الإعلام اللبناني غارقاً في مستنقع العنصرية ضد السوريين

02 ديسمبر 2016
تفنن المذيع في إهانته (فيسبوك)
+ الخط -

برزت العنصرية اللبنانية إزاء السوريين، في مواقف عدّة، منذ بدء النزوح السوري إلى لبنان قبل خمس سنوات. انتشرت يافطات في مناطق لبنانية عدة، تدعو السوريين إلى عدم التجول بعد الساعة السادسة مساءً، بالإضافة إلى ممارسة العنصرية على مواقع التواصل الاجتماعي ضدّ السوري، بوصفه "الغريب" الذي زاحم المواطن اللبناني على لقمة العيش وغيرها، ووصلت بعض التعليقات إلى حدّ المطالبة بقتل اللاجئين السوريين كلهم.

وكان لافتاً انتقال الأسلوب العنصري المتبع من "أحاديث الشارع"، ليتصدر شاشات قنوات تلفزيونية وصحفاً لبنانية عريقة، بشكل ممنهج، متفوقاً على "عنصرية الشارع العفوية".

في الحلقة الأولى من الموسم الجديد لبرنامج "هّدي قلبك" على قناة "أو تي في"، نفّذ المقدم، مارسيل خضرا، مقلباً على عامل سوري في حلبة "كارتينغ". نصب حاجزاً وهمياً، ثم طلب من العامل أوراقه الثبوتية، وبدأ بالصراخ عليه طالباً منه الركوع أمامه على الأرض وخلع ملابسه، وتفنن في إذلاله، فسخر من ملابسه الداخلية، وعلّق علماً أحمر داخلها، وأمره بالجري بوضعيته هذه وهو يهتف "بدي حرية".

وردت أخبار لاحقاً حول وجود اتفاق مسبق بين خضرا والعامل السوري، لكن "الحجة" هذه لم تخفف من الحملة على "أو تي في" التي أعدّت عمداً مشهداً عنصرياً ومهيناً، ثم حذفته لاحقاً.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تمارس فيها "أو تي في" فوقيتها. في العام الماضي، عرضت القناة تقريراً عمّا سمّته "المجاهل الأفريقية"، إذ عرضت مقارنات بين لبنان ودول أخرى كأفغانستان ودول الربيع العربي وبعض الدول الأفريقيّة، ووصفتها بالمتخلفة"، فقط لأنّ هذه الدول نجحت بإجراء انتخابات رئاسية، بعكس لبنان حينها.

"أكثر الدول تخلّفاً سبقت لبنان في هذا المجال"، بتلك العبارة وصفت القناة الدول التي خاضت خلال السنوات الماضية ولا تزال تخوض حتى اليوم موجة من المتغيّرات تختلف أسبابها بين الحروب والثورات والأزمات الاقتصادية. وأضافت القناة: "ولا يستهزئَنَّ أحد عندما يصبح طموح اللبناني التمثّل بالسودان وغانا، ولمَ لا، الزيمبابوي، هذه الدول في آخر المجاهل الأفريقية، سبقتنا ديمقراطياً وجعلت انتخاب رئيس الجمهورية مباشرةً من الشعب".

بعد حادثة "هدّي قلبك"، انتشر فيديو من دقيقتين، لعدد من الفتيات اللبنانيات في جامعة "ألبا". يُطرح على الفتيات سؤال "ممكن تضهري مع شاب سوري؟"، ليجبن بأنهن لا يمكنهن مواعدة شاب سوري، بسبب "الاختلاف الثقافي". بدأ مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بمهاجمة الفتيات، قبل أن تصدر الجامعة بياناً توضيحياً، قال فيه الأستاذ، سامي مجاعص، إن " الفيديو ليس إلاّ مشروعاً طلابياً يقوم به الطلاب وأنا أشرف عليه"، وأشار مجاعص إلى أنّ المشروع يهدف إلى تناول موضوع "العنصرية المقنّعة في المجتمع اللبناني، ومدى تأثير موضوع حسّاس على مواقع التواصل الاجتماعي".

رغم البيان التوضيحي، نشر عدد من السوريين لاحقاً فيديوهات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي سخروا فيها من "بنات ألبا"، من خلال مقارنة أجوبتهن مع أجوبة فتيات أوروبيات حول السؤال نفسه. ولم يخلُ الرد السوري من العنصرية المضادة ضد الفتيات اللبنانيات.

أما قناة "أم تي في"، فلها تاريخ حافل في هذا المجال. نشر موقع القناة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تقريراً تحت عنوان "يمارسون الجنس حيث لا يجرؤ الآخرون"، ويطرح مسألة ارتفاع معدل المواليد السوريين في لبنان، رغم ظروفهم المأساوية، بمعالجة غير مهنية وغير أخلاقية، وتحت عنوان لا يختلف عن عناوين المواقع الإباحية الهابطة.

وكانت القناة نشرت سابقاً، مقالاً على موقعها الإلكتروني يحمل عنوان "سوريات ينافسن اللبنانيات.. حتى في هذه"، ويطرح قضية زواج السوريات باللبنانيين، ما سيدخل اللبنانيات في دائرة "العنوسة".

ووصل الأمر أيضاً إلى البرنامج الكوميدي، "ما في متلو"، على القناة نفسها، إذ عرض في عام 2013 مشهداً تمثيلياً يظهر والدة لبنانية تتحدث مع ابنها طوال الوقت باللغة الفرنسية، قبل أن تفاجئ باستخدامه اللهجة السورية، لأن لديه زملاء سوريين على مقاعد الدراسة. أظهر المشهد "الكوميدي" كراهيةً واحتقاراً واضحين للاجئين.

ونشرت الصحيفة اللبنانية العريقة، "النهار"، في بداية الشهر الحالي، مقالاً تحت عنوان "زيادة تدهور نوعيّة الهواء بعد اللجوء السوري"، على صفحتها الأولى. وانطلقت الصحيفة في تقريرها إلى تحميل اللاجئين السوريين مسؤولية الحرائق التي تحدث في الفترة الأخيرة قرب المنازل وفي مناطق حراجية، وارتفاع نسب التلوث.

وفي عام 2013، صورت "النهار" تقريراً، استطلعت من خلاله رأي الشارع اللبناني في مسألة النزوح السوري، والذي وصفته بـ"المرعب". قد تتحجج القناة بالقول إن عملها اقتصر على نقل مشاهدات من الشارع اللبناني حول الموضوع، لكنها باختيارها هذا الموضوع تحديداً لتقريرها، ونشرها آراء عنصرية وتحريضية، شكلت منبراً لمثل هذه الآراء، ما لا يعفيها من التهمة.

ونشرت في يناير/كانون الثاني في عام 2015، مقالاً بعنوان "الحمرا ما عادت لبنانية... التوسع السوري غيّر هويتها". يعرض المقال تحول منطقة الحمراء إلى منطقة "سوداء"، بسبب الانتشار الكثيف للسوريين فيها، ما عرضها مع كاتب المقال حينها إلى حملة انتقادات واسعة.

 

المساهمون