كشف مصدر مطلع عن توصل الحكومة الأردنية إلى تفاهمات مع صندوق النقد الدولي بشأن تعديل قانون ضريبة الدخل المثيرة للجدل، تتضمن فرض "زيادة أقل من الضريبة" في مشروع القانون الذي تم سحبه من البرلمان قبل نحو ثلاثة أشهر، وتسبب في احتجاجات غير مسبوقة بالمملكة في مايو/أيار الماضي، أطاحت بحكومة هاني الملقي السابقة.
وقال المصدر، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن "الصندوق رفض بشكل قاطع تخفيض الشرائح الخاضعة للضريبة بشكل كبير عما كان مقترحا من قبل الحكومة السابقة والذي تضمن زيادة الضريبة على المواطنين والعديد من القطاعات وأعضاء النقابات المهنية".
وأضاف: "من المرجح وفق التفاهمات التي جرت، إعفاء الفرد البالغ دخله السنوي حوالي 12700 دولار، والعائلات البالغ دخلها 24 ألف دولار سنويا".
وكانت مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل لسنة 2018 التي سحبتها الحكومة الحالية من مجلس النواب، قد نصت على تخفيض الدخل الخاضع للضريبة للأسرة إلى 22600 دولار متراجعا من حوالي 34 الف دولار في القانون المطبق حاليا وللأفراد إلى 11.3 ألف دولار بدلا من 17 ألف دولار، فيما ألغى المشروع الإعفاءات الإضافية الممنوحة للأسرة والمقدرة بمبلغ 5600 دولار والممنوحة حاليا بدل فواتير استشفاء وتعليم.
ورفع مشروع القانون السابق ضريبة الدخل على البنوك والشركات المالية وشركات التأمين وإعادة التأمين والأشخاص الاعتباريين الذين يمارسون أنشطة التأجير التمويلي إلى 40% بدلا من 30% في القانون الساري حاليا.
كما تم رفع ضريبة الدخل على شركات تعدين المواد الأساسية إلى 30% بدلا من 24%، فيما أبقى على ضريبة دخل بنسبة 24% لشركات الاتصالات الأساسية وشركات توزيع وتوليد الكهرباء وشركات الوساطة المالية.
ويرى خبراء اقتصاد ونقابيون أن الشارع الأردني والنقابات المهنية لن تقبل بصيغة التوافق بين الحكومة وصندوق النقد بشأن قانون الضريبة كونه لا يختلف إلا بحدود هامشية عن القانون السابق.
لكن رئيس الوزراء عمر الرزاز قال في محاضرة له مساء الأحد في الجامعة الأردنية: "سنصل إلى جيب المواطن المقتدر وليس إلى جيب المواطن العادي"، مضيفا أن "الحكومة تمارس عملية فطام من ضريبة سهلة التحصل غير عادلة إلى ضريبة أصعب بالتحصيل لكن أكثر عدالة".
وتابع أن "90% من مشتركي الضمان لن يتأثروا بقانون ضريبة الدخل ومواطنينا في المحافظات لن يتأثروا في هذا القانون ومعظم قطاعنا التجاري وقطاع البنوك لن يتأثر، أما الأثر فسيكون بشكل أساسي على الشركات بضبط التهرب الضريبي والاستفادة من الفجوات وتقدير أن كلفتها على الاقتصاد مئات الملايين".
وقال: "كنا نود أن نقوم بهذه العملية على مدى عامين أو ثلاثة ولا نبدأ بتوسيع القاعدة بل نبدأ بالتهرب الضريبي، لكن التخوف كان في 2019 نتيجة لاستحقاق مجموعة من ديون الأردن، ما سيؤثر على البلاد، وإذا اقترضنا العام المقبل سيزيد بالفائدة وهو ما سنتضرر منه".
وكانت النقابات المهنية قد جددت يوم السبت الماضي رفضها مشروع قانون ضريبة الدخل في حال تم تحميل المواطنين مزيداً من الأعباء المالية وإخضاعها دخولهم الشهرية للاقتطاعات الضريبية.
وبادر محللون بانتقاد ما ورد في حديث الرزاز عن القانون، معتبرين أن الحكومة تريد التهيئة للقانون المتوقع إقراره خلال أيام.
وقال بسام العموش وزير التنمية الإدارية الأسبق، إن "حديث الرزاز عن قانون الضريبة القادم لا محالة وكأنه قدر مُنزّل إجباري، وهذا مؤشر على أن الحكومة ستسير في النهج التقليدي للحكومات وهو رفع الأسعار وزيادة الضرائب، أي أن الحكومة لم تخترع نهجا جديدا في علاج المشكلة الاقتصادية".
وقال المحلل السياسي باسم سكجها في مقال له بإحدى الصحف المحلية يوم الأحد الماضي :" كلمة إفلاس ثقيلة على النفس، ولكنّنا بتنا نسمعها كثيراً هذه الأيام، في تمهيد واضح للقرارات الصعبة، وتهيئة للرأي العام لقبول الواقع المر".
وأضاف: "إذا كانت الحكومة مضطرة للإذعان لإملاءات مفاوض الصندوق، فذلك لا يعني قبول الشارع ممثلاً بالنقابات والأحزاب وقوى المجتمع المدني، وفي قناعتنا أن مجلس النواب سيستنفر بدوره قواه لنشهد رفضاً صاخباً لا يمكن التنبؤ الآن بالشكل الذي سينتهي إليه".
وكانت حكومة الرزاز وفور تشكيلها في يونيو/ حزيران الماضي، قد اتخذت قرارا بسحب قانون الضريبة من مجلس النواب لامتصاص غضب الشارع وتعهدت بإجراء حوار قبل إعادة القانون إلى المجلس مرة أخرى.