أعلنت الأمانة العامة للأمم المتحدة، أمس الإثنين، عن قلقها الشديد إزاء تردي الأوضاع الأمنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية. ودعت جميع الأطراف إلى العدول عن اتخاذ، ما أسمته، بالخطوات الأحادية لحل النزاع. وطالبت برفع الحصار عن غزة. كما طالبت بوقف الاستيطان والعودة إلى المحادثات، فيما أكدت على ضرورة إكمال الوحدة الوطنية الفلسطينية.
وقدم مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، يانس أندرياس تويبيرغ فنرانسين، إحاطة أمام مجلس الأمن حول الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في الوقت الذي أعرب فيه عن "قلق الأمين العام للأمم المتحدة من تفاقم الوضع وتصاعد العنف والتوتر في القدس"، فيما أكد عدم قانونية الاستيطان. كما انتقد السلطات الإسرائيلية لقيامها بهدم 41 منزلاً في الشهر الأخير في القدس المحتلة ومناطق أخرى من فلسطين، إضافة إلى نيتها ترحيل آلاف الفلسطينيين البدو بالقرب من مدينة الخليل.
وأشاد تويبيرغ فنرانسين بالاجتماعات المنفصلة، التي شهدتها العاصمة الأردنية عمان، بين العاهل الأردني الملك عبد الله، وبين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووزير الخارجية الأميركي، جون كيري، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو. وأعرب عن أمله في "أن تترجم هذه اللقاءات المعلنة لبناء الثقة إلى عمل فوري لنزع فتيل التوتر". وتحدث عن "القلق العميق الذي يشعر به الأمين العام بسبب استمرار المواجهات بين القوات الإسرائيلية وشبان فلسطينيين". وتطرق إلى الأحداث على الأرض ومقتل العديد من الفلسطينيين والإسرائيليين في الأسبوعين الأخيرين، وجرح أكثر من 400 فلسطيني على أيدي قوات الاحتلال، من دون أن يشير إلى شنق المستوطنين الفلسطيني يوسف الرموني، يوم الأحد في حافلته في القدس.
وأكد أن الوضع في قطاع غزة المحتلة صعب للغاية على الرغم من بعض المؤشرات على تحسن تجاه إعادة الإعمار. وقال إن إعادة الأعمار لن تكون ممكنة من دون بناء الثقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين واتخاذ خطوات مجدية في هذا الصدد، من بينها "تعزيز وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن القطاع والتطبيق العاجل والكامل لآلية إعادة البناء بحسن نية". فيما أكد كذلك على ضرورة التحام وترجمة القوى الفلسطينية للخطوات التي اتخذتها تجاه الاتحاد والمصالحة بين "فتح" و"حماس". وقدر عدد الغزاويين الذين ما زالوا مشردين بسبب الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، بـ 80 ألفاً على الأقل. وأشار إلى أن هناك مشاريع عديدة بقيمة تزيد عن الـ 6 ملايين دولار أميركي ما زالت تنتظر موافقة إسرائيل عليها. وحث المانحين على الوفاء بوعودهم وتقديم الأموال لإعادة إعمار القطاع. كما تحدث عن نية مصر عقد لقاء بين الفلسطينيين والإسرائيليين في القاهرة في النصف الثاني من الشهر الجاري.
لكن اللافت في الإحاطة التي قدمها مساعد الأمين العام للشؤون السياسية هو مناشدته "جميع الأطراف بفعل كل ما بوسعها لتجنب تفاقم الجو المتوتر، وإظهار القيادة المسؤولة وتجنب الإجراءات الأحادية الاستفزازية والامتناع عن الخطابات التي تلهب المشاعر وتحرض مؤيديهم". ولم يحدد ما المقصود بـ"الاجراءات الأحادية"، وما إذا كان يعني الخطوة التي "تهدد" السلطة الفلسطينية باتخاذها وتقضي بالتوجه إلى مجلس الأمن بمشروع قرار يحدد وقتاً زمنياً لإنهاء الاحتلال. ورفض، في أكثر من مناسبة، متحدثون باسم الأمين العام، تحديد موقفه من هذه الخطوة الفلسطينية وما إذا كان يدعمها، في حين يكرر التأكيد على ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات، وهو ما تطالب به الولايات المتحدة وتعارض ذهاب الجانب الفلسطيني إلى مجلس الأمن لما تسميه بخطوة أحادية الجانب، الأمر الذي يظهر وكأن الأمين العام يتبنى الموقف الأميركي المعارض للخطوة الفلسطينية، من دون الإشارة إلى ذلك بصورة صريحة.
ومجدداً بدت إحاطة الأمانة العامة أمام مجلس الأمن متناقضة من دون أن تعكس كل ما يحدث على أرض الواقع بتفاصيله، حينما رحب ممثل الأمين العام بوعود نتنياهو، بالحفاظ على هوية القدس مشيراً إلى أن "نتنياهو طمأن مجدداً الأمين العام، بأن بلاده لا ترغب في تغيير الوضع القائم في القدس وتعكف على حماية المقدسات والحريات الدينية". وكان مسؤول الشؤون السياسية في الأمم المتحدة، جيفري فيلتمان، قد قدم إحاطة قبل أسبوعين تقريباً أمام مجلس الأمن، أكد فيها على النقاط نفسها، لتبدو إحاطة الأخيرة لا أكثر من نسخة محدثة لآخر إحاطة حول فلسطين المحتلة والوضع فيها، من دون أية خطوات ملموسة من نيويورك تفي ولو بجزء من تطلعات وآمال الفلسطينيين في الحرية والاستقلال.