الأمّ اللبنانيّة مُعنّفة في عيدها

21 مارس 2014
ملصق منظمة "مارتش" في عيد الأم
+ الخط -

لا تستطيع مريم أن تكمل حديثها، تمنعها دموعها من ذلك. وبغصّة، تجبر نفسها على إعادة استكماله. إنّه عيد الأم الثّاني لها كامرأة معنّفة. تروي مريم لـ"العربي الجديد" أن زوجها لم يكن يعنّفها في بداية زواجهما. "كان يحبّني"، تقول. "لا أعرف ماذا جرى، ولا أسباب تغيّر معاملته لي، رغم أنّي لم أغيّر معاملتي".

تُظهر الإحصاءات أنّ واحدة من كلّ أربع نساء هي ضحيّة للعنف الأسري حول العالم. وفي لبنان، تقول التّقارير أنّ أكثر من 12 امرأة تخسر حياتها كلّ عام بسبب العنف الأسريّ. وفي غضون ذلك، وثّقت منظّمة "كفى عنفا واستغلالا" وحدها في العام 2011، 172 حالة عنف، و197 في العام 2012 ليرتفع العدد إلى 291 في العام 2013 الماضي. لكنّ عدم وجود تشريع يحمي النّساء من العنف الأسريّ، ليس السّبب الوحيد وراء عدم ردع الأزواج عن ضرب زوجاتهنّ. تقول مريم(اسم مستعار) "قلتُ لوالديّ أنّه يضربني، لكنّهما لم يعيرا الأمر أيّ اهتمام. قال والدي أنّ عليّ أن أصبر، فولداي صغيران جداً، يبلغ سامي من العمر 10 سنوات، فيما لم تكمل ريتا الأعوام الخمسة. ولا تستطيع عائلتي أن تعيلهما، رغم أنّ القوانين الشّرعية في لبنان تعطيني حقّ حضانتهما، ولكن ليس لسنوات طويلة”.

تؤكّد مريم أنّ زوجها استنفد كل أساليب التعنيف معها، من أدوات المطبخ إلى إطفاء السّجائر في جسدها. "كنتُ مرّة أدرّس سامي الرّياضيّات، حين طلب منّي إعداد قهوة، فطلبتُ منه إمهالي بعض الوقت حتّى انتهي من الإشراف على دروس الصّغير، لكنّه لم يتحمّل الانتظار. حمل مسطرة الخشب، وضربني بها على كفّيّ "اللذين رفضا إعداد القهوة له"، ثمّ كسرها على رأسي. وللمفارقة، تتقاطع قصة مريم مع حملة أطلقتها منظّمة "مارتش" اللبنانيّة بمناسبة عيد الأم. حيث صوّرت وردةً حمراء تنزِف وتمّ تضميد جراحها، مرفقةً بسؤال "عيد أمّ سعيد؟".

لم تحتفل مريم بكونها أمّا في أي من الأعياد السّابقة، وحُرمت من ذلك أيضاً، حين حاول ولداها التّعبير عن حُبّهما لها. "في عيد الأمّ الماضي، جلبت ريتا معها من المدرسة وردةً كانت قد غرست بذورها بإيعاز من المدرسة ضمن النّشاطات التي تقيمها بالمناسبة، لكنّ زوجي كان منزعجاً بسبب مشكلة حصلت معه في العمل، ولم يتحمّل طلبي منه أن يهدأ، لأنّ الصّغيرين خافا، فكسر حوض الزّهرة على رأسي".

تبدو مريم يائسةَ من الحالة التي تعيشها، خصوصاً بعد أن قُتلت كلّ من منال العاصي وكريستال أبو شقرا جرّاء العنف الزّوجي بداية هذا العام. وتقول "لا أعرف إن كان ولداي سيحتفلان بعيد الأمّ معي مرّة أخرى. فقد طلب منه سامي أمس أن يساعده في شراء "كنزة" لي للمناسبة، فرفض قائلاً "شو مفكّرها أم هاي؟". لم أردّ عليه، لكنّي انشغلتُ بتهدئة سامي بعد أن أجهش بالكباء، فأصدقاؤه في المدرسة حدّثاه عن هدايا حضّروها لأمّهاتهم في المناسبة".

ليست مريم الأمّ المعنّفة الوحيدة في لبنان، كما أنّ قصّتها لا تختصر بالطّبع قصص الأمّهات اللبنانيات، فبعضهنّ سعيدات داخل أسرتهنّ. لكنّ الأكيد أنّ قصّتها تختصر مأساة العديد من الأمّهات اللواتي تعرّضن للعنف، وما زلن يتعرّضن له كلّ يوم، بأشكاله كافة، دون أن يكون هناك من يحميهنّ.

المساهمون