ما زالت خطط المؤسسات والهيئات المسؤولة في الإمارات العربيّة والهادفة إلى زيادة نسبة المواطنين في شركات القطاع العام والخاص، تواجه العديد من المشكلات والمعوّقات الحقيقيّة. ولعلّ أبرزها رفض عدد كبير من الإماراتيّين بعض المهن البسيطة التي تحرص معارض التوظيف وخصوصاً في إمارات دبي وأبوظبي والشارقة، على تقديمها من بين أخرى في سوق العمل الإماراتي. أما السبب، فيعود إلى رفاهية العيش التي اعتادها المواطنون وارتفاع مستوى المعيشة.
وفي محاولة للتخفيف من حدّة البطالة المتفشية بين المواطنين في السنوات الأخيرة، استُحدثت "هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنيّة" (تنمية) التي تشمل 17 مشروعاً ومبادرة.
إلى ذلك، يسعى "برنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنيّة" إلى زيادة نسبة المواطنين العاملين في المؤسسات الحكوميّة والقطاع الخاص، في حين أن ثمّة وظائف عديدة لا يُقبِل عليها المواطنون إذ يعتبرونها تمسّ بكرامتهم.
فيقول بلال إنه لا يستطيع العمل كسائق أجرة أو سكرتيرا مثلاً، شارحاً: "لا أقبل بهذه الوظائف لأن رواتبها منخفضة ولا تكفي أسلوب عيشنا. فمصاريفنا كبيرة بالمقارنة مع مصاريف الوافدين إلى بلادنا".
ويشير أيضاً إلى "المضايقات التي نتعرّض لها في الشركات الخاصة التي ترفضنا مبدئياً، إذ تعتبر أننا لا نعمل بما فيه الكفاية مثلما يفعل الوافدون من الجنسيات الأخرى". ويشدّد: "ببساطة، نحن لا نستطيع منافسة الجنسيات الأخرى في مجالات عمل معيّنة".
من جهته، يشير عبد الله إلى أن "ثمّة مقاييس أخرى. فكل أجنبي في بلد غير بلاده يسعى إلى تحقيق إنتاج أعلى من المواطن، بحكم الدافع والحاجة والخوف من فقدان وظيفته. لذلك يتميّزون عنّا".
أما صالح فيلفت إلى أن "معظم الشركات الخاصة وحتى الكبيرة منها، تعتمد على العمالة الهنديّة. هم (الهنود) يشكّلون منافسة كبيرة لنا، لأنهم أقلّ تكلفة. كذلك، فإن الموظف المواطن ينظر إلى المجال الإداري والترقيات، وهو ما لا يمكن تحقيقه في شركات خاصة، بل في القطاع الحكومي فقط. فيشكّل ذلك عائقاً أمامنا لقبول هذه الوظائف".
وكان الإماراتيون قد اشتهروا بممارسة مهن كثيرة وحرفيّة في السابق، مثل الغوص والطواشة وصيد السمك والنجارة والحدادة والبناء والنقش والصباغة والخياطة والنسج والدباغة والتطبيب الشعبي والختانة والحلاقة والتطريز والزراعة وغيرها. لكن الرفاهية أبعدتهم عن هذه المهن، لا بل الحياة المعاصرة الحديثة في كل من دبي وأبوظبي والشارقة خصوصاً، جعلت الإماراتيّين يتركونها ويتّجهون إلى مهن أخرى. ومن تلك المهن، تلك السهلة التي لا تحتاج إلى جهد فكري أو جسدي. كذلك، راحوا يبتعدون عن المهن ذات الدخل المحدود، لأن مصاريفهم تفوق مداخيلهم.
نظرة دونيّة
إلى ذلك، تأتي النظرة الاجتماعيّة إلى المهن البسيطة، وهي نظرة دونيّة من دون شك توجّه إلى عامل النظافة أو البناء مثلاً أو موزّع الصحف وغيرهم.
