الأردن: أحكام غيابية بحق ناشطين شاركوا بأحداث "هَبّة تشرين"

29 سبتمبر 2015
جانب من احتجاجات 2012 بالأردن (فرانس برس)
+ الخط -

‏أصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية أحكاماً غيابية بسجن أكثر من عشرين ناشطاً مدة ثلاثة أشهر لكل منهم، بعد إدانتهم بتهم "‏إطالة اللسان والتحريض على تقويض نظام الحكم"، على خلفية المشاركة في الاحتجاجات العارمة التي شهدتها المملكة منتصف ‏نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، فيما اصطلح عليه " هَبّة تشرين"، التي أعقبت قرار الحكومة الأردنية رفع الدعم عن أسعار ‏المحروقات.‏


ووفقاً لمصادر قضائية، فإنّ الأحكام الغيابية صدرت قبل نحو ثلاثة أشهر، وذلك بعد أن توقف المتهمون الذين ينتمون جميعهم إلى ‏بلدة ذيبان التابعة لمحافظة مأدبا (17 كيلو متراً جنوب عمّان) عن حضور جلسات المحاكمة، وهو ما يجعلهم اليوم بنظر الدولة ‏فارين من وجه العدالة ومعرضين للتوقيف في أي لحظة، وهو ما حدث لأحدهم حين اعتقل على الحدود فور عودته من أداء ‏فريضة الحج، وأفرج عنه بعد أن استبدل مدة محكوميته بغرامة مالية.‏

وكانت الأجهزة الأمنية قد اعتقلت خلال موجة الاحتجاجات العنيفة تلك التي عمّت جميع المدن الأردنية لقرابة خمسة أيام، ورفع ‏خلال شعار إسقاط النظام، أكثر من مائتي ناشط، قبل أن يصار إلى الإفراج عنهم بناء على توجيهات ملكية، بعد ضغوط مارستها ‏منظمات حقوقية دولية على الأردن.‏

وفي هذا الصدد، يقول المحامي المختص في قضايا محكمة أمن الدولة، عبد القادر الخطيب: "فهم الرأي العام حينها أن الإفراج ‏عن المعتقلين كان بمثابة عفو عنهم لطي صفحة الاحتجاجات، لكن تبين لاحقاً من خلال الاستدعاءات التي وجهتها محكمة أمن ‏الدولة لعدد منهم أن الإفراج عنهم كان بكفالة وليس عفواً".‏

أما الناشط العمالي محمد السنيد، المدرج اسمه ضمن الناشطين الصادرة بحقهم الأحكام، سبق أن استدعي لمحكمة أمن الدولة بعد أيام ‏من الإفراج عنه في أعقاب الاحتجاجات، ليحاكم بتهم إطالة اللسان والتحريض على تقويض نظام الحكم، فيقول "حضرت عشرات ‏جلسات المحاكمة"، لكنه يقر بتوقفه بعد عام من بدء المحاكمة عن حضور الجلسات لعدم قدرته على تأمين أجرة المواصلات ‏للذهاب إلى المحكمة، حيث كان عاطلاً عن العمل.‏

لكن السنيد، الذي تبلغ مؤخراً بالحكم الصادر بحقه، يستغرب أن تصدر المحكمة أحكاماً على مجموعة محددة من الناشطين، ينتمون ‏إلى منطقة واحدة على خلفية الهبّة التي شملت جميع مناطق المملكة وشارك فيها عشرات الآلاف، ويتساءل "إذا كانت عدالة فهل ‏هي انتقائية؟".‏

ويعتقد السنيد الذي سبق وسجن أكثر من مرة بتهمة إطالة اللسان، أن جهات خفية في الدولة تسعى إلى إعادة التوتر إلى المملكة، من ‏خلال تذكير الناس بالهبة، التي تم نسيانها تقريباً وأصبحت من الذاكرة.‏

وبحسب المحامي الخطيب، فإن من صدرت بحقهم الأحكام بالسجن يستطيعون استبدالها بغرامة مالية، حيث يتيح القانون بقرار ‏القاضي المعني استبدال الحبس بغرامة إذا كان الحكم بالسجن لمدة تقل عن ثلاثة أشهر.‏

يشار إلى أن القانون المعدل محكمة أمن الدولة، والذي تمت المصادقة عليه مطلع يونيو/حزيران 2014 نزع من المحكمة اختصاص ‏النظر في قضايا "إطالة اللسان وتقويض نظام الحكم"، بعد أن حصر اختصاصها بالنظر في خمس