الإثنين الأزرق

23 يناير 2016
وحين تغضب تتلبّد (Getty)
+ الخط -

الإثنين الأزرق.. كانت شركة بريطانية قد أطلقت على الإثنين الثالث من شهر يناير/كانون الثاني "الأزرق". وفقاً لعملية حسابية، لاحظت أنه الإثنين الأكثر كآبة في العام.

الإثنين 18 يناير/كانون الثاني. السماء الزرقاء كما يفترض بها أن تكون مثل يومها في الأسفل. كئيبة؟ بعد قليل يؤنسها سربٌ من الطيور، أو طائرة تقل مجموعة من المسافرين. لا تفهم لغتهم بالضرورة لكنّهم يخفّفون من وحدتها. الغيوم تهرب منها دائماً. وحين تغضب تتلبّد.

الإثنين 18 يناير/كانون الثاني. تستيقظ من دون أن تنظر إلى نفسها في المرآة المقابلة لسريرها. تعرف أن شعرها المنكوش وبشرتها الباهتة سيعكّران مزاجها. تجمع خصلاته في ربطة ولا حلّ مع بشرتها. كان يفترض بها أن تسبق الساعة التي استيقظت فيها. علبة النسكافيه فارغة، ويستحيل أن تخرج منكوشة من البيت. ولا بديل عن كوب النسكافيه صباحاً. هذا ليس يومها. ويبدو أن الشمس لم تخرج بعد من بلدانها الأخرى، أم أن الأرض لا تدور كفاية.

الإثنين 18 يناير/كانون الثاني. قتلى في تفجير وخوف من تفجير. قصف هنا وهناك. لا تنسيق بين الطائرات الحربية المنتقلة من سماء إلى أخرى. لكن مودة تجمع بينها. حين تسقط الطائرة، تعاقب الأخرى الأبرياء على الأرض. مزيدٌ من الغارات. هذه حرب بين كائنات السماء وكائنات الأرض. كان يوماً عنيفاً. الإثنين الرمادي.

الإثنين 18 يناير/كانون الثاني. فارَت القهوة على فرن الغاز. كانت قد نظّفته ليل الأحد الذي يمهّد للإثنين. لن تسمح لهذا الحادث أن يعكّر مزاجها. راحت تراقب السائل البني يتمدّد على سطحه. تُرى ماذا يخبرها؟ توقّف عن الزحف. هناك نهاية إذاً. تعرف عن النهايات، وتراقبُ نفسها تنتهي يوماً بعد يوم. لكن ليس اليوم. فارت القهوة لتقول لها شيئاً ما. لا صدف في الحياة. علينا فقط أن نحسن القراءة. اندسّت في فراشها كأنها تتابع سيلان القهوة. الغرق بين شرشفٍ عرقان ولحاف قد يصنع بداية جديدة.

الثلاثاء 19 يناير/كانون الثاني. كان أمس يوماً كئيباً. مجرّد حوادث فردية قادرة على ذبح يوم بأكمله. يبدو اليوم أفضل. لم تلوّنه أي شركة عالمية أو حتى محلية. هناك قتلى وقهوة فارت على النار. لكنه مجرد ثلاثاء. ويمكن وصفه بيوم القيامة من الإثنين. في حديثها عن الإثنين الأزرق، استعانت لينا بلير في صحيفة "تيليغراف" بمسرحية هامليت لـ "شكسبير". كان الأمير يشكو لرفيقيه عن الدنمارك التي تحولت إلى سجن بالنسبة إليه. لكنهما لا يريانها على هذا النحو. فيقول: "لماذا إذاً؟ لأنه لا يوجد شيء سيئ أو جيد، بل التفكير يجعله كذلك". ربما تكون كل أيامنا زرقاء إذا لم نضفِ إليها قليلاً من الأحمر.

اقرأ أيضاً: ميسي على كورنيش بيروت
دلالات
المساهمون