فيقول سامي: "ما زالت النظرة إلى المهن البسيطة متخلّفة لدى أكثر فئات المجتمع. لكن في الوقت نفسه لا يمكن للمجتمع الاستغناء عنها، لأنها مرتبطة بالحياة. وهذه الخدمات جعلت الإمارات مجتمع خدمات من الطراز الأول".
ويشير سيف إلى أن "هذه الظاهرة لا تُسجَّل في الإمارات فقط، لا بل في كل أنحاء الخليج. فالغالبيّة العظمى تسعى إلى مسمّى الوظيفة، قبل الوظيفة بحدّ ذاتها".
وكنتيجة لرفض معظم الإماراتيّين للمهن البسيطة، تبيّن الإحصائيات أن 53 في المائة من إجمالي سكان الإمارات يشتغلون، وأن نسبة البطالة بين المواطنين هي 14 في المائة، في حين أن تلك المسجّلة بين غير المواطنين هي 4 في المائة. كذلك تظهر الإحصائيات أن نسبة العاملين إلى مجموع عدد السكان هي 75 في المائة.
وتعترف وزارة العمل الإماراتيّة في تقارير أعدّتها، بأن مستوى معيشة المواطن الإماراتي مرتفع بشكل عام. وبالتالي هو لا يستطيع قبول أنواع معيّنة من المهن والوظائف، على غرار عمالة شركات المقاولات أو تسويق البضائع والسلع وغيرها من المهن البسيطة.
وتشير استطلاعات الرأي في معظمها إلى أن المواطنين الإماراتيّين يحتاجون إلى أعمال ووظائف توفّر لهم الترقيات والدورات والحوافز والامتيازات، بالإضافة إلى التركيز على فئة المتقاعدين واعتماد التوظيف بالدوام الجزئي. وفي معظم الأحيان، لا توفرها لهم المهن البسيطة. لذا، يبتعدون عنها.
ويبلغ ذلك الابتعاد مهناً أخرى مثل التعليم، بحسب ما يلفت ماجد وهو مواطن يبحث عن عمل. وإذ يرفض الانخراط في هذا السلك، يطالب "بإعادة النظر في كيفيّة تحسين المكانة الاجتماعيّة للمدرّس كقيمة فاعلة ومؤثرة في المجتمع". ويوضح أن "تحسين أوضاعه الماديّة كفيل بتعزيز هذه المهنة التي يعزف عنها غالبيّة الإماراتيّين".
وفي محاولة للتخفيف من حدّة البطالة المتفشية بين المواطنين في السنوات الأخيرة، استُحدثت "هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنيّة" (تنمية) التي تشمل 17 مشروعاً ومبادرة.
إلى ذلك، يسعى "برنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنيّة" إلى زيادة نسبة المواطنين العاملين في المؤسسات الحكوميّة والقطاع الخاص، في حين أن ثمّة وظائف عديدة لا يُقبِل عليها المواطنون إذ يعتبرونها تمسّ بكرامتهم.
فيقول بلال إنه لا يستطيع العمل كسائق أجرة أو سكرتيرا مثلاً، شارحاً: "لا أقبل بهذه الوظائف لأن رواتبها منخفضة ولا تكفي أسلوب عيشنا. فمصاريفنا كبيرة بالمقارنة مع مصاريف الوافدين إلى بلادنا".
ويشير أيضاً إلى "المضايقات التي نتعرّض لها في الشركات الخاصة التي ترفضنا مبدئياً، إذ تعتبر أننا لا نعمل بما فيه الكفاية مثلما يفعل الوافدون من الجنسيات الأخرى". ويشدّد: "ببساطة، نحن لا نستطيع منافسة الجنسيات الأخرى في مجالات عمل معيّنة".
من جهته، يشير عبد الله إلى أن "ثمّة مقاييس أخرى. فكل أجنبي في بلد غير بلاده يسعى إلى تحقيق إنتاج أعلى من المواطن، بحكم الدافع والحاجة والخوف من فقدان وظيفته. لذلك يتميّزون عنّا".
