نشرت مؤسسة "الحق" الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، خطاباً كان قد نشره المقرر الخاص في الأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، ديفيد كاي، موجهاً إلى الحكومة الفلسطينية بشأن قرار بقانون الجرائم الإلكترونية.
وكان كاي قد نشر على الموقع الالكتروني الرسمي، التابع لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، خطاباً موجهاً إلى الحكومة الفلسطينية بتاريخ 16/8/2017 بشأن قرار بقانون الجرائم الإلكترونية المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 9/7/2017، وانتهاكات لحرية التعبير عن الرأي والحق في الخصوصية ارتكبت من قبل دولة فلسطين.
ودعا المقرر الخاص الحكومة الفلسطينية إلى اتخاذ جميع الخطوات الضرورية لمراجعة القرار بقانون يتماشى مع التزامات دولة فلسطين بموجب الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. وأكد على أهمية تلقي رد الحكومة الفلسطينية في غضون ستين يوماً من تاريخ نشر خطاب المقرر الخاص على الموقع الإلكتروني الرسمي للأمم المتحدة، وأنه سيتم نشر رد الحكومة الفلسطينية على ذات الموقع الإلكتروني، وتضمينه في التقرير الدوري، الذي سيتم رفعه إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
وعبر كاي، في خطابه الموجه إلى الحكومة الفلسطينية، عن قلقه من ورود معلومات لمكتبه تفيد بأن قرار بقانون الجرائم الإلكترونية الفلسطيني قد أقر بسرية كاملة، دون عرضه على النقاش المجتمعي، وبأنه ينطوي على جملة من الأحكام التي تجيز حجب مواقع إلكترونية، وتجرم الحرية المشروعة للتعبير عن الرأي، وتنتهك الحق في الخصوصية، وتمثل تراجعاً ملحوظاً في حرية وسائل الإعلام في فلسطين، وأنه قد تزامن مع حجب ما لا يقل عن ثلاثين موقعاً إلكترونياً؛ بما فيها مواقع تنشر أخباراً أو آراء تنتقد أداء دولة فلسطين، وأن هناك خشية من توظيف القرار بقانون في حجب المواقع الإلكترونية.
ونوه الى قلقه من ورود تقارير تفيد باعتقال أشخاص بتهمة "الإساءة إلى الرئيس"، وغيرها من التصريحات السياسية المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقيام السلطة التنفيذية برفع الحصانة البرلمانية عن أعضاء في المجلس التشريعي، والأمر الصادر عن النائب العام بسحب رواية من السوق المحلية (جريمة في رام الله)، وعن قلقه من أن تزداد وتتوسع تلك الانتهاكات بعد صدور قرار بقانون الجرائم الإلكترونية.
وأكد المقرر الخاص في خطابه أن دولة فلسطين قد انضمت إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بتاريخ 2 نيسان/أبريل 2014، وأن المادة (19) من العهد الدولي المذكور كفلت حماية حق كل إنسان في حرية التعبير عن الرأي، وأنه لا يكفي أن تسن الدولة القيود الواردة على حرية التعبير في صورة قوانين، وإنما ينبغي أن تنسجم هذه القيود مع المعايير الدولية وأن تتسم بالدقة والوضوح الكافي، وأن يتيسر الوصول إليها والاطلاع عليها وتوقعها من قبل الأفراد وضبط سلوكهم عليها وأن تكون محاطة بضمانات تكفل عدم إساءة استخدامها وغيرها من الضوابط.
كما نوه بأن المادة (17) من العهد الدولي المذكور أكدت على وجوب حماية حقوق الأفراد من أي تدخل في خصوصيتهم ومراسلاتهم، على نحو تعسفي أو غير قانوني.
وأشار إلى عدد من النصوص الواردة في قرار بقانون الجرائم الإلكترونية لا تتماشى مع المعايير الدولية، من قبيل تجريم إعداد المواد التي تنتهك الآداب العامة ونشرها وتوزيعها وتخزينها واستخدامها (المادة 16) وتجريم الأخبار التي تعرض سلامة الدولة ونظامها العام للخطر (المادة 20) وتجريم المواد التي تنتهك حرمة الحياة الخاصة (المادة 22) وتجريم الإساءة للمقدسات والشعائر المقررة للأديان السماوية (المادة 21) وما ورد في المادة (32) التي تلزم مزودي خدمة الإنترنت بالتعاون مع الجهات المختصة بجمع المعلومات والبيانات وتخزينها لمدة ثلاث سنوات، وما ورد في المادة (40) التي تجيز للنائب العام، أو أحد مساعديه، أن يطلب من المحكمة المختصة حجب مواقع إلكترونية في غضون 24 ساعة، كما أشار إلى نصوص كانت واردة في مشروع قرار بقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لا تنسجم مع المعايير الدولية.
وعبّر المقرر الخاص عن قلقه من ورود العديد من النصوص القانونية الفضفاضة في قرار بقانون الجرائم الإلكترونية، وأنه يفرض عقوبات بالغة القسوة على كل من يخالف أحكامه، لا تتناسب مع طبيعة الأفعال المرتكبة، وأنه في ظل غياب قانون "حق الوصول إلى المعلومات" فإن هذا الواقع من شأنه أن يؤدي إلى مأسسة الانتهاكات التي تمس الحقوق الأساسية للإنسان؛ وبخاصة الحق في حرية التعبير والحق في الخصوصية والحق في الوصول للمعلومات، وأنه يشكل تهديداً لقدرة الصحافيين على أداء مهامهم بحرية، ولا سيما الصحافيين الاستقصائيين، والمبلغين عن جرائم الفساد، بما يفضي إلى فرض قدر هائل من الرقابة الذاتية التي تمارسها وسائل الإعلام على أدائها والأفراد على أنفسهم، ولا سيما الذين يوجهون الانتقادات للسلطة التنفيذية.