دخل اعتصام المعلمين الأردنيين، اليوم الأربعاء، يومه الرابع على التوالي، وسط سجال نقابي حكومي وتراشق الاتهامات بين الطرفين حول إفشال الحوار، في ظل محاولات تجييش المجتمع المحلي، وغياب أي أفق للحل، مع فشل الوساطة النيابية حتى الآن في تقريب وجهات النظر.
وتطالب نقابة المعلمين بـ"رفع علاوة المهنة 50 في المائة، على رواتب المعلمين الأساسية، باعتبارها حقاً مستحقاً للمعلمين منذ عام 2014، فيما ترفض الحكومة الأردنية رفع النسبة، وتطرح بديلاً وهو المسار المهني، علاوة على الأداء".
واعتراضاً على ذلك، قرّرت النقابة الاعتصام، لكنّ وتيرة الاحتقان والتصلب ارتفعت بعدما منعت السلطات الأردنية المعلمين من ذلك يوم الخميس الماضي أمام مقرّ رئاسة الوزراء وتعرّض عدد من المعلمين للغاز المسيل للدموع وللضرب والاعتقال.
ورغم إعلان الطرفين أن باب الحوار لا يزال مفتوحا، لكن يبدو أن الجهود الحالية منصبة على الزجّ بأهالي التلاميذ في المعركة الحكومية النقابية، في وقت يميل الميزان حتى الآن لصالح المعلمين، وكل طرف يسعى لكسب تعاطف أولياء الأمور إلى صفّه، كذخيرة للخطوة القادمة لتقوية الموقف التفاوضي.
وفي ظل استمرار الإضراب، تنتشر الشائعات والمعلومات غير الدقيقة والمبالغ فيها أحيانا، سريعاً على مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة للتأثير على الرأي العام الأردني.
ويقول أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، حسين الخزاعي، لـ"العربي الجديد"، إنه "كانت هناك إدارة خاطئة للملف كاملا، وكان يجب عدم الوصول إلى هذه المرحلة، مشيرا إلى أن الجانبين يتذرعان بالعامل الاقتصادي".
ويضيف: "بسبب فقدان الثقة بين الحكومة والنقابة تطورت الأحداث بهذه الطريقة"، مذكرا بأن أكثر من 66 في المائة من الأردنيين لا يثقون بالحكومة وفق استطلاع الرأي الأخير حول شعبية الحكومة والذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية.
ويعتبر محاولة الزج بالأهالي في هذه القضية "يائسة بائسة"، فغالبية مكونات المجتمع تميل بموقفها إلى جانب نقابة المعلمين، بسبب الأوضاع الاقتصادية العامة، داعيا إلى حل هذه القضية من جذورها.
ويوضح أنه من الصعب خلق تعاطف واسع مع الحكومة، بسبب الصورة الذهنية التي تكونت لدى أفراد المجتمع بأن هذه الحكومة والحكومات التي تعاقبت في الفترة الأخيرة لم تكن تراعي مصلحة المواطن وتحسين أوضاعه المعيشية في قراراتها.
ويلفت إلى أن الوضع الحالي تسيطر عليه نظريتان اجتماعيتان، الأولى هي"الحشد"، وهو ما يحصل حاليا، والثانية هي "العدوى الذهنية". وهذه من الممكن أن تجر نقابات وقطاعات أخرى إلى الإضراب، وتصبح الأوضاع أكثر صعوبة لحل هذه القضايا المتراكمة.
من جهته، قال رئيس الوزراء عمر الرزاز في مقابلة مع التلفزيون الأردني، أمس الثلاثاء، إن هناك جانبا قانونيا في موضوع الإضراب، فنحن نؤمن بالدولة القوية التي يحكمها القانون، وبالمجتمع القوي ومؤسسات المجتمع التي تحتكم إلى القانون، في حال إصرار النقابة على المضي به سيكون لكل حادث حديث، ولا سيما ونحن نعيش في دولة قانون ومؤسسات".
وأضاف: "كنا ننتظر من مجلس النقابة الحالي أن نبدأ الحوار من حيث انتهينا مع المجلس السابق، لا أن نضع كل شيء جانبا ونبدأ من جديد"، مؤكدا، في هذا السياق، أن الحكومة لا تؤمن بهذا الأسلوب، وأن التصعيد والمغالبة لن يؤديا إلى نتيجة.
وأعرب رئيس الوزراء عن الأمل بأن لا تلجأ النقابة إلى الاستمرار بالإضراب، وتحويل الطالب، حسب قوله، إلى وسيلة لتحقيق مطالب سواء أكانت مشروعة أم لا، مضيفا: "للأسف اختارت نقابة المعلمين طريق التصعيد للمطالبة، ونحن نرى أن هذا الطريق لن يوصلهم ولن يوصلنا إلى نتيجة".
بدوره قال نقيب المعلمين الأردنيين بالوكالة، ناصر نواصرة، ردّا على الرزاز، إن تصريحات رئيس الوزراء "غير مسبوقة لظنه بأن الشعب الأردني غير واع".
وأضاف موجهاً حديثه لرئيس الوزراء: "كنت أتوقع من ظهورك أن تبعث برسالة اعتذار إلى المعلمين المربين الذين هم صناع المجد، ويعلمون الوطنية والمسؤولية والانتماء لهذا البلد ولقيادته الهاشمية، ولكني لم أسمع منك اعتذاراً عن انتهاكات وقعت، وكأننا لسنا في بلد ديمقراطي شُوهت صورته المشرقة يوم الخميس الماضي.
وتابع حديثه: "ضرب المعلم وتعريته ألم يحركا فيك شعرة؟ أتقبل أن يُهان المعلم يا دولة الرئيس؟ ولماذا تسكت على ذلك؟ هل وزير الداخلية له ولاية أكبر منك مثلاً؟ لماذا لا يزال على كرسيه؟ لماذا لا تقدم اعتذاراً أنت ولا هو؟".
وخاطب المعلمين بالقول: "أيها المعلمون في كل الميادين، حتى هذه اللحظة لم تعترف حكومة الرزاز بحقكم في العلاوة التي هي مقررة من عام 2014". مضيفا: "إضرابنا مستمر حتى تحصيل الحقوق، نحن على موقفنا".