حذرت الأمم المتحدة من أن عدد الحالات الفعلية للإصابات بفيروس كورونا في سورية أعلى بكثير مما تدل عليه الأرقام لحالات الإصابة المؤكدة، وجاء ذلك على لسان مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية ووكيل منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، راميش راجا سينغهام، خلال إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك حول الوضع الإنساني في سورية.
وأشار راجا سينغهام إلى أن مكتبه حذر في إحاطته، الشهر الماضي، من أن عدم توفر ما يكفي من الاختبارات لفحص مدى انتشار فيروس كورونا يخفي المدى الحقيقي لتفشي الوباء، وقال في هذا السياق "تشير التقارير الواردة عن امتلاء مرافق الرعاية الصحية، وتزايد أعداد إخطارات الوفاة والدفن، إلا أن الحالات الفعلية تتجاوز بكثير الأرقام الرسمية، وما تظهره الأرقام الرسمية هو أن انتقال الفيروس داخل المجتمع واسع الانتشار، حيث لا يمكن تتبع مصدر الإصابة لغالبية الحالات الرسمية التي تم تسجيلها في سورية، وتصل إلى قرابة 2440 إصابة".
وتحدث المسؤول الأممي عن زيادة الضغط على النظام الصحي الهش في سورية نتيجة ارتفاع أعداد المرضى، وأشار إلى تردد الكثيرين في طلب الرعاية في المستشفيات، مما يؤدي إلى مضاعفات أكثر خطورة عند وصولهم، كما أن العاملين في المجال الصحي يفتقرون إلى معدات الحماية الشخصية الكافية والإمدادات المرتبطة بها.
كما تحدث سينغهام عن تدهور الأوضاع في مخيم الهول، شمال شرق سورية، مما اضطر 12 مركزاً صحياً إلى تعليق عملياتهم هذا الشهر بسبب إصابة الموظفين، أو اضطرارهم إلى عزل أنفسهم، أو بسبب نقص معدات الحماية الشخصية، وأكد على استئناف كلا المستشفيين الميدانيين في المخيم عملياتهما منذ ذلك الحين.
ويعيش في مخيم الهول قرابة 65 ألف لاجئ سوري، أكثر من نصفهم من الأطفال دون الخمس سنوات، ووصف الأوضاع في المخيم بالهشة للغاية، وعبر عن قلقه من وفاة ثمانية أطفال دون الخامسة من عمرهم بين الـ 6 و 10 من أغسطس/آب الجاري، بسبب عدد من العوامل المتعلقة بظروف معيشتهم في المخيم، وتحدث عن نقص في المياه النظيفة والمياه الصالحة للشرب في المخيم والمنطقة، وقال في هذا السياق "كما تأثر مخيم الهول بتكرار استمرار انقطاع إمدادات المياه من محطة مياه علوك، خلال الشهر الماضي، حيث قطعت إمدادات المياه من علوك 13 مرة على الأقل هذا العام، مما أثر على حوالي 460 ألف شخص في محافظة الحسكة".
وفيما يخص الأوضاع الاقتصادية وتأثيرها على الأمن الغذائي، قال "ساعد استقرار الليرة السورية منذ شهر يونيو/حزيران، بعدما كانت قد هبطت إلى أدنى مستويات لها، إلى خفض تضخم أسعار المواد الغذائية، وعلى الرغم من ذلك فإنها ما زالت ترتفع وإن كان بشكل أبطأ"، وأكد، في الوقت ذاته، أن أسعار الغذاء الحالية مرتفعة جداً، وتوقع أن يزيد انفجار بيروت من الضغط ويؤثر على سلسلة الإمدادات للسلع التجارية لسورية.
وأكد أنه، وعلى الرغم من التزام الأطراف عموماً بوقف إطلاق النار في الشمال الغربي لسورية، إلا أن ذلك لا ينطبق على حياة المدنيين الذين يعيشون في المناطق الواقعة على الخطوط الأمامية.
وتحدث عن تصاعد الأعمال القتالية في الشمال الغربي في الشهرين الأخيرين، وزيادة مستويات القصف وخاصة في جنوب إدلب وشمال اللاذقية وشمال حماة وغرب حلب، وأشار إلى مقتل 10 مدنيين، من بينهم ثلاثة أطفال، نتيجة الضربات البرية والغارات الجوية في "منطقة خفض التصعيد" خلال شهري يونيو ويوليو. كما أصيب 30 مدنياً، بينهم عشرة أطفال، بجروح خلال نفس الفترة.
وحذر كذلك من مقتل المدنيين وخاصة الأطفال بسبب مخاطر مخلفات المتفجرات التي تنفجر أثناء لعب الأطفال أو التقاط الأنقاض، وأشار إلى واحد من تلك الحوادث الذي وقع في الـ 12 من أغسطس، حيث دخل قرابة سبعين شخصاً من بينهم عائلات وأطفال إلى منطقة ملوثة بمخلفات المتفجرات في منطقة نبل والزهراء بريف حلب الشمالي، وأدى ذلك إلى انفجار بعض المخلفات، كما أطلقت مجموعات مسلحة في المنطقة النار جراء انفجار تلك المخلفات، وقال المسؤول الأممي إن عدد القتلى ما زال غير واضح حتى بعد انتشال بعض الجثث، وأكد أن تلك العائلات كانت تسافر مع مهربين محليين مدفوعة بالأوضاع اليائسة والصعبة للغاية.
وحول تقديم المساعدات العابرة للحدود، قال إن الأمم المتحدة تمكنت من إدخال أول قافلة مساعدات لريف حلب الشمالي عبر معبر باب الهوى الحدودي، منذ تبنى مجلس الأمن قراره 2533 نهاية الشهر الماضي، وأعطى مثالاً على المصاعب التي تواجهها قوافل المساعدات الإنسانية منذ إغلاق باب السلام نهاية الشهر الماضي (وبقية المعابر قبلها بستة أشهر)، حيث قال إن القافلة استغرقت 11 ساعة للوصول إلى وجهتها، الباب، بعد تأجيل متكرر، بسبب عدم وجود موافقات من مختلف الجهات، فضلاً عن سوء حالة الطرق، في المقابل كان وصول القافلة إلى نفس المنطقة من معبر باب السلام يستغرق ساعتين، ولفت الانتباه أن هذا يعني زيادة في المخاطر والتكلفة.