شهور تتلاحق، والعالم يصمّ آذانه، ليس عن سورية التي لم تعد قادرة على استجماع رفاتها القابع في أتون الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات فحسب، وإنما عن تمادي تجاهل المجتمع الدولي لملايين السوريين الهاربين من جحيم الأسد إلى الجوار الآمن.
وانتقد الأردن، المجتمع الدولي لعدم استجابته نداء الاستغاثة الذي أطلقه العام الماضي، طالبا مساعدات عاجلة للإنفاق على الاحتياجات الأساسية للاجئين السوريين الذين زاد عددهم على 1.5 مليون شخص على أراضيه.
وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني إبراهيم سيف، في مقابلة خاصة مع "العربي الجديد"، إن استجابة الدول والجهات المانحة لاتزال دون المستوى المطلوب، ولم تساهم في مساعدة الأردن للتعامل مع أزمة اللجوء السوري على أراضيه.
ويصل عدد السوريين في الأردن إلى أكثر من 1.3 مليون، بينهم 600 ألف لاجئ مسجل لدى الأمم المتحدة، في حين دخل الباقي قبل بدء الأزمة السورية، بحكم علاقات عائلية، وأعمال التجارة.
وبخلاف المخيمات غير النظامية التي يقطنها لاجئون، وتغض السلطات الأردنية الطرف عنها، يوجد في الأردن أربعة مخيمات للسوريين، أكبرها مخيم الزعتري، والمخيم الإماراتي المعروف بـ"مريجيب الفهود"، ومخيم "الحديقة" في الرمثا، ومخيم "سايبر سيتي" الذي يؤوي عددا من فلسطينيي سورية بالإضافة إلى سوريين.
وتعد الأردن من أكثر الدول المجاورة لسورية استقبالا للاجئين منذ اندلاع الأزمة في العام 2011، وذلك لطول الحدود البرية بين البلدين، والتي تصل إلى 375 كلم.
وأشار الوزير الأردني إلى الضغوطات الكبيرة على البنى التحتية كافة، وخاصة التعليم والصحة والمياه والطاقة والإسكان والغذاء، وارتفاع فاتورة دعم المواد التموينية، وكذلك المتطلبات الأمنية وغيرها.
ويواجه الأردن تحديات كبيرة على الموازنة، بفعل ارتفاع العجز المالي المقدر لهذا العام بحوالى 1.5 مليار دولار، مقابل 1.84 مليار دولار، وكذلك ارتفاع حجم الدين العام بشقيه الداخلي والخارجي، حيث تجاوز 27 مليار دولار مع نهاية العام 2013 إضافة الى معدلات البطالة المرتفعة والتي اقتربت من 14% من إجمالي القوى العاملة.
وقال وزير التخطيط الأردني لـ"العربي الجديد" "منظمات دولية قدرت تكلفة استضافة اللاجئين السوريين في الأردن العام الماضي بحوالي 1.2 مليار دولار، لكن تقديراتنا تبلغ ضعف هذا الرقم".
وبين أن الحكومة قامت بوضع خطة تمتد من ثلاث إلى خمس سنوات، بحسب القطاعات المتضررة والتكلفة المطلوبة لتمويل كل منها، إضافة إلى العبء الأمني على القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.
وقال "رغم أن المجتمع الدولي متفهم للتحديات التي تواجهنا نتيجة لأزمة اللاجئين السوريين والتكاليف المترتبة على اقتصادنا، إلا أن الاستجابة للمساعدات متواضعة جدا، ولا تصل إلى حجم التحديات".
وتتضمن الخطة الوطنية لتمكين المجتمع المحلي الأردني من التعامل مع أثر تواجد اللاجئين السوريين في الأردن للفترة 2014-2016، طلب دعم بحوالى 2.4 مليار دولار، ستوزع على المشاريع ذات الأولوية، لثمانية قطاعات هي التعليم والصحة والطاقة والبلديات والمياه والحماية والإسكان والتشغيل وسبل العيش، بالإضافة إلى الدعم المادي المطلوب بقيمة 965.3 مليون دولار لتغطية التكلفة الأمنية و758 مليون دولار لتغطية الدعم الحكومي بهدف التعامل مع الزيادة على طلب المواد المدعومة، وفق بيانات وزارة التخطيط.
ويبلغ إجمالي التكلفة المطلوبة بموجب الخطة نحو 4.12 مليار دولار.
ووفق الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة، قدرت المساعدات التي قدمت فعليا إلى الأردن تحت بند مساعدات لاستضافة اللاجئين السوريين بنحو 777 مليون دولار، مع نهاية العام الماضي.
وقال الوزير الأردني، إن بلاده بحاجة إلى تضافر الجهود الدولية لمساندتها "للحفاظ على قدرة الحكومة على استضافة اللاجئين السوريين، بما لا يؤثر على فرص المواطن الأردني في الحصول على خدمات ووظائف خاصة".
وأوضح أن انضمام ما بين 60 ألفا إلى 70 ألف سوري إلى سوق العمل غير الرسمي، يشكل عاملا مؤثرا في زيادة معدلات البطالة في الأردن، ربما تتعدى 14% في الفترة المقبلة.
ويدرس أكثر من 70 ألف طالب سوري في المدارس الأردنية، ما يشكل ضغطا هائلا على قطاع التعليم، ويؤدي إلى ازدحام الطلبة في الصفوف المدرسية، خاصة المراحل الأولى.
وقال خيرو أبو صعيليك، رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب الأردني، لـ"العربي الجديد"، إن الأردن طلب من صندوق النقد الدولي أخيرا، تقديم مساعدات عاجلة لتمكينه من مواجهة التحديات التي خلفتها الأزمة السورية، ولدعم البنى التحتية الأساسية.
وأضاف أن النواب طلبوا من بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت الأردن في مارس/ آذار الجاري، تقديم مساعدات مباشرة للحكومة، وأن يتم الإنفاق من خلالها على متطلبات استضافة اللاجئين السوريين.
وأطلقت وزارة التخطيط الأردنية أخيرا، إطارا لدعم المجتمعات المستضيفة للاجئين السوريين، بمشاركة ممثلي منظمات الأمم المتحدة وسفراء الدول المانحة ورؤساء الهيئات الدولية ووكالات التنمية.
وتهدف هذه المبادرة إلى توجيه الدعم اللازم وتحديد احتياجات المجتمعات المتأثرة بوجود اللاجئين السوريين ووضع برنامج يتضمن الأولويات التي من شأنها تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.