عُماني، وتشترك عُمان في إدارته من خلال "رأس مسندم" للسلطنة.
وبعد تأسيس الإمارات التي لم تكن دولةً في أي يوم، كان منطقياً بكل المعايير التي يمكن الاحتكام إليها أن تبقى "رأس مسندم" أرضاً عُمانية، لكنها، عملياً، أصبحت تشبه جيباً داخل خريطة الإمارات، وهناك منذ سنوات حديثٍ هامسٍ عن رغبة ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، في ضم "رأس مسندم" إلى الإمارات في خطوةٍ تفاجئ السلطنة والمجتمع الدولي، ويتم تمريرها بـ "التغاضي"، والإدانة الشكلية. سيناريو رأى أصحابه أن وفاة السلطان قابوس ستكون رصاصة البدء بتنفيذه، وأن نجاحه يعتمد، في المقام الأول، على وصول خبر وفاة السلطان في أسرع وقت، لانتهاز فرصة الساعات (أو الأيام) الأولى للشروع بتنفيذه. والأزمة التي شهدتها علاقات البلدين في عام 2011 كانت بسبب اختراق أمني "رفيع المستوى" هدفه نقل خبر وفاة السلطان قابوس، قبل أن يخرج من الدائرة الضيقة الأقرب إليه. وبديهي أن شخص قابوس وخبرته وشخصيته القوية وعلاقاته الإقليمية والدولية الكبيرة، كانت تشكل عقبة في وجه أية محاولةٍ لاتخاذ قرارٍ كهذا في حياته. وبعد الوفاة، وخلال مراسم تشييع الجنازة التي تمت بعد وقت قصير من "الإعلان" عن الوفاة كانت تعليقات في وسائل إعلام رصينة تركز على احتمالية (ودلالات) أن تكون الوفاة بقيت طي الكتمان لفترة (ساعات أو أيام)، خصوصا أن وراثة السلطان الذي رحل من دون أن يترك ذرية، كانت تبدو مرشّحة لشيء من التنازع. ولكن وصية السلطان وفّرت حلاً سريعاً، أما مراسم التشييع فجاءت سريعةً إلى درجةٍ لم تمكّن أي صانع قرار من حضورها.
رحل السلطان قابوس بن سعيد، بينما يشهد "مضيق هرمز" توتراتٍ قد تكون الأكثر حدّة منذ عقود مضت. رحل بينما تتدافع بين جانبيه الأساطيل الحربية، وتنطلق قريباً منه الصواريخ والتهديدات والنذر. وقد تكون التوترات متعدّدة الأطراف التي تشهدها المنطقة سبباً في جعل قرار تغيير وضعه القانوني (ورقة قوة إقليمية ودولية كبيرة) محفوفاً بالمخاطر في نظر من قد يفكّر في خطوة درامية كهذه، وقد يكون فرصة. إنها حالة نموذجية لـ "لعبة القمار" السياسية التي لا يسع صانع القرار فيها، بترجيح كبير، أن يخمّن الرقم الذي سيأتي به النرد!
ومنذ 1955، خاضت الإمارات مع السعودية صراعاً كانت جولته الأولى مواجهة عسكرية حول "البريمي"، لكن المشكلة مع عُمان كانت أهم وأكثر حساسية، فسلطنة عُمان كان دولة مستقرة حتى قبل الإسلام، وكانت تضم عدداً غير قليل من الحواضر وحضوراً "رسمياً"، كانت أهميته للتجارة قديمةً، وبمرور الزمن ازدادت أهميته. وكان "مضيق هرمز" دائماً أحد أهم أوراق النفوذ الإيراني، إقليمياً ودولياً، فهو مضيق إيراني/ عُماني، وتشترك عُمان في إدارته من خلال "رأس مسندم" للسلطنة.
وبعد تأسيس الإمارات التي لم تكن دولةً في أي يوم، كان منطقياً بكل المعايير التي يمكن الاحتكام إليها أن تبقى "رأس مسندم" أرضاً عُمانية، لكنها، عملياً، أصبحت تشبه جيباً داخل خريطة الإمارات، وهناك منذ سنوات حديثٍ هامسٍ عن رغبة ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، في ضم "رأس مسندم" إلى الإمارات في خطوةٍ تفاجئ السلطنة والمجتمع الدولي، ويتم تمريرها بـ "التغاضي"، والإدانة الشكلية. سيناريو رأى أصحابه أن وفاة السلطان قابوس ستكون رصاصة البدء بتنفيذه، وأن نجاحه يعتمد، في المقام الأول، على وصول خبر وفاة السلطان في أسرع وقت، لانتهاز فرصة الساعات (أو الأيام) الأولى للشروع بتنفيذه. والأزمة التي شهدتها علاقات البلدين في عام 2011 كانت بسبب اختراق أمني "رفيع المستوى" هدفه نقل خبر وفاة السلطان قابوس، قبل أن يخرج من الدائرة الضيقة الأقرب إليه. وبديهي أن شخص قابوس وخبرته وشخصيته القوية وعلاقاته الإقليمية والدولية الكبيرة، كانت تشكل عقبة في وجه أية محاولةٍ لاتخاذ قرارٍ كهذا في حياته. وبعد الوفاة، وخلال مراسم تشييع الجنازة التي تمت بعد وقت قصير من "الإعلان" عن الوفاة كانت تعليقات في وسائل إعلام رصينة تركز على احتمالية (ودلالات) أن تكون الوفاة بقيت طي الكتمان لفترة (ساعات أو أيام)، خصوصا أن وراثة السلطان الذي رحل من دون أن يترك ذرية، كانت تبدو مرشّحة لشيء من التنازع. ولكن وصية السلطان وفّرت حلاً سريعاً، أما مراسم التشييع فجاءت سريعةً إلى درجةٍ لم تمكّن أي صانع قرار من حضورها.
رحل السلطان قابوس بن سعيد، بينما يشهد "مضيق هرمز" توتراتٍ قد تكون الأكثر حدّة منذ عقود مضت. رحل بينما تتدافع بين جانبيه الأساطيل الحربية، وتنطلق قريباً منه الصواريخ والتهديدات والنذر. وقد تكون التوترات متعدّدة الأطراف التي تشهدها المنطقة سبباً في جعل قرار تغيير وضعه القانوني (ورقة قوة إقليمية ودولية كبيرة) محفوفاً بالمخاطر في نظر من قد يفكّر في خطوة درامية كهذه، وقد يكون فرصة. إنها حالة نموذجية لـ "لعبة القمار" السياسية التي لا يسع صانع القرار فيها، بترجيح كبير، أن يخمّن الرقم الذي سيأتي به النرد!