31 أكتوبر 2024
الإرهابي حين يتحدث عن الإرهاب
لم توجّه الرئاسة الفرنسية الدعوة لرئيس وزراء إسرائيل، للمشاركة في تظاهرة باريس، ولها أسبابها الخاصة في ذلك، وعلى الرغم من هذا، سافر نتنياهو إلى باريس، وتصرف على نحو مثير لسخرية وسائل الإعلام الإسرائيلية، بسبب مزاحمته من أجل ركوب الأوتوبيس الذي أقل الزعماء الأجانب من الفندق إلى مكان تنظيم المسيرة، لكي يضمن مطرحاً في الصف الأول من المسيرة، إلى جانب رؤساء الدول والحكومات، وقد عرضت قنوات التلفزة الإسرائيلية فيديو يظهر فيه نتنياهو والتوتر يظهر عليه، وهو يحاول اختراق صفوف الموجودين أمام الحافلة، وسط استغراب كثيرين.
استثمر نتنياهو التظاهرة كجزء من حملته الانتخابية للفوز بمقعد رئيس وزراء إسرائيل مجدداً، واستثمر الحدث الفرنسي لشن حملة شرسة ووقحة، على الإسلام، مجاهراً بحلف إسرائيل الجديد مع أنظمة عربية "معتدلة"، لضمان "تحقيق الانتصار على الإسلام المتطرف"، كما قال، وذهب في هذا بعيداً، في كلمة ألقاها في المعبد اليهودي في باريس؛ ليذكّر الأوروبيين بأن "الإسلام المتطرف هو أخطر تهديد تواجهه الإنسانية في العصر الحالي". ونقلت القناة الإسرائيلية الثانية عن نتنياهو قوله أيضاً: "نحن، في إسرائيل والأنظمة العربية المعتدلة والعالم الحر بأسره، مطالبون بتوحيد الجهود من أجل الانتصار على الإسلام المتطرف. هذا خطر يهدد ليس وجودنا، بل قيمنا الأخلاقية"، وقوله: "لا فرصة أمامنا إلا الانتصار في هذه المعركة، أمام مَن يحاول إرجاعنا ألف عام إلى الخلف".
بدا نتنياهو ككلب مسعور، وهو يهاجم الإسلام، ويحرّض عليه، وهو وكيانه الصهيوني، المصدر الأول في صناعة الإرهاب، وإنتاجه، وتوزيعه على أركان الدنيا الأربعة، ليس فقط من خلال ما يقوم به آخر احتلال في التاريخ البشري الحديث، في فلسطين، بل من خلال تصدير المرتزقة الصهاينة، من القَتَلة وخبراء الإرهاب المنظّم، إلى أنحاء الكون، وكذلك تصدير أدوات القتل المختلفة، والخبرات النادرة في صناعة الموت!
يستعصي سجل نتنياهو الإرهابي على الحصر، وهو آخر واحد في العالم يحق له الكلام عن الإرهاب، فهو الإرهابي الأول على سطح هذه البسيطة، وجديد سجلاته في الإرهاب تتحدث عن حرب عدوانية شنها على غزة، المحاصرة جواً وبحراً وبرّاً، كان لها نتائج كارثية تفوق الوصف، بشريّاً واقتصاديّاً وبيئيّاً!
للتذكير فقط، خلّف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي استمر 51 يوماً، 2147 شهيداً، بينهم 530 طفلاً، و302 من النساء، بينهن أكثر من أربعين مسنّة، فضلاً عن 23 من الطواقم الطبية، و16 صحافيّاً، و11 من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وبلغ عدد جرحى العدوان 10870 فلسطينيّاً إصاباتهم بين خطيرة ومتوسطة وطفيفة، بينهم 3303 أطفال و2101 امرأة. كما ارتكب الاحتلال الصهيوني في أيام العدوان مجازر بحق أكثر من مئة عائلة فلسطينية في قطاع غزة، ونفّذ جيش الاحتلال 8210 هجمات على القطاع، وأطلق خلال العدوان 15736 قذيفة من الزوارق الحربية، و36718 قذيفة من المدفعية. ودمرت طائرات ومدفعية الاحتلال 17132 منزلاً بينها 2465 دمرت كاملة. وفي أيام العدوان الأخيرة، دمرت المقاتلات ثلاثة أبراج سكنية في مدينة غزة كانت
تؤوي مئات العائلات، كما دمرت طائرات الاحتلال 171 مسجداً، بينها 62 دمرت كاملاً. واستهدف الاحتلال 48 جمعية خيرية، كانت تقدم خدماتها لما يزيد على مئتي ألف شخص.
