الإرهاب وخبرة الأمن المغربي

12 سبتمبر 2020
تراكم نوعي في المجال الأمني المغربي (Getty)
+ الخط -

دخلت الحملات الأمنية التي تقوم بها الفرق المغربية المتخصصة في التصدي للإرهاب ومقاومة خلاياه باب التراكم النوعي الحاصل في المجال الأمني المغربي، وهو تراكم بمثابة نجمة شرف على صدر هذا الجهاز، الذي يقوده شباب على رأسهم عبد اللطيف الحموشي، وعبد الحق الخيام. الأول هو المدير العام للأمن الوطني، والثاني، هو مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية في المغرب.

آخر النجاحات، ما تحقق الخميس الماضي، في 11 سبتمبر/ أيلول، حينما استطاعت الفرق الأمنية تفكيك خلية من 5 أشخاص، تنشط في ثلاث مدن مغربية، هي تمارة، المتاخمة للعاصمة الرباط، وطنجة، المدينة السياحية، التي كانت تلقب بـ"المدينة الدولية"، ومدينة تيفلت، وهي قرية هامشية صارت مدينة عشوائية.

توقيت التدخل الأمني؛ 11 سبتمبر/ أيلول، سواء أكان صدفة أم مقصوداً، يحمل رسالة شديدة الوضوح، وهي أنّ المغرب لم يرمِ أبداً الحبل على الغارب في زمن كورونا، وعناصره جاهزة وفي مستوى التأهب لكل ما يفسد الأمن الداخلي ويخل به.

الأمر الآخر، في تفكيك هذه الخلية الجديدة، أنّ عمل المتطرفين في المغرب بدأ يأخذ شكله "الدولي"، أي مبايعة تنظيم "داعش" أو "الاستعداد" لذلك.

يأتي كل هذا، بعد ضربة تونس الإرهابية، وفي سياق النشاط المشهود لتنظيم "داعش" وبقايا "القاعدة" في منطقة الساحل. لكن فاعلية الأمن المغربي تكمن في حصولها في الوقت المناسب، أي في الزمن الذي ينقل "الخلية" من التفكير إلى الفعل، ومن الإعداد إلى وشوك التنفيذ.

لن تكون هذه الخلية المفككة أخيراً، إلا لحظة من معركة طويلة، بدأت منذ تفجيرات الدار البيضاء، في 16 مايو/ أيار 2003، وما تزال سلسلتها مستمرة حتى اللحظة.

وكل هذه الخلايا التي تفوق 176 خلية كانت ترتبط بالحركات المتطرفة بشكل مباشر أو غير مباشر، وفي السياق طورت أساليب عملها وتمويلها، وانتقلت من استقطاب أصحاب السوابق، ووجهت البوصلة نحو أشخاص لا سوابق لهم، من مهن مختلفة، يعتمدون في تنفيذ مشاريعهم الدموية على تمويل ذاتي وبإمكانات بسيطة.

كما أنّ الجامع بين كل هؤلاء هو تبني أسلوب العمليات الانتحارية، وصنع المتفجرات من المواد الأولية المتاحة في السوق، والتي لا تثير حيازتها الشكوك، مثلما حصل مع "خلية تمارة"، التي كانت تعد سماد نترات الأمونيوم ومسامير وأسلاكاً وطناجر ضغط، لاستخدامها في العمليات التي كانت تسعى لتنفيذها، بحسب ما ذكر عبد الخيام، في تصريح لوسائل الإعلام.

أهمية تفكيك "خلية تمارة" تأتي من كون عبد اللطيف الحموشي؛ المدير العام للأمن الوطني، حرص شخصياً على حضور مجرياتها، في حين أنّ الموقوفين لم يستسلموا بسهولة، للقوات الخاصة، وقاوموا بقدر إمكانهم، مما أدى إلى إصابة أحد أفراد التدخل الخاص، بجروح سكين.

هناك من هو معجب بالتجربة المغربية، في الداخل والخارج، في تجفيف منابع الإرهاب وملاحقة الخلايا، وهناك من يشكك في عمل الأجهزة الأمنية المغربية، وآخرون يرفعون يافطة التحجج بحقوق الإنسان.

ولكن الجلي أنّ وحش الإرهاب يتمدد كلما وجد الفرصة سانحة، أو استغل الغفلة وانشغال الدولة بتدبير جائحة كورونا. وخطاب التطرف لا يمل ولا يتعب، تحريضي ويجر إلى أفعال الدم ويقوض المؤسسات. أما الأمن فتلك وظيفته، أن يكون جاهزاً ساعة الحقيقة، وليس متفرجاً في البلكونة.

المساهمون