الإعدام في مصر.. قصاص أم قتل الدولة لمعارضيها

28 مايو 2015
بلغ عدد الذين تمت إحالة أوراقهم إلى المفتي 1661
+ الخط -

جدل كبير أثارته أحكام الإعدام الأخيرة التي شهدتها مصر ضد المئات من رافضي الانقلاب العسكري، بزعم إدانتهم بارتكاب أعمال عنف، فيرى الكثيرون أن هذه الأحكام بمثابة جرائم قتل ترتكبها الدولة ضد معارضيها، خاصة مع غياب الإجراءات القانونية السليمة وعدم توفر محاكمات عادلة للمتهمين، في ظل حالة الاحتقان السياسية التي تشهدها البلاد منذ يوليو/تموز 2013، وتسييس القضاء بحسب النشطاء والحقوقيين الرافضين لهذه الإعدامات، ويرى آخرون أنه من غير المناسب الآن التحدث عن إلغاء هذه العقوبة في ظل الانفلات الأمني وانتشار التفجيرات وأعمال العنف.

ففي 16 مايو/أيار الجاري، أمرت محكمة جنايات القاهرة بإحالة أوراق مرسي و121 آخرين، من إجمالي 166 متهماً إلى المفتي، لاستطلاع رأيه في إعدامهم بعد إدانتهم في قضيتي "التخابر" و"اقتحام السجون"، وحددت يوم 2 يونيو/حزيران المقبل للنطق بالحكم.

وفي اليوم التالي استيقظ المصريون على تنفيذ الإعدام في ستة من الشباب المتهمين في القضية المعروفة باسم "عرب شركس"، من بينهم طالب مدرسة في المرحلة الثانوية، وهم: محمد بكري محمد هارون (31 سنة) محاسب وخريج كلية تجارة إنجليزي، وهاني مصطفى أمين عامر (31 سنة)، خريج علوم قسم كيمياء، محمد علي عفيفي (33 سنة)، ليسانس حقوق، وعبد الرحمن سيد رزق (19 سنة) طالب بالثانوية العامة، خالد فرج محمد (27 سنة) خريج كلية تجارة، إسلام سيد أحمد إبراهيم (26 سنة)، حاصل على بكالوريوس سياحة وفنادق.

وكانت السلطات المصرية قد نفذت في مارس/ آذار الماضي حكم الإعدام شنقاً بحق "محمود حسن رمضان"، المدان في جريمة إلقاء الصبية من أعلى عقار في منطقة سيدي جابر في الإسكندرية خلال الأحداث التي وقعت في 5 تموز/ يوليو 2013، واشتبك فيها متظاهرون مؤيدون ومعارضون للانقلاب العسكري.


وبلغ عدد الذين تمت إحالة أوراقهم إلى المفتي 1661، تم تثبيت حكم الإعدام على 520 منهم بالإعدام حتى الآن. 

ضد الإعدام

أسس قطاع واسع من النشطاء مجموعة "أنا ضد الإعدام" لرفض تصاعد وتيرة أحكام الإعدام في مصر، وأعلنوا عبر بيانهم التأسيسي في 27 أبريل/نيسان 2015، أنهم "مجموعة من المصريات والمصريين اجتمعوا بعد أن صدموا بتصاعد النغمة المستهينة بحق الحياة في مصر، وتصاعد وتيرة أحكام الإعدام في البلاد والترويج لها باعتبارها حلاً عملياً لمشاكل البلاد".

وأضاف البيان التأسيسي للمجموعة، والتي شهدت قبولاً واسعاً بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي للتوقيع على البيان: "الأحكام بالإعدام تمثل تعدياً على أقدس وأول حقوق البشر، وهو الحق في الحياة، مما يكرس استباحة الأرواح ويغذي أجواء الترويع وتصعيد العنف والعنف المضاد".


ومن بين الموقعين على البيان التأسيسي لـ "أنا ضد الإعدام"، الكاتبة أهداف سويف والفنانة تهاني راشد والمحامي والناشط الحقوقي جمال عيد والباحث حسام بهجت والناشط السياسي زياد العليمي، والأكاديمي والبرلماني السابق عمرو حمزاوي وعايدة سيف الدولة أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس، والناشطة ليلى سويف المدرسة بكلية العلوم جامعة القاهرة والمحامية ماهينور المصري وغيرهم من أكاديميين وصحافيين وسياسيين ومواطنين.