أما صالح فيلفت إلى أن "معظم الشركات الخاصة وحتى الكبيرة منها، تعتمد على العمالة الهنديّة. هم (الهنود) يشكّلون منافسة كبيرة لنا، لأنهم أقلّ تكلفة. كذلك، فإن الموظف المواطن ينظر إلى المجال الإداري والترقيات، وهو ما لا يمكن تحقيقه في شركات خاصة، بل في القطاع الحكومي فقط. فيشكّل ذلك عائقاً أمامنا لقبول هذه الوظائف".
وكان الإماراتيون قد اشتهروا بممارسة مهن كثيرة وحرفيّة في السابق، مثل الغوص والطواشة وصيد السمك والنجارة والحدادة والبناء والنقش والصباغة والخياطة والنسج والدباغة والتطبيب الشعبي والختانة والحلاقة والتطريز والزراعة وغيرها. لكن الرفاهية أبعدتهم عن هذه المهن، لا بل الحياة المعاصرة الحديثة في كل من دبي وأبوظبي والشارقة خصوصاً، جعلت الإماراتيّين يتركونها ويتّجهون إلى مهن أخرى. ومن تلك المهن، تلك السهلة التي لا تحتاج إلى جهد فكري أو جسدي. كذلك، راحوا يبتعدون عن المهن ذات الدخل المحدود، لأن مصاريفهم تفوق مداخيلهم.
نظرة دونيّة
إلى ذلك، تأتي النظرة الاجتماعيّة إلى المهن البسيطة، وهي نظرة دونيّة من دون شك توجّه إلى عامل النظافة أو البناء مثلاً أو موزّع الصحف وغيرهم.
فيقول سامي: "ما زالت النظرة إلى المهن البسيطة متخلّفة لدى أكثر فئات المجتمع. لكن في الوقت نفسه لا يمكن للمجتمع الاستغناء عنها، لأنها مرتبطة بالحياة. وهذه الخدمات جعلت الإمارات مجتمع خدمات من الطراز الأول".
ويشير سيف إلى أن "هذه الظاهرة لا تُسجَّل في الإمارات فقط، لا بل في كل أنحاء الخليج. فالغالبيّة العظمى تسعى إلى مسمّى الوظيفة، قبل الوظيفة بحدّ ذاتها".
وكنتيجة لرفض معظم الإماراتيّين للمهن البسيطة، تبيّن الإحصائيات أن 53 في المائة من إجمالي سكان الإمارات يشتغلون، وأن نسبة البطالة بين المواطنين هي 14 في المائة، في حين أن تلك المسجّلة بين غير المواطنين هي 4 في المائة. كذلك تظهر الإحصائيات أن نسبة العاملين إلى مجموع عدد السكان هي 75 في المائة.
وتعترف وزارة العمل الإماراتيّة في تقارير أعدّتها، بأن مستوى معيشة المواطن الإماراتي مرتفع بشكل عام. وبالتالي هو لا يستطيع قبول أنواع معيّنة من المهن والوظائف، على غرار عمالة شركات المقاولات أو تسويق البضائع والسلع وغيرها من المهن البسيطة.
وتشير استطلاعات الرأي في معظمها إلى أن المواطنين الإماراتيّين يحتاجون إلى أعمال ووظائف توفّر لهم الترقيات والدورات والحوافز والامتيازات، بالإضافة إلى التركيز على فئة المتقاعدين واعتماد التوظيف بالدوام الجزئي. وفي معظم الأحيان، لا توفرها لهم المهن البسيطة. لذا، يبتعدون عنها.
ويبلغ ذلك الابتعاد مهناً أخرى مثل التعليم، بحسب ما يلفت ماجد وهو مواطن يبحث عن عمل. وإذ يرفض الانخراط في هذا السلك، يطالب "بإعادة النظر في كيفيّة تحسين المكانة الاجتماعيّة للمدرّس كقيمة فاعلة ومؤثرة في المجتمع". ويوضح أن "تحسين أوضاعه الماديّة كفيل بتعزيز هذه المهنة التي يعزف عنها غالبيّة الإماراتيّين".