يحذر الجنرال عبد الرزاق أشكزاي، قائد شرطة مدينة قندهار، معقل حركة طالبان السابق في الجنوب الأفغاني، من تفاقم الأوضاع الأمنية بحلول الربيع المقبل، بعد موسم حصاد نبات الخشخاش، الزهرة التي تستخرج منها مادة الأفيون. "إذ تحصل طالبان وباقي التنظيمات المسلحة الناشطة في المنطقة، على 70% من نفقات حروبها ضد الحكومة الأفغانية، من مزارعي الخشخاش والأفيون"، بحسب ما قاله المسؤول الأمني المفضل لدى الحكومة الأفغانية، والرجل الأقوى في جنوب أفغانستان لـ "العربي الجديد".
الجنرال، الذي يعد هدفا ثمينا لدى حركة طالبان، يؤكد بكل ثقة أن "القضاء على زراعة الخشخاش في جنوب البلاد عموما، وفي الأقاليم الجنوبية الثلاثة (هلمند وزابل وقندهار) خصوصاً، سينهي قوة طالبان العسكرية". يتعهد أشكزاي في الوقت نفسه بالقضاء على زراعة الخشخاش، بعد تمكنه من وقف هجمات طالبان على قندهار التي تعد مسقط رأس الكثير من قيادات الحركة.
القبائل: الأمن متورط في تهريب المخدرات
تتهم القبائل الجنرال أشكزاي وكثيرين مثله بفرض قبضتهم على تجارة وتهريب المخدرات في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان. ولكن الجنرال المعروف بقسوته في التعامل مع المسلحين، وتمكنه من فرض السلام في قندهار، يرفض الاتهام ويؤكد أنه "مغرض"، إلا أن قبائل هلمند وقندهار تصرعلى ذلك، إذ اتهم ممثلون لها مسؤولين في الحكومات الإقليمية وأجهزة الأمن، وعلى رأسهم الجنرال نفسه، إضافة إلى مسؤولين في إدارة مكافحة المخدرات، بالوقوف وراء زراعة الخشخاش وتجارة المخدرات، مقابل مبالغ ضخمة يحصلونها من الزراع والفلاحين، وتجار المخدرات وأصحاب مصانع الهيروين، كما يؤكدون لـ "العربي الجديد".
حث الفلاحين على زراعة الخشخاش
في جولة لـ "العربي الجديد" في مديرية مارجه وغرم سير وناد علي وكرشك، جنوبي أفغانستان، أكد عدد من الفلاحين في المنطقة لـ "العربي الجديد": "أن المسؤولين في الحكومة المحلية طلبوا منهم هذه السنة أن يزرعوا مزيدا من الخشخاش بدل القمح وغيره من الزراعات، شريطة أن يقدموا لهم إتاوات مالية مضاعفة.
ويقول أحد الفلاحين في مديرية ناد علي - رفض ذكر اسمه - إن "مسؤولا في الحكومة المحلية طالب الفلاحين بزرع الخشاش في جميع أراضيهم، دون القلق إزاء حملة تدمير حقول الأفيون، لأن الحكومة المحلية ستقف دونها، مقابل زيادة الإتاوة المقدمة".
حديث الفلاح يتطابق مع ما قاله، الزعيم القبلي في هلمند زرمحمد خان لـ "العربي الجديد": "أن زراعة الأفيون والخشخاش كانت تقتصر خلال الأعوام الماضية على المناطق التي كانت في قبضة طالبان، بيد أنها هذا العام طاولت جميع الأراضي، حتى تلك التي بجانب القواعد العسكرية، ما يدل على تنسيق بين العاملين في هذه القواعد والمزارعين.
الحكومة تلقي باللائمة على طالبان
تتهم الحكومة الأفغانية بدورها حركة طالبان بترويج زراعة الخشخاش والأفيون في جنوب أفغانستان. وتشدد على أن الحركة المسلحة هي التي تحمي زراعة الأفيون، لأنها تحصل مجمل مصاريفها الحربية من هذا الطريق. ويشير مسؤول أمن هلمند جمعة جل همت إلى "ظاهرة خطيرة تتمثل في مساندة القبائل والمزارعين لطالبان أثناء حروبها مع القوات المسلحة، لأنها تحمي زراعتهم من حملات تدمير حقول الأفيون والخشخاش".
