الأزمة الاقتصادية تجهض أحلام العراقيين في الاحتفالات

28 ديسمبر 2015
احتفالات خجولة بالأعياد (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -
يغادر رامي عمر، قبل عشرة أيام من نهاية كل عام، إلى إحدى عواصم الدول المجاورة للاحتفال بعيد رأس السنة، لكن السنة الحالية لن يغادر العراق لعدم امتلاكه الأموال الكافية بعد تسريحه من العمل مع إحدى الشركات الأجنبية التي غادرت العراق بسبب تردي الأوضاع الأمنية العام الماضي.
وتعاني البلاد من أزمة مالية خانقة بعد تعرّض الاقتصاد إلى عدة صدمات، منها خروج مساحة كبيرة عن سيطرة الدولة بسبب الحرب مع داعش، بالإضافة إلى تدمير البنى التحتية، وانخفاض سعر برميل النفط العراقي إلى أقل من 30 دولاراً، ما جعل الحكومة تتخذ إجراءات عديدة، منها سياسة التقشف التي أوقفت أكثر من 2000 مشروع في أرجاء العراق، وتخفيض رواتب الموظفين إلى أكثر من النصف.
قال عمر، لـ"العربي الجديد": "سأحتفل بعيد رأس السنة في المنزل مع الأهل والأقارب، وذلك بسبب الأزمة المالية الكبيرة التي ضربت عائلتي نتيجة توقفي عن العمل"، لافتا إلى أن "سياسة التقشف التي تمارسها الحكومة العراقية على المواطنين انعكست بشكل سلبي على الموارد المالية للمواطنين العراقيين، الأمر الذي يعني عدم تمكّن العديد من العائلات العراقية من إقامة الحفلات في بغداد وفي مناطق أخرى".
وأضاف رامي عمر أن "الدولة العراقية تخلّت عن عدد من المتعاقدين معها بسبب سياسة التقشف، وتأخرت في دفع رواتب موظفيها، واستقطعت بعض الأموال منهم، بالإضافة إلى مغادرة العديد من الشركات الأجنبية البلاد"، مبيّناً أن "إجراءات الدولة ليست سوى إجراءات ترقيعيه، وهي بالتالي ليست حلولاً واقعية، إذ إن الحل يكمن في مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لجميع الفاسدين التي تتجاوز أكثر من مئة مليار دولار، فبدلاً من التوجه نحو فرض ضرائب على المواطنين الفقراء، كان الأجدر بها مكافحة الفساد والبيروقراطية التي تنخر مفاصل الدولة".

حركة خفيفة

من جانبه، قال محمد سعيد، صاحب محل لبيع البضائع الخاصة بعيد رأس السنة، وسط العاصمة بغداد: "إن حركة الإقبال على شراء السلع الخاصة باحتفالات رأس السنة ضعيفة جداً مقارنة بالسنوات الماضية، إذ إن معظم العراقيين يرفضون الاحتفال نتيجة فقدانهم أحد أبنائهم أو أقاربهم وأصدقائهم بالحرب الحالية مع تنظيم داعش، بالإضافة إلى وجود نحو ثلاثة ملايين نازح يعانون من غياب أبسط الخدمات"، مشيراً إلى أن "الطبقة السياسية الفاسدة، التي سرقت أموال الشعب العراقي تحتفل بالأعياد خارج البلاد".

ولفت سعيد إلى أن "الاحتفال بهذه المناسبة ليس من أولويات العراقيين في الوقت الحالي"، مبيناً أن جميع العراقيين يفكرون بالأزمات التي تضرب بلدهم حالياً، ولا يفكرون بالاحتفال مثل بقية شعوب العالم". من جهة أخرى، أشار سعيد إلى أن هناك العديد من العراقيين يتجنبون الاحتفال بهذه المناسبة خوفاً من المجموعات المتطرفة التي تنتشر في بغداد، وتعتبر الاحتفال من البدع والمحرّمات وقد تستهدف الاحتفالات الخاصة بعيد رأس السنة.

أجواء فرحة
مع بداية شهر الأعياد، نُصبت في متنزّه الزوراء، وسط بغداد، أكبر شجرة لعيد الميلاد في الشرق الأوسط، مع تزيين الشوارع القريبة، بهدف جلب الفقراء للاحتفال وإخراجهم من جو الحزن الذي أصابهم طوال الفترة الماضية. وفي هذا الإطار، تساءل النازح سعد بكر، من مدينة الرمادي، كيف يحتفل النازحون بأعياد الميلاد، وهم لم يتمكنوا من توفير القوت اليومي بسبب الإهمال الحكومي والركود الاقتصادي الكبير في جميع المحافظات العراقية.
وذكر بكر لـ"العربي الجديد"، أن النازحين في العراق يعانون من مشاكل عديدة، وأغلبهم لا يمتلكون قوتهم اليومي بسبب عدم إعطاء الحكومة تخصيصاتهم المالية، كما أن معظم النازحين يتواجدون في العراء وسط البرد القارس".
في العاصمة بغداد، لم تحتفل جميع المناطق بهذه المناسبة، إذ تتركز الاحتفالات فقط في منطقتي المنصور والكرادة، بينما تغيب الاحتفالات عن محافظات الوسط والجنوب المستقرة أمنياً، بالإضافة إلى المناطق المحتلة من قبل داعش.
على النقيض من ذلك، اعتبر الصحافي حيدر النعيمي، أن الاحتفالات هذا العام ستكون كبيرة، بسبب تحرير عدد كبير من المدن وانتهاء المناسبات الدينية الحزينة.
وقال النعيمي، لـ"العربي الجديد": "هناك اهتمام كبير من قبل الحكومة للاحتفال بهذه المناسبة"، مبيناً أن "المظاهر الضخمة في الاحتفال ستكون في منطقتي المنصور والكرادة في بغداد".

اقرأ أيضاً:التناقض العراقي: أغنياء في وجه الفقراء
المساهمون