نعم للإعدام!

في المقابل اعتبر حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، "أن دعوات إلغاء عقوبة الإعدام ليست مناسبة للظرف السياسي التي تشهده مصر حالياً"، مضيفاً في تصريحات تلفزيونية: "مصر عانت خلال السنوات الماضية من انفلات أمني كبير وانتشار للجرائم، وكان رد فعل الرأي العام هو المطالبة بإعدام الإرهابيين والمجرمين في الميادين العامة، وبالتالي فإنه من الصعب طرح فكرة إلغاء هذه العقوبة الآن"، بحسب تعبيره.


تأجيل الإعدام

من جانبه طالب "عبدالغفار شكر"، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيس حزب التحالف الشعبي، بإيقاف تنفيذ أحكام الإعدام التي صدرت من القضاء أخيراً لمدة 3 سنوات، "وهو ما يساعد على تخفيف حالة الاحتقان التي تشهدها البلاد".

الإعدام ليس قصاصاً

من جانبه أوضح الباحث الإسلامي إبراهيم الهضيبي على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن صور الإعدام لها علاقة بالقصاص، لكنها نادرة جداً وتكاد تنعدم، فالقصاص لا يثبت إلا بإحدى وسيلتين: إقرار المتهم أو شهادة شاهدي عدل، مضيفاً: "كل الأدلة الجنائية والظرفية لا محل لها في القضاء الشرعي ولا أعني أنها ليس لها محل مطلقاً لكن لا يثبت بها حكم من أحكام القصاص أو الحدود، وهذا هو المنصوص عليه في كتب الفقه والمعمول به في المحاكم على مدار التاريخ حتى منتصف القرن التاسع عشر".
وتابع الهضيبي: أولاً الشهود: لا بد أن يكونوا شهوداً عدولاً؛ وإثبات عدالة الشاهد في زماننا هذا عملية مستحيلة عملياً؛ لأسباب لها علاقة بانعدام آليات التعديل أصلاً.

ثانياً القصاص والحدود: لا يثبتان إلا بتطابق الشهادات، فسجلات المحاكم الشرعية على سبيل المثال سقطت بها أحكام قصاص كثيرة لاختلاف الشاهدين هل القاتل ضرب بيده اليمنى أم اليسرى؟ أو هل المجني عليه وقع جهة الأمام أم الخلف، وهكذا.

ثالثاً الشهادات: لا بد أن تكون صريحة ورأت القتل وليست قرائن عليه، رابعاً: لا بد أن تنعدم الشبهة، وخلاصة الموضوع أن ثبوت القصاص بالشهادة أمر مستحيل عملياً.

هاشتاغات

ودشن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من هشتاغ لرفض عقوبات الإعدام مثل #لا_لعقوبة_الإعدام و #أنا_ضد_الإعدام، شهدت تفاعلاً واسعاً بين مستخدمي "فيسبوك" و"تويتر" منها:
الدكتورة عايدة سيف الدولة الناشطة السياسية ومؤسسة مركز النديم لعلاج وتأهيل ضحايا التعذيب: "التفاف حبل المشنقة على رقاب دون رقاب في قضايا سياسية يجعل من كل الرقاب مشروعاً محتملاً للشنق".

بكاري يوسف: "الاعتداء على حق الحياة بسبب العمل السياسي أو الرأي سواء أكان قتلاً بموجب القانون وبتلفيق التهم أم بتنظيم عصاباتي ما هو إلا تعبير عن وحشية الدولة وعنفها اللامشروع، وعن فقدانها للوسائل الديمقراطية اللازمة لحل مشاكلها مع مواطنيها بناء على مبدأ احترام الحريات.. نختلف: نعم.. نقبل القتل بذريعة القانون : لا".

نبيل الناحي: "قد نتفق مع مرسي أو نختلف معه.. لكن ما لا يمكن الاختلاف عليه هو المس بقدسية الحق في الحياة تحت أي مسمى.. لمرسي ولغير مرسي".

أيمن ناجي: "لو أن حالة إعدام واحدة تمت ظلماً.. فمن الأولى وقف حكم الإعدام كحكم يحق لقاضٍ!".

(مصر)

المساهمون