ويتابع جل قائلا لـ "العربي الجديد": "الحكومة الأفغانية تستخدم كافة الوسائل للقضاء على زراعة الأفيون، السبب الحقيقي لاستمرار الحروب والإرهاب في جنوب أفغانستان". كاشفا أن قبائل المنطقة رغم وعودها المتكررة بالتعاون مع الحكومة خلال الحملات التي تهدف لتدمير حقول الأفيون، إلا أنهم في الحقيقة يقفون مع طالبان، إذ إنها تدافع عن مصدر دخلهم الرئيسي، وهو ما يدفع الزعامات القبلية لمنع بسط نفوذ الحكومة، خوفا على أفيونهم.
بالمقابل ترفض الزعامات القبلية في المنطقة، هذه الاتهامات جملة وتفصيلا، وتدعي أن الحكومة الأفغانية لم تف بوعودها الإنمائية والتشغيلية مع القبائل، وبالتالي فإن المزارعين، ومعظمهم فقراء، يعولون على زراعة الخشخاش، من دون تأييد طالبان أو أية جماعة مسلحة أخرى، لأجل مصالحهم الشخصية.
ويوضح مسؤول الشورى القبلي في إقليم هلمند حاجي محمد كريم أن الحكومة المحلية والتي تلقي باللائمة على القبائل، كثير من المسؤولين فيها وراء تهريب المخدرات وزراعة الأفيون، بينما يلفت زعيم قبلي آخر، يفضل عدم الكشف عن هويته، إلى أن زراعة الأفيون تربط بين مسؤولين في الحكومة الأفغانية وقيادات طالبان، ويشير إلى وجود علاقات قوية بين الطرفين بهذا الشأن، وهو ما يؤيده مسؤول سابق في إدارة مكافحة المخدرات بمدينة قندهار، في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد".
زراعة الخشخاش تزدهر بصورة لافتة
بالرغم من أن الحكومة الأفغانية والقوات الدولية التي احتلت أفغانستان عام 2001، أنفقت أكثر من سبعة مليارات دولار لمكافحة المخدرات وفقا لبيان معلن، إلا أن زراعة الأفيون وتجارة المخدرات ازدهرت بصورة لافتة خلال السنوات الأخيرة، ويتوقع ازدهارها أكثر، بعد انسحاب القوات الدولية نهاية العام المنصرم.
وبعد أن كان الأفغان يكتفون بزراعة الأفيون لبيعه إلى المافيا الدولية في شكله الخام، تطورالأمر خلال السنوات الأخيرة، إذ تطورت المصانع والمعامل التي تحول الأفيون إلى مشتقات مختلفة كالهيروين وغيرها تطورا ملحوظا. وبحسب إحصائية حصلت عليها "العربي الجديد" من مصادر أمنية، فإن أكثر من 240 معملا أنشئت في مختلف مناطق أفغانستان خلال السنوات العشر الأخيرة، تنتج مئات الأطنان من الهيروين، وتصدر معظمها إلى الخارج عبر مسارات مختلفة كباكستان وإيران ودول آسيا الوسطى.
تقع في مديرية شيرزاد المجاورة للحدود الأفغانية الباكستانية بإقليم ننجرهار، عشرات المصانع ومعامل الهيروين. وتشهد هذه المقاطعة الجبلية حروبا طاحنة بين المسلحين وقوات الأمن الأفغانية، ولم تتمكن الأخيرة من استعادة معظم مناطقها من قبضة طالبان، برغم قيامها بعمليات عسكرية لتدمير مصانع الهيروين. والسر هو أن المديرية أصبحت معقل عصابات تجار وأصحاب مصانع المخدرات، إذ تقع فيها عشرات المصانع لتحويل الأفيون إلى مشتقات مختلفة وتهريبها إلى الخارج من خلال استخدام الحدود الباكستانية الأفغانية المشتركة.
"العربي الجديد" التقت أحد تجار المخدرات المعروفين في مديرية خوجياني عبر وسيط من أهل المنطقة، يملك التاجر مصنعا للهيروين في المنطقة. ويقول لـ "العربي الجديد": "نضطر إلى خلق علاقات جيدة بالجماعات المسلحة التي تسيطر على المنطقة، ليست طالبان فحسب، إذ توجد جماعة متعددة، نقدم لها الدعم المالي، وفي المقابل تحمي تلك الجماعات مصانعنا، وهو السر الحقيقي لما شهدته المنطقة من حروب طاحنة على مدى الأعوام الماضية".
