يحبس كثيرون أنفاسهم في بلدة دورا، جنوبي مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة، حيث منزل عائلة الأسير أنس شديد. الكل في حالة ترقب وقلق في ظل تدفق التقارير الطبية والتحذيرات من الخطر الذي يعيشه الابن الأصغر للعائلة.
الأوجاع التي يعيشها أنس ويتمسك بها، تعيشها والدته نزهة شديد، التي تتسارع دقات قلبها كلما جاءها خبر عن حالة عضلة قلب نجلها الذي يعيش على حافة الموت. "تضيق أنفاسي ويكاد قلبي يتوقف. أوجاع صدري تشبه تلك التي يعيشها أنس"، تقول الأم لـ"العربي الجديد".
وتضيف: "نعيش حالة قلق دائمة. نشعر بخوف شديد على أنس الذي يرفض أن يتنازل عن حقه. أنس هذه المرة أصبح عنيدا، ولن يقهره السجان".
توقف أنس عن شرب الماء منذ ثلاثة أيام، وبات شبح الموت أكثر قربا منه، بحسب الأم، التي تتمسك ببعض الصبر وتصر على أن ابنها الذي يريد أن ينال الحرية سيهزم الاعتقال الإداري وسجانيه.
واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أنس شديد من منزله فجر اليوم الثاني من شهر أغسطس/آب الماضي، وحولته محكمة الاحتلال إلى الاعتقال الإداري، الأمر الذي وقف حاجزا أمام طموحاته وخططه المستقبلية.
ودخل أنس في الإضراب في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، لأنه يرفض الظلم، كما أخبر والدته، ويصر على ذلك خوفا من معاناة التمديد وتجديد الاعتقال.
يملك والده بيوتا بلاستيكية زراعية، وكان أنس اليد اليمنى لوالده، كما كان يملك مزرعة دجاج ومحال لبيع الدجاج المذبوح، وهو لم يوفق، بحسب والدته، في اجتياز امتحان الثانوية العامة، وكان ينوي لولا قضبان السجن أن يكرر المحاولة هذا العام.
الظروف ذاتها، تعيشها عائلة الأسير أحمد أبو فارة، الذي خاض الإضراب في اليوم ذاته الذي أضرب فيه أنس شديد، واعتقل أيضا في اليوم ذاته.
القلق والخوف وقلة النوم تسيطر على منزل العائلة في بلدة صوريف، شمالي مدينة الخليل. الأخبار غير مطمئنة، بحسب والدته فوزية بدر، والاحتلال لا يبدي أي تجاوب مع الإضراب الذي بلغ ذروته.
تحمّل الأم الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الخطر الذي يحدق بنجلها الذي لم تسمح له سلطات الاحتلال بأن يهنأ في زواجه الذي لم تمض عليه سوى ستة أشهر فقط قبل اعتقاله، وتقول الأم لـ"العربي الجديد"، إنها فقدت الأمل في ظل تعنت الاحتلال الإسرائيلي وعدم تجاوبه مع مطالب أحمد.
وتشعر الأم أن الاحتلال الإسرائيلي يتعامل مع قضية ابنها بطريقة مختلفة، وكأن ثمة نية مبيتة لقتله. "الآن هما يعانيان بشكل كبير، وتوقفا عن شرب الماء، ولا حلول في الأفق"، وتطلب من الجميع أن يمارس الضغط على سلطات الاحتلال حتى تستجيب لمطالب إنقاذ حياتهما.
وقف الاعتقال الإداري أمام حياة أحمد، والستة أشهر التي حكم بها كانت قابلة للتجديد، والمصيبة، بحسب الأم، أنها من غير تهمة. لم يرق لأحمد ترك زوجته وأمه في انتظاره أشهرا طويلة فقرر خوض الإضراب.
يحمل أبو فارة درجة البكالوريوس في التربية من جامعة القدس المفتوحة، لكنه لا يعمل بالتدريس بل "عاملا حرا"، قبل عشر سنوات قام ببناء منزل، وقرر أن يقوم بإصلاحه بعد زواجه مباشرة، إلا أن قضبان السجون تمنعه من ذلك.