سابقاً، قلّة فقط كانوا يتحدثون عن المشاكل التي تعاني منها مدارس تونس، في ما يتعلق بتأمين بيئة صحية ملائمة للتلاميذ، وخصوصاً في المناطق الريفية. لكن منذ نحو أربع سنوات، كثر الحديث عن انتشار الأمراض بين التلاميذ، حتى أن بعض المدارس كانت تضطر إلى إغلاق أبوابها لأيام عدة خوفاً من انتقال العدوى.
يُقدّر عدد المدارس في الريف بنحو ثلاثة آلاف، عانت معظمها بسبب انتشار فيروس الالتهاب الكبدي صنف "أ". وتعدّ أزمة مياه الشرب سبباً مباشراً في تزايد ظهور هذا المرض بين التلاميذ، علماً أنه قد تسبب بوفاة البعض، فيما اضطر آخرون إلى ملازمة منازلهم تجنباً لانتقال العدوى.
في فبراير/شباط الماضي، ظهرت إصابة 25 تلميذاً بالفيروس في المدرسة الابتدائية الغابة السوداء التابعة لعمادة السعيدة في محافظة سيدي بوزيد، بعد وصول قافلة صحية ضمت عدداً من الكوادر الطبية والتابعة للإدارة الجهوية للصحة، إلى المحافظة، بهدف متابعة الأوضاع الصحية للتلاميذ. وكان سبب قدومها إلى المكان وفاة الطفلة ندى ميساوي، البالغة من العمر خمس سنوات، جراء إصابتها بالمرض.
نُقِل التلاميذ المصابون إلى المستشفى الجهوي في سيدي بوزيد لإجراء التحاليل والفحوصات اللازمة، ثم إلى أحد المستشفيات الجامعية في صفاقس، ومنعوا من الذهاب إلى المدرسة إلى حين انتهاء فترة العلاج. وأكدت مديرة الصحة الأساسية رافلة تاج أن الأطفال هم أكثر عرضة للإصابة بالالتهاب الكبدي صنف "أ"، الذي يتنقل عن طريق المصافحة المباشرة والفم، مشيرة إلى أن هذا المرض ينتشر في المناطق الريفية بشكل خاص، التي تعاني من غياب المرافق الأساسية والفقر. وبينت أن تونس تسجل سنوياً ما بين 400 و500 إصابة بالفيروس.
لم يكن اكتشاف المرض في هذه المدرسة إلا البداية. فخلال السنوات الثلاث الماضية، ظهر الفيروس في عدد من المدارس الريفية في مناطق القصرين وجندوبة وقابس، بسبب عدم وجود مياه صالحة للشرب.
يُذكر أنه خلال عام 2014، أصيب 11 تلميذاً بالفيروس في كل من المدرسة الابتدائية البراهمية والمدرسة الابتدائية الطاهر الحداد في منطقة السعيدة.
أيضاً، سجل عام 2013 إصابات عدة في محافظة قفصة. وأكد ناظر الدائرة الصحية في المنطقة بوصيري راشدي أنه رُصدت أربع حالات في المدرسة، علماً أن المحافظة سجلت إصابة أكثر من مائة مواطن بالفيروس في المدارس والمعاهد والجامعات، وأدى إلى وفاة طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات.
لدى الإصابة بالالتهاب الكبدي، عادة ما يعاني المريض من اصفرار في البشرة والعينين، أو الشعور بالغثيان، أو التقيؤ بالإضافة إلى الإرهاق والإعياء. وعلى الفور، يجب التوجه إلى طبيب متخصص في علاج أمراض الكبد.
إلى ذلك، شهدت عدة مدارس انتشار القمل بين التلاميذ. ولفت كاتب عام النقابة الجهوية للتعليم الأساسي في محافظة قابس خميس عبد الناجي إلى تدهور الوضع الصحي في المدارس الابتدائية، وانتشار بعض الأمراض والأوبئة، مشيراً إلى تسخير فريق يضم أطباء للحد منها.
تجدرُ الإشارة إلى إغلاق مدرسة خاصة في القيروان في أواخر عام 2014، بعد انتشار القمل بين التلاميذ. وأكدت مديرة الطب المدرسي والجامعي في وزارة التربية حبيبة التركي، تسجيل نحو 550 إصابة بالقمل بين التلاميذ، موضحة أن التوعية هي أساس الوقاية من هذا المرض.
كذلك، شدّدت على ضرورة أن يوفر مدير المؤسسة التربوية الظروف الصحية الملائمة للتلميذ، مؤكدة أنه في بداية كل عام، تتنقل وزارة التربية بين المناطق الريفية بهدف المعاينة وإعطاء الملاحظات لمدير المؤسسة من أجل توفير بيئة صحية ملائمة للتلاميذ.