أحد وجهاء المنطقة تاجر يدعى لعل جل يقول لـ "العربي الجديد" إن "القوات الدولية والأفغانية قامت بعمليات مكثفة في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، وتمكنت من تدمير عدد كبير من المصانع، لأن المنطقة سهلة، بخلاف مديرية شيرزاد حيث يصعب للقوات الأفغانية والدولية الدخول إليها، لذا نقل معظم تجار المنطقة أعمالهم إلى شيرزاد".
زراعة الأفيون تغذّي الحروب وتحصد الأرواح
تكشف إحصائية أمنية، عن قتل أكثر من 1450 شخصاً خلال العام المنصرم وحده في عدد من المديريات في إقليم هلمند جنوبي أفغانستان، نتيجة الحروب الطاحنة التي تدور في المنطقة. يعلق مسؤول محلي في إقليم هلمند أن دولة تجار المخدرات في المنطقة تمنع المؤسسات من الدخول إلى المنطقة، حتى لا تُكشف الحقيقة الكامنة، ويشير في هذا السياق إلى حادث قتل 12 من مؤظفي مؤسسة نزع الألغام ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
تورّط القوات الدولية
يلحّ من التقاهم كاتب التحقيق من الزعامات القبلية وتجار المخدرات جنوب أفغانستان، في التأكيد على أن القوات الأميركية تغض البصر عن مافيا المخدرات، في حين يتهم بعضهم القوات الأميركية بالوقوف وراء زراعة وتجارة المخدرات التي يشتغل فيها ثلث الأفغان، بحسب تقديرات مؤسسات دولية، مستدلين بكون أمراء الحرب المقربين والمفضلين لدى القوات الأميركية، عملهم الوحيد منذ احتلال القوات الأميركية لأفغانستان، هو تجارة وتهريب المخدرات.
كما أن بعضهم أعضاء المافيا العالمية لتجارة وتهريب المخدرات، ولا يزالون يحظون بدعم قوي من قبل القوات الأميركية، ولم تتمكن حكومة الرئيس الأفغاني كرزاي من تنحيهم من مناصبهم العالية، وعلى رأس هؤلاء مرشح رئاسي نافس في الانتخابات الماضية، وشغل مناصب عديدة في حكومة كرزاي السابقة.
وكانت دول آسيا الوسطى وروسيا قد اتهمت القوات الأميركية في أفغانستان بالتغاضي عن تجارة المخدرات، وذكرت روسيا في تقرير صدر العام الماضي أن تجارة المخدرات في دول المنطقة تتطابق مع مصالح أميركا.وأكد رئيس إدارة مكافحة المخدرات ويكتور أيوانوف، في تقرير أخير أن المخدرات تنقل من أفغانستان عبر إيران والعراق وسورية إلى أسواق أوروبية في تجارة مستمرة على مدار العام مقابل مليارات الدولارات.
الجنرال، الذي يعد هدفا ثمينا لدى حركة طالبان، يؤكد بكل ثقة أن "القضاء على زراعة الخشخاش في جنوب البلاد عموما، وفي الأقاليم الجنوبية الثلاثة (هلمند وزابل وقندهار) خصوصاً، سينهي قوة طالبان العسكرية". يتعهد أشكزاي في الوقت نفسه بالقضاء على زراعة الخشخاش، بعد تمكنه من وقف هجمات طالبان على قندهار التي تعد مسقط رأس الكثير من قيادات الحركة.
القبائل: الأمن متورط في تهريب المخدرات
تتهم القبائل الجنرال أشكزاي وكثيرين مثله بفرض قبضتهم على تجارة وتهريب المخدرات في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان. ولكن الجنرال المعروف بقسوته في التعامل مع المسلحين، وتمكنه من فرض السلام في قندهار، يرفض الاتهام ويؤكد أنه "مغرض"، إلا أن قبائل هلمند وقندهار تصرعلى ذلك، إذ اتهم ممثلون لها مسؤولين في الحكومات الإقليمية وأجهزة الأمن، وعلى رأسهم الجنرال نفسه، إضافة إلى مسؤولين في إدارة مكافحة المخدرات، بالوقوف وراء زراعة الخشخاش وتجارة المخدرات، مقابل مبالغ ضخمة يحصلونها من الزراع والفلاحين، وتجار المخدرات وأصحاب مصانع الهيروين، كما يؤكدون لـ "العربي الجديد".
حث الفلاحين على زراعة الخشخاش
في جولة لـ "العربي الجديد" في مديرية مارجه وغرم سير وناد علي وكرشك، جنوبي أفغانستان، أكد عدد من الفلاحين في المنطقة لـ "العربي الجديد": "أن المسؤولين في الحكومة المحلية طلبوا منهم هذه السنة أن يزرعوا مزيدا من الخشخاش بدل القمح وغيره من الزراعات، شريطة أن يقدموا لهم إتاوات مالية مضاعفة.
ويقول أحد الفلاحين في مديرية ناد علي - رفض ذكر اسمه - إن "مسؤولا في الحكومة المحلية طالب الفلاحين بزرع الخشاش في جميع أراضيهم، دون القلق إزاء حملة تدمير حقول الأفيون، لأن الحكومة المحلية ستقف دونها، مقابل زيادة الإتاوة المقدمة".
حديث الفلاح يتطابق مع ما قاله، الزعيم القبلي في هلمند زرمحمد خان لـ "العربي الجديد": "أن زراعة الأفيون والخشخاش كانت تقتصر خلال الأعوام الماضية على المناطق التي كانت في قبضة طالبان، بيد أنها هذا العام طاولت جميع الأراضي، حتى تلك التي بجانب القواعد العسكرية، ما يدل على تنسيق بين العاملين في هذه القواعد والمزارعين.
الحكومة تلقي باللائمة على طالبان
تتهم الحكومة الأفغانية بدورها حركة طالبان بترويج زراعة الخشخاش والأفيون في جنوب أفغانستان. وتشدد على أن الحركة المسلحة هي التي تحمي زراعة الأفيون، لأنها تحصل مجمل مصاريفها الحربية من هذا الطريق. ويشير مسؤول أمن هلمند جمعة جل همت إلى "ظاهرة خطيرة تتمثل في مساندة القبائل والمزارعين لطالبان أثناء حروبها مع القوات المسلحة، لأنها تحمي زراعتهم من حملات تدمير حقول الأفيون والخشخاش".
ويتابع جل قائلا لـ "العربي الجديد": "الحكومة الأفغانية تستخدم كافة الوسائل للقضاء على زراعة الأفيون، السبب الحقيقي لاستمرار الحروب والإرهاب في جنوب أفغانستان". كاشفا أن قبائل المنطقة رغم وعودها المتكررة بالتعاون مع الحكومة خلال الحملات التي تهدف لتدمير حقول الأفيون، إلا أنهم في الحقيقة يقفون مع طالبان، إذ إنها تدافع عن مصدر دخلهم الرئيسي، وهو ما يدفع الزعامات القبلية لمنع بسط نفوذ الحكومة، خوفا على أفيونهم.
بالمقابل ترفض الزعامات القبلية في المنطقة، هذه الاتهامات جملة وتفصيلا، وتدعي أن الحكومة الأفغانية لم تف بوعودها الإنمائية والتشغيلية مع القبائل، وبالتالي فإن المزارعين، ومعظمهم فقراء، يعولون على زراعة الخشخاش، من دون تأييد طالبان أو أية جماعة مسلحة أخرى، لأجل مصالحهم الشخصية.
ويوضح مسؤول الشورى القبلي في إقليم هلمند حاجي محمد كريم أن الحكومة المحلية والتي تلقي باللائمة على القبائل، كثير من المسؤولين فيها وراء تهريب المخدرات وزراعة الأفيون، بينما يلفت زعيم قبلي آخر، يفضل عدم الكشف عن هويته، إلى أن زراعة الأفيون تربط بين مسؤولين في الحكومة الأفغانية وقيادات طالبان، ويشير إلى وجود علاقات قوية بين الطرفين بهذا الشأن، وهو ما يؤيده مسؤول سابق في إدارة مكافحة المخدرات بمدينة قندهار، في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد".
زراعة الخشخاش تزدهر بصورة لافتة
بالرغم من أن الحكومة الأفغانية والقوات الدولية التي احتلت أفغانستان عام 2001، أنفقت أكثر من سبعة مليارات دولار لمكافحة المخدرات وفقا لبيان معلن، إلا أن زراعة الأفيون وتجارة المخدرات ازدهرت بصورة لافتة خلال السنوات الأخيرة، ويتوقع ازدهارها أكثر، بعد انسحاب القوات الدولية نهاية العام المنصرم.
وبعد أن كان الأفغان يكتفون بزراعة الأفيون لبيعه إلى المافيا الدولية في شكله الخام، تطورالأمر خلال السنوات الأخيرة، إذ تطورت المصانع والمعامل التي تحول الأفيون إلى مشتقات مختلفة كالهيروين وغيرها تطورا ملحوظا. وبحسب إحصائية حصلت عليها "العربي الجديد" من مصادر أمنية، فإن أكثر من 240 معملا أنشئت في مختلف مناطق أفغانستان خلال السنوات العشر الأخيرة، تنتج مئات الأطنان من الهيروين، وتصدر معظمها إلى الخارج عبر مسارات مختلفة كباكستان وإيران ودول آسيا الوسطى.
تقع في مديرية شيرزاد المجاورة للحدود الأفغانية الباكستانية بإقليم ننجرهار، عشرات المصانع ومعامل الهيروين. وتشهد هذه المقاطعة الجبلية حروبا طاحنة بين المسلحين وقوات الأمن الأفغانية، ولم تتمكن الأخيرة من استعادة معظم مناطقها من قبضة طالبان، برغم قيامها بعمليات عسكرية لتدمير مصانع الهيروين. والسر هو أن المديرية أصبحت معقل عصابات تجار وأصحاب مصانع المخدرات، إذ تقع فيها عشرات المصانع لتحويل الأفيون إلى مشتقات مختلفة وتهريبها إلى الخارج من خلال استخدام الحدود الباكستانية الأفغانية المشتركة.
"العربي الجديد" التقت أحد تجار المخدرات المعروفين في مديرية خوجياني عبر وسيط من أهل المنطقة، يملك التاجر مصنعا للهيروين في المنطقة. ويقول لـ "العربي الجديد": "نضطر إلى خلق علاقات جيدة بالجماعات المسلحة التي تسيطر على المنطقة، ليست طالبان فحسب، إذ توجد جماعة متعددة، نقدم لها الدعم المالي، وفي المقابل تحمي تلك الجماعات مصانعنا، وهو السر الحقيقي لما شهدته المنطقة من حروب طاحنة على مدى الأعوام الماضية".
أحد وجهاء المنطقة تاجر يدعى لعل جل يقول لـ "العربي الجديد" إن "القوات الدولية والأفغانية قامت بعمليات مكثفة في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، وتمكنت من تدمير عدد كبير من المصانع، لأن المنطقة سهلة، بخلاف مديرية شيرزاد حيث يصعب للقوات الأفغانية والدولية الدخول إليها، لذا نقل معظم تجار المنطقة أعمالهم إلى شيرزاد".
زراعة الأفيون تغذّي الحروب وتحصد الأرواح
تكشف إحصائية أمنية، عن قتل أكثر من 1450 شخصاً خلال العام المنصرم وحده في عدد من المديريات في إقليم هلمند جنوبي أفغانستان، نتيجة الحروب الطاحنة التي تدور في المنطقة. يعلق مسؤول محلي في إقليم هلمند أن دولة تجار المخدرات في المنطقة تمنع المؤسسات من الدخول إلى المنطقة، حتى لا تُكشف الحقيقة الكامنة، ويشير في هذا السياق إلى حادث قتل 12 من مؤظفي مؤسسة نزع الألغام ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
تورّط القوات الدولية
يلحّ من التقاهم كاتب التحقيق من الزعامات القبلية وتجار المخدرات جنوب أفغانستان، في التأكيد على أن القوات الأميركية تغض البصر عن مافيا المخدرات، في حين يتهم بعضهم القوات الأميركية بالوقوف وراء زراعة وتجارة المخدرات التي يشتغل فيها ثلث الأفغان، بحسب تقديرات مؤسسات دولية، مستدلين بكون أمراء الحرب المقربين والمفضلين لدى القوات الأميركية، عملهم الوحيد منذ احتلال القوات الأميركية لأفغانستان، هو تجارة وتهريب المخدرات.
وكانت دول آسيا الوسطى وروسيا قد اتهمت القوات الأميركية في أفغانستان بالتغاضي عن تجارة المخدرات، وذكرت روسيا في تقرير صدر العام الماضي أن تجارة المخدرات في دول المنطقة تتطابق مع مصالح أميركا.وأكد رئيس إدارة مكافحة المخدرات ويكتور أيوانوف، في تقرير أخير أن المخدرات تنقل من أفغانستان عبر إيران والعراق وسورية إلى أسواق أوروبية في تجارة مستمرة على مدار العام مقابل مليارات الدولارات.