ألقت أزمة فيروس كورونا بظلالها على الأردن الذي كان يتهيأ لأجواء ومواجهات ساخنة حول ملفات معيشية مهمة بين الحكومة ونواب البرلمان.
وبعيدا عن التداعيات السلبية لفيروس كورونا على الاقتصاد والأوضاع المعيشية للمواطنين في الأردن، فإن الوباء كان كفيلاً بتأجيل مواجهة ساخنة بين الحكومة والنواب كان يفترض أن تبدأ الفترة الأخيرة، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والتجاوزات الخطيرة في ملف تسعيرة الكهرباء والمشتقات النفطية.
وكان الشارع الأردني في قمة غضبه بعد أن كشفت لجنة برلمانية عن ارتفاع كبير في قيم فواتير الكهرباء، خلال الأشهر القليلة الماضية، رغم محاولة الجهات الرسمية إخفاء الحقائق.
وما كان يزيد من حدة المواجهة هو تمسك الحكومة ببقاء أسعار المشتقات النفطية على ارتفاع، رغم الانخفاض الكبير وغير المتوقع لأسعار النفط الخام عالميا، والتي تراجعت إلى أقل من 30 دولارا للبرميل.
وتجاهلت الحكومة الأردنية أيضا إلغاء بند فرق أسعار المحروقات المثتب على فواتير الكهرباء، رغم أنها قالت سابقا إن تفعيل هذا البند فقط إذا ما بقيت أسعار النفط فوق 55 دولارا للبرميل.
إلى ذلك، قال عضو لجنة الطاقة في مجلس النواب الأردني، موسى هنطش، لـ"العربي الجديد" إن الظروف الراهنة قد طغت على الملفات السياسية في البلاد، وتوجهت الأنظار للجهود الحكومية المبذولة للحد من انتشار الوباء، فيما أجلت الموضوعات التي كانت مطروحة للنقاش بما فيها الاقتصادية إلى إشعار آخر.
وأضاف أن الحكومة كانت تواجه انتقادات كبيرة لإخفاقها في إدارة الملف الاقتصادي، وكذلك ارتفاع الأسعار والاختلالات التي كشف عنها في تسعيرة المحروقات والكهرباء وتحميل المواطنين أعباء كبيرة بدون مبرر.
وأكد أن مجلس النواب كان سيعقد جلسة خاصة الفترة الماضية، لمناقشة ارتفاع قيمة فواتير الكهرباء على المواطنين خلال الأشهر الماضية.
وتابع النائب البرلماني أن الجلسة كانت مخصصة لبحث توصيات اللجنة التي شكلها مجلس النواب أخيرا، لتحديد أسباب ارتفاع قيمة تعرفة الكهرباء الشهرية والأطر القانونية التي تلزم الحكومة بالاستجابة لها.
وأكد أن اللجنة خلصت إلى وجود تجاوزات كبيرة ترتكبها شركات الكهرباء، حيث يتم فرض مبالغ إضافية بطرق مختلفة على قيمة الفواتير وتحميلها للمواطنين دون وجه حق، وبما يتجاوز الاستهلاك الفعلي لكل مشترك.
وطالبت اللجنة المشتركة في توصياتها بشطب الكلف الإضافية على المشتركين الذين انتقلوا من الشريحة الدنيا إلى العليا، والذين يقدر عددهم بحوالي 280 ألف مشترك واحتساب فواتيرهم ضمن المعدل الطبيعي، إضافة إلى عدم ربط رسوم النفايات بالاستهلاك وتقسيط المبالغ المترتبة على المواطنين خلال العشرة شهور المقبلة.
كما طالبت اللجنة الهيئة بالالتزام بقراءة العدادات في مواعيدها الدقيقة، والعمل على تحويل جميع العدادات إلى عدادات ذكية ودمج الشرائح للمستهلكين والتخفيف منها بما لا يؤثر على الفقراء، بالإضافة إلى إنشاء أيقونة ضمن موقع هيئة الطاقة والمعادن تمكن المواطنين من إرسال شكاويهم للهيئة ومعالجتها مبكرا.
وأكد هنطش أن أسعار المشتقات النفطية في الأردن مرتفعة جدا، ويجب إعادة النظر بها في ضوء الانخفاض الكبير لأسعار النفط عالميا.
وقال إن لجنة الطاقة في مجلس النواب دعت أيضا لاجتماع آخر مع مسؤولي قطاع الطاقة كان يفترض عقده الاثنين الماضي، للمطالبة بإلغاء بند فروقات أسعار الوقود المثتبة على فواتير الكهرباء الشهرية كون أسعار النفط انخفضت إلى ما دون 55 دولارا للبرميل، وبالتالي فإن بقاء البند مخالف تماما لما أعلنته الحكومة سابقا.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، حسام عايش، لـ"العربي الجديد" إن الملفات الاقتصادية والسياسية كما هو واضح لم تعد على طاولة الشارع الأردني أو الحكومة والبرلمان، في ظل الظروف الحالية بحكم انشغال الحكومة بمواجهة الفيروس والحد من انتشاره.
وأضاف عايش أن المخاوف تدور حاليا حول الآثار التي تلحق بالاقتصاد الأردني ومختلف القطاعات بسبب الوباء، ما يعني تفاقم الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير خلال الفترة المقبلة.
وطالب مختصون في قطاع الطاقة وأعضاء في مجلس النواب الحكومة بتخفيض أسعار المحروقات وعدم إبقائها على ارتفاع، بسبب الانخفاض الكبير في أسعار النفط عالميا.
وفرضت الحكومة رسوما وضرائب ثابتة على أسعار المحروقات وبنسبة تتجاوز 70% على بعض الأصناف، ما يجعل استفادة المواطنين من انخفاض أسعار النفط العالمية محدودة جدا وتكاد لا تذكر، حسب المختصين.