أما الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بالقطاع الاقتصادي، فقُدّرت بنحو 3.6 مليارات دولار. واستهدف الاحتلال تسع محطات لمعالجة المياه و18 منشأة كهربائية، و19 مؤسسة مالية ومصرفية، و372 مؤسسة صناعية وتجارية، و55 قارب صيد وعشرة مستشفيات، و19 مركزاً صحيّاً و36 سيارة إسعاف. كما بلغ عدد المدارس المستهدفة 222، منها 141 حكومية، و76 تابعة لوكالة "أونروا" وخمس خاصة. واستهدف الاحتلال ست جامعات، ومحطة لتوليد الكهرباء. أما عدد المشردين، إثر هدم طائرات الاحتلال منازلهم، فتجاوز مئة ألف، وذلك بعد عودة النازحين من المناطق الحدودية إلى بيوتهم. وقدّرت خسائر غزة الإجمالية بأكثر من أربعة مليارات دولار أميركي، علماً أن إعمار القطاع يتطلّب توفير ما يزيد على هذا المبلغ، وفق تقديرات الخبراء!
ترى، هل يحق لمجرمٍ كهذا، قاد حرباً على شعب محاصر، خلّفت كل هذا الدمار، وفق إحصائيات صدرت عن جهات محايدة، ومنظمات حقوقية دولية، أن يتحدث عن الإرهاب؟ ما الإرهاب إن لم يكن ما فعله ويفعله نتنياهو؟
كانت الرئاسة الفرنسية تعلم بالطبع بهذا السجل الحافل بالإرهاب، ولهذا لم تقم بدعوة صاحبه، لكنه أصر على السفر والمشاركة في تظاهرة ضد الإرهاب، إلى جانب زعماء عرب وأجانب، في محاولة يائسة للظهور بمظهر المحارب للإرهاب، وهو أحد أكثر المنظرين له، فضلاً عن تنفيذه!
ظهور نتنياهو في تظاهرة باريس، أفقدتها مغزاها، حسب رأي كثيرين، خصوصاً من ناشطي شبكات التواصل الاجتماعي والمحللين السياسيين، فإرهاب نتنياهو لا يحتاج دليلاً، واكتملت صورته البشعة بهجومه الشرس على الإسلام الذي بدا أن تخصيصه ما يسميه "الإسلام المتطرف" بالهجاء، كان يعني الإسلام ديناً، وليس بعض المسلمين، لأنه كان يتحدث عن الإسلام وليس المسلمين، الأمر الذي ينسجم مع عنصريته وإرهابه الذي مارسه في الواقع، ونظّر له في كتابه "مكان تحت الشمس"، المليء بالأكاذيب التاريخية والتحريض على الشعب الفلسطيني، ويكفي، هنا، أن نشير إلى جانب واحد فقط من فلسفة نتنياهو في صنع "السلام" مع العرب، وهي أشبه ما تكون بشروط صك استسلام، حيث يرى أنّ أي محاولة تحقيق سلام بين إسرائيل والعرب يجب أن تشمل، علاوة على مسألة الأراضي المختلف عليها: معاهدات سلام رسمية بين الدول العربية وإسرائيل، ترتيبات أمنية مع الدول العربية تحمي إسرائيل من أي هجوم، وتمكن الأطراف من التأكد بأنّ الاتفاقيات تنفذ نصاً وروحاً، وتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، إلغاء المقاطعة الاقتصادية على إسرائيل، وقف الدعاية الرسمية ضد إسرائيل والصهيونية في المدارس ووسائل الإعلام في الدول العربية، هيئة دولية تمنع بيع أسلحة ووسائل قتال غير تقليدية لأنظمة الحكم المتطرفة في الشرق الأوسط، مشروع دولي لتوطين اللاجئين، وتعاون إقليمي لتطوير مصادر للمياه وحماية الطبيعة والبيئة". وفي ما يخص موضوع إعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى بلادهم، يرفض نتنياهو مجرد مناقشة الفكرة، ويعتبر أنّ الظروف تغيّرت، "وأنّه يجب على العرب أن يدركوا أنّه لا يمكنهم إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، كلمّا أرادوا ذلك". ويعقّب أحدهم على هذا المنطق الإرهابي، فيقول إن على الشعب الفلسطيني أن يكون واقعيّاً (!)، وأن لا يجهد نفسه في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ثلاثين أو ستين سنة، أما اليهود فيجوز لهم أن يعيدوا عقارب الزمن إلى الوراء ثلاثة آلاف سنة، لا يجوز للفلسطيني أن يرجع إلى بلاده، وهو على مسافة كيلومترات منها، ويجوز لليهودي أن يهاجر إلى إسرائيل من مسافة آلاف الكيلومترات. وبالمنطق نفسه، لا يجوز للفلسطيني أن يعود إلى داره التي تركها، ويجوز لليهودي أن يأتي ليستوطن في بلاد لا يعرف أين تقع على الخريطة!
