الأطفال مجدداً... صيد تلفزيوني ثمين

27 فبراير 2018
سعد الحريري مع الأطفال في "دق الجرس" (MTV)
+ الخط -
بعد برنامج "ذا فويس كيدز" وبرامج أخرى مشابهة، أبطالها أطفالٌ، خرجت أول من أمس محطة MTV اللبنانية ببرنامج "دق الجرس"، الذي يقوم على تجميع أطفال وتلاميذ المدارس في صف واحد لحوار وأسئلة تُطرح على سياسي لبناني.

الحلقة الأولى من "دق الجرس" استضافت رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري، في نقاش امتد لساعة ونصف الساعة، في محاولة إضافية لتغذية حضور السياسيين، خصوصاً مع بدء التحضيرات للانتخابات النيابية في لبنان. لكن المبارزة بدت من وجهة نظر أخرى استثماراً لعنصر البراءة الذي يمثله الأطفال، وحسنًا اختارت المحطة ذلك، لكن ذلك لا يعفي القائمين على البرنامج من استنسابية في اختيار الأطفال المحاورين للشخصية المثيرة للجدل والنقاش.
فالظاهر أن بعض الأسئلة كانت جاهزة سلفاً من قبل فريق الإعداد، في الوقت الذي بدا فيه رئيس مجلس الوزراء اللبناني أكثر صدقًا من بعض التساؤلات التي لم تكن بريئة من قبل الأطفال أنفسهم. والواضح أن سعد الحريري ظهر بشخصية قريبة من الأطفال فهذه ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها أطفالاً. إذ قبل عام تقريباً، استضاف تلفزيون الجديد الحريري، وتحولت الحلقة التي لم يغلب عليها الطابع السياسي، إلى تسلل مدروس داخل حياة سعد الحريري الخاصة، وكيفية تعامله مع أسرته، وتحضيره لبعض الأطباق من الطعام، واستقباله نهاية الحلقة لمجموعة من الأطفال اليتامى، مُظهراً الجانب الانساني الواضح في شخصيته بعيداً عن المنحى السياسي والأزمات التي تعصف بالوطن العربي عموماً.

بالعودة إلى "دق الجرس"، فإن الحلقة التي سبقتها حملة ترويجية كبيرة، حملت تساؤلات كثيرة. أولها، هل يفقه هؤلاء الأطفال جيداً في اللعبة السياسة التي دخلوا إليها؟ وهل طرحوا أسئلة حيادية تزيد من ثقافتهم في التعرّف أو كسب معلومات إضافية تُمكنهم من الفهم الوافي في المستقبل؟ تأتي الإجابة الأولى من خلال المشاهدة، سلبيةً، أو لنقل إن التجربة الأولى تدخل في محاولة "مُعلبة" أضعفت من تلقائية الحلقة وعفويتها.

اتجاهات كثيرة تحاول بعض المحطات اللبنانية والعربية استثمارها، أبطالها الأطفال ضمن البرامج، مهما اختلفت ميول واختصاص هذه البرامج، لكنها تلفت نظر المشاهد وتبقيه متابعًا أمام الشاشة، وتغذيه منصات "الميديا البديلة" من "فيسبوك" وتويتر" وغيرها. هكذا حقق وسم"#دق_الجرس" عنوان البرنامج، المرتبة الأولى على موقع تويتر بعد وأثناء عرض الحلقة. واتسعت رقعة الثناء على البرنامج والفكرة وحوار الأطفال، ولو أن بعض المتابعين اعتبروا أن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أكثر صدقًا من الأطفال أنفسهم. وهذا ما يدفع إلى تساؤلات أشد عجبًا حول ثقافة بعض الأطفال (الطُلاب) الذين ظهروا في الحلقة وكيفية طرحهم السؤال، إذ ظهرت بعض الأسئلة، مجرد ترداد لـ"كليشيهات" تعلموها من الكبار.
هكذا تأتي محاولة بعض المحطات توظيف صورة الأطفال البعيدة عن مراعاة مميزات الطفولة، خصوصاً في العالم العربي، وتأثير تداعيات الظهور التلفزيوني عليها، والمكاسب في اعتقاد الأهل والقائمين على البرامج التي قد تعود بالضرر أكثر من المنفعة على شخصية الأطفال بعد بلوغهم مرحلة عادية من الشهرة، بجرعة تنشطها وسائل التواصل، يظن الأطفال بعدها أنهم بلغوا المدى، وأصبحوا نجوماً حقيقيين. لكن مع الوقت يجري الكشف أن ما حصل مجرد وجبة سريعة لم تقم على قاعدة أساسية، ولا تراعي طموح الطفل حتى يضع أمامه الحقائق كاملةً بعد ذلك لبناء شخصية متماسكة لا تغريها الأضواء، ولا حتى حوار مع رئيس وزراء، يسعى كثيرون للفوز بلقائه أو التقاط صورة إلى جانبه.
المساهمون