أعلنت وزارة التخطيط العراقية، اليوم السبت، إعادة النظر في ستة آلاف مشروع بسبب الأزمة المالية، فيما أكد خبراء اقتصاد أن المشاريع في غالبها تباع بين تجار ومسؤولين متنفذين في الحكومة العراقية.
ويعتبر ملف إعمار العراق، من الأكثر فساداً في البلاد، إذ ما زالت البلاد تعاني من تدهور في البنى التحتية، بالرغم من صرف مليارات الدولارات عليها منذ عام 2003 وحتى الآن، وهو ما يؤكده المحللون وتكشفه الوثائق.
وتولت الشركات التابعة للأحزاب السياسية الحاكمة، مسؤولية ملف إعمار العراق، وكانت النتيجة أن أصدرت هيئة النزاهة أوامر بإلقاء القبض على 22 وزيراً و335 مديراً عاماً، جميعهم ينتمون للأحزاب السياسية الحالية التي تحكم البلاد، بتهم فساد مالي وتمرير صفقات لشركات محلية وأجنبية. لكن الكتل السياسية استطاعت تعطيل أوامر القبض بحق مسؤوليها.
وقال المتحدث باسم الوزارة، عبدالزهرة الهنداوي، في بيان صحافي، إن: "اللجنة الاقتصادية المُصغرة برئاسة النائبة نجيبة نجيب وعضوية اثنين من أعضاء البرلمان، التقت الوزير سلمان الجميلي والوكلاء والمدراء العامين المعنيين بالجانب الاقتصادي، وعقد اجتماع موسع تمت خلاله مناقشة الكثير من القضايا التي تتعلق بالمشهد الاقتصادي في العراق وحزمة الإجراءات الاقتصادية التي تقوم بها الحكومة، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية"، مشيراً إلى أن "تشكيل لجان برلمانية مُصغرة، كل لجنة تتابع عمل وزارة معينة".
وأضاف: "الاجتماع ناقش إعادة النظر في أولويات المشاريع الاستثمارية المستمرة.. إذ إن هناك نحو ستة آلاف مشروع معطل في البلاد بسبب الأوضاع الحالية".
وأكد أنه: "تم الاتفاق على أن تقسم هذه المشاريع إلى ثلاث فئات، الأولى التي سيتم تمويلها من قبل الموازنة العامة للدولة بجانبها الاستثماري، والثانية تمثل المشاريع التي يتم تنفيذها من خلال التمويل بالأجل أو طرحها كفرص استثمارية أمام الشركات، فيما تشمل الفئة الثالثة المشاريع التي سيتم إيقافها أو إلغاؤها في ظل الظروف الحالية من أجل ضمان استمرار عجلة التنمية".
اقرأ أيضاً: العراق: أوامر بمنع مسؤولين متهمين بالفساد من السفر
من جهتها، قالت عضوة لجنة الاقتصاد النيابية، نورة البجاري، لـ"العربي الجديد"، إن: "الحكومة تجد صعوبة في تأمين رواتب موظفي الدولة البالغ عددهم 5.2 ملايين موظف ومتقاعد، وكان على الحكومات السابقة التفكير في ذلك واستغلال العائدات الإضافية للنفط وارتفاع سعره في مشاريع ترفد خزينة الدولة، ولكن تراجع أسعار النفط والهدر والسرقة واختلاس المال أوصلت البلاد إلى ما هي عليه الآن".
وأضافت أن: "الأزمة المالية تتصاعد تدريجياً وستكون صعبة جداً خلال عام 2016، بسبب استنفاد جزء كبير من عائدات النفط في العمليات العسكرية لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، الحكومة أوقفت نحو 6 آلاف مشروع استثماري تابع للوزارات والمحافظات، بسبب قلة التمويل وانخفاض أسعار النفط.. حالياً تعلن عن ترشيد 30% أخرى من المشاريع، ما سينعكس سلباً على التنمية الاقتصادية، ويتسبب في مشاكل اقتصادية أخرى قد تعجز الحكومات المقبلة عن إيجاد حل مناسب له".
وعلق خبير الاقتصاد العراقي، عبدالله الجبوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، على الأمر بقوله إن: "المشاريع في غالبها يشوبها الفساد.. هناك شخصيات ومتنفذون يقومون بشراء وبيع المشاريع بين الشركات والمقاولين، إذ يرسو المشروع على شركة مقاولة معينة وتقوم ببيعه إلى مقاول ثان وثالت.. المشاريع غالبها تنفذ دون المواصفات الموجودة في العقد، لأن الغش سيكون في المواد الداخلة في تنفيذ تلك المشاريع، حيث يقوم المنفذ بجلب مواد ذات أسعار أقل في تنفيذ المشاريع".
وأضاف: "وزارة التخطيط ستقوم بفتح تحقيق للنظر في المشاريع تلك التي يشوبها الفساد، وضرورة الكشف عن أسماء الشركات والمقاولين الذين يقومون بشراء وبيع تلك المشاريع مع مسؤولين متنفذين في الحكومة، لأن فساد المشاريع جعل ملياراتها تذهب إلى تنظيم داعش، في بناء قدراته العسكرية، ووصوله إلى ما هو عليه لم يكن اعتباطيا، بل كان يفرض إتاوات بملايين الدولارات على المقاولين وأسس تنظيمه الأغلى في العالم".
اقرأ أيضاً: الفساد بالعراق يلتهم 450 مليار دولار خلال 12 عاماً