الأمطار تروي اليمنيين

05 مايو 2016
يعبّئون حاجتهم من مياه الأمطار التي تجمعت (فرانس برس)
+ الخط -
لجأ يمنيون في مناطق مختلفة من البلاد إلى أساليب كان يستخدمها آباؤهم قديماً، لتوفير بعض المياه. استمرار الحرب في البلاد لأكثر من عام، تسبّب في انقطاع أكثر الخدمات العامة ومنها خدمة توصيل المياه إلى المنازل.
يأتي ذلك في حين يشهد اليمن ظاهرة نادرة من نوعها في العقود الأخيرة، وهي استمرار هطول الأمطار في محافظات مختلفة للأسبوع الثالث على التوالي. ويحرص اليمنيون على استثمار هذه الأمطار وتجميع مياهها لأغراض مختلفة، من خلال طرق لم يجرّبوها من قبل بسبب شحّ المياه وموجة الجفاف التي كانت تضرب البلاد في السنوات الماضية.

يعمد الأهالي إلى تجميع مياه الأمطار من على أسطح المنازل والبنايات الإسمنتية، في حاويات مياه أرضية حديدية أو بلاستيكية، وحتى في أوعية وأوانٍ صغيرة الحجم. ويستخدمون المياه التي ينجحون في جمعها، للشرب وغسيل الملابس واحتياجات النظافة الشخصية وغيرها. كذلك، يحاولون اتباع وسائل مختلفة لعلاج تلوّث المياه، تفادياً للأمراض التي قد تصيبهم من جرّاء استخدامها من دون تنقيتها.

في مدينة تعز التي تعيش حصاراً محكماً منذ أكثر من عام، استبشر الناس بالأمطار وتوجهوا بمجموعات كبيرة من مختلف الفئات، إلى أسفل البنايات حيث راحوا يضعون أوانيهم وحاويات المياه تحت المزاريب لتجميع ما استطاعوا من مياه الأمطار. أكثر ما يجمعونه، يستخدمونه للشرب بعد ترشيحه من خلال قطع من القماش لمرّات عدّة. كذلك يخصّصون كميات أقلّ لغسل الملابس الضرورية.
محمد سعيد من منطقة ثعَبات وهي منطقة تماس بين طرفَي القتال، يقول: "وفّرت علينا هذه الطريقة مخاطر سلوك شوارع ثانوية وممتدة، لإحضار المياه من مناطق أكثر أماناً، تنشط فيها المبادرات المجتمعية". يضيف: "خرجت مع جميع أفراد أسرتي وحملنا كلّ أواني الطبخ الكبيرة وحاويات المياه، بحثاً عن مزارب تصريف من السطوح. وفّرنا حاجتنا من المياه لأكثر من عشرة أيام، مع الترشيد طبعاً".



محمد صغير من سكان محافظة المحويت، يؤكد من جهته أنّ الأمطار جاءت كمنقذ بعدما عجزت وزارة المياه عن إيصال المياه إلى المنازل، كما كانت تفعل قبل الحرب. يخبر: "عملت منذ وقت مبكر على تهيئة سطح منزلي بطبقة من الإسمنت ومن تحتها مادة عازلة للمياه، وركّبت أنابيب تصريف وصلتها بالخزانات المعدنية الموضوعة الى جانب المنزل".
أمّا مياه السيول التي تتجمع في برك موجودة في كثير من قرى محافظة المحويت، فهي بالنسبة إلى صغير صالحة لكلّ الأغراض مثل الشرب والاغتسال وغسل الملابس. يضيف: "بدأنا ندرك أنّ الدولة لن تقدّم لنا شيئاً ولن توفّر المياه، بعدما عجزت عن توفير الكهرباء. وكما اعتمدنا على أنفسنا في توفير الطاقة الكهربائية من خلال الألواح الشمسية، كذلك نعمل على تأمين المياه من خلال حفر البرك وإقامة سدود صغيرة وتهيئة أسطح المنازل لتكون قادرة على احتواء مياه صالحة للشرب". ويشير إلى أنّ "كثيرين بدأوا بحفر البرك الصغيرة والكبيرة وتشييد الحواجز الصغيرة بعدما اعتادوا وصول المياه إلى منازلهم مباشرة، خلال السنوات الماضية. الأهالي باتوا يشعرون أنّ الحرب مستمرة، ولن تعود الحياة إلى طبيعتها ولن تعود الدولة إلى ممارسة مهامها قريباً".

في السياق، يقول استشاري الصندوق الاجتماعي للتنمية المهندس، عبدالسلام الفقيه، إنّ "من الطبيعي أن يبحث الناس عن طرق تقليدية وغيرها لحلّ مشاكلهم الطارئة المتعلقة بالمياه. ولجوء الناس إلى الاستفادة من مياه الأمطار ظاهرة إيجابية، بدلاً من إنضاب المياه الجوفية القليلة أصلاً والتي ينبغي الحفاظ عليها للأجيال المقبلة". لكنّه يرى أنّ "تجميع مياه الأمطار لن يكون حلاً عملياً بسبب قصر فترة إمكانية استفادة الناس منه. أما تجميعها في البرك والآبار، فقد يفيدهم على المدى المتوسط وكذلك الطويل".