استثمر نتنياهو التظاهرة كجزء من حملته الانتخابية للفوز بمقعد رئيس وزراء إسرائيل مجدداً، واستثمر الحدث الفرنسي لشن حملة شرسة ووقحة، على الإسلام، مجاهراً بحلف إسرائيل الجديد مع أنظمة عربية "معتدلة"، لضمان "تحقيق الانتصار على الإسلام المتطرف"، كما قال، وذهب في هذا بعيداً، في كلمة ألقاها في المعبد اليهودي في باريس؛ ليذكّر الأوروبيين بأن "الإسلام المتطرف هو أخطر تهديد تواجهه الإنسانية في العصر الحالي". ونقلت القناة الإسرائيلية الثانية عن نتنياهو قوله أيضاً: "نحن، في إسرائيل والأنظمة العربية المعتدلة والعالم الحر بأسره، مطالبون بتوحيد الجهود من أجل الانتصار على الإسلام المتطرف. هذا خطر يهدد ليس وجودنا، بل قيمنا الأخلاقية"، وقوله: "لا فرصة أمامنا إلا الانتصار في هذه المعركة، أمام مَن يحاول إرجاعنا ألف عام إلى الخلف".
بدا نتنياهو ككلب مسعور، وهو يهاجم الإسلام، ويحرّض عليه، وهو وكيانه الصهيوني، المصدر الأول في صناعة الإرهاب، وإنتاجه، وتوزيعه على أركان الدنيا الأربعة، ليس فقط من خلال ما يقوم به آخر احتلال في التاريخ البشري الحديث، في فلسطين، بل من خلال تصدير المرتزقة الصهاينة، من القَتَلة وخبراء الإرهاب المنظّم، إلى أنحاء الكون، وكذلك تصدير أدوات القتل المختلفة، والخبرات النادرة في صناعة الموت!
يستعصي سجل نتنياهو الإرهابي على الحصر، وهو آخر واحد في العالم يحق له الكلام عن الإرهاب، فهو الإرهابي الأول على سطح هذه البسيطة، وجديد سجلاته في الإرهاب تتحدث عن حرب عدوانية شنها على غزة، المحاصرة جواً وبحراً وبرّاً، كان لها نتائج كارثية تفوق الوصف، بشريّاً واقتصاديّاً وبيئيّاً!
للتذكير فقط، خلّف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي استمر 51 يوماً، 2147 شهيداً، بينهم 530 طفلاً، و302 من النساء، بينهن أكثر من أربعين مسنّة، فضلاً عن 23 من الطواقم الطبية، و16 صحافيّاً، و11 من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وبلغ عدد جرحى العدوان 10870 فلسطينيّاً إصاباتهم بين خطيرة ومتوسطة وطفيفة، بينهم 3303 أطفال و2101 امرأة. كما ارتكب الاحتلال الصهيوني في أيام العدوان مجازر بحق أكثر من مئة عائلة فلسطينية في قطاع غزة، ونفّذ جيش الاحتلال 8210 هجمات على القطاع، وأطلق خلال العدوان 15736 قذيفة من الزوارق الحربية، و36718 قذيفة من المدفعية. ودمرت طائرات ومدفعية الاحتلال 17132 منزلاً بينها 2465 دمرت كاملة. وفي أيام العدوان الأخيرة، دمرت المقاتلات ثلاثة أبراج سكنية في مدينة غزة كانت
أما الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بالقطاع الاقتصادي، فقُدّرت بنحو 3.6 مليارات دولار. واستهدف الاحتلال تسع محطات لمعالجة المياه و18 منشأة كهربائية، و19 مؤسسة مالية ومصرفية، و372 مؤسسة صناعية وتجارية، و55 قارب صيد وعشرة مستشفيات، و19 مركزاً صحيّاً و36 سيارة إسعاف. كما بلغ عدد المدارس المستهدفة 222، منها 141 حكومية، و76 تابعة لوكالة "أونروا" وخمس خاصة. واستهدف الاحتلال ست جامعات، ومحطة لتوليد الكهرباء. أما عدد المشردين، إثر هدم طائرات الاحتلال منازلهم، فتجاوز مئة ألف، وذلك بعد عودة النازحين من المناطق الحدودية إلى بيوتهم. وقدّرت خسائر غزة الإجمالية بأكثر من أربعة مليارات دولار أميركي، علماً أن إعمار القطاع يتطلّب توفير ما يزيد على هذا المبلغ، وفق تقديرات الخبراء!
ترى، هل يحق لمجرمٍ كهذا، قاد حرباً على شعب محاصر، خلّفت كل هذا الدمار، وفق إحصائيات صدرت عن جهات محايدة، ومنظمات حقوقية دولية، أن يتحدث عن الإرهاب؟ ما الإرهاب إن لم يكن ما فعله ويفعله نتنياهو؟
كانت الرئاسة الفرنسية تعلم بالطبع بهذا السجل الحافل بالإرهاب، ولهذا لم تقم بدعوة صاحبه، لكنه أصر على السفر والمشاركة في تظاهرة ضد الإرهاب، إلى جانب زعماء عرب وأجانب، في محاولة يائسة للظهور بمظهر المحارب للإرهاب، وهو أحد أكثر المنظرين له، فضلاً عن تنفيذه!
ظهور نتنياهو في تظاهرة باريس، أفقدتها مغزاها، حسب رأي كثيرين، خصوصاً من ناشطي شبكات التواصل الاجتماعي والمحللين السياسيين، فإرهاب نتنياهو لا يحتاج دليلاً، واكتملت صورته البشعة بهجومه الشرس على الإسلام الذي بدا أن تخصيصه ما يسميه "الإسلام المتطرف" بالهجاء، كان يعني الإسلام ديناً، وليس بعض المسلمين، لأنه كان يتحدث عن الإسلام وليس المسلمين، الأمر الذي ينسجم مع عنصريته وإرهابه الذي مارسه في الواقع، ونظّر له في كتابه "مكان تحت الشمس"، المليء بالأكاذيب التاريخية والتحريض على الشعب الفلسطيني، ويكفي، هنا، أن نشير إلى جانب واحد فقط من فلسفة نتنياهو في صنع "السلام" مع العرب، وهي أشبه ما تكون بشروط صك استسلام، حيث يرى أنّ أي محاولة تحقيق سلام بين إسرائيل والعرب يجب أن تشمل، علاوة على مسألة الأراضي المختلف عليها: معاهدات سلام رسمية بين الدول العربية وإسرائيل، ترتيبات أمنية مع الدول العربية تحمي إسرائيل من أي هجوم، وتمكن الأطراف من التأكد بأنّ الاتفاقيات تنفذ نصاً وروحاً، وتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، إلغاء المقاطعة الاقتصادية على إسرائيل، وقف الدعاية الرسمية ضد إسرائيل والصهيونية في المدارس ووسائل الإعلام في الدول العربية، هيئة دولية تمنع بيع أسلحة ووسائل قتال غير تقليدية لأنظمة الحكم المتطرفة في الشرق الأوسط، مشروع دولي لتوطين اللاجئين، وتعاون إقليمي لتطوير مصادر للمياه وحماية الطبيعة والبيئة". وفي ما يخص موضوع إعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى بلادهم، يرفض نتنياهو مجرد مناقشة الفكرة، ويعتبر أنّ الظروف تغيّرت، "وأنّه يجب على العرب أن يدركوا أنّه لا يمكنهم إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، كلمّا أرادوا ذلك". ويعقّب أحدهم على هذا المنطق الإرهابي، فيقول إن على الشعب الفلسطيني أن يكون واقعيّاً (!)، وأن لا يجهد نفسه في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ثلاثين أو ستين سنة، أما اليهود فيجوز لهم أن يعيدوا عقارب الزمن إلى الوراء ثلاثة آلاف سنة، لا يجوز للفلسطيني أن يرجع إلى بلاده، وهو على مسافة كيلومترات منها، ويجوز لليهودي أن يهاجر إلى إسرائيل من مسافة آلاف الكيلومترات. وبالمنطق نفسه، لا يجوز للفلسطيني أن يعود إلى داره التي تركها، ويجوز لليهودي أن يأتي ليستوطن في بلاد لا يعرف أين تقع على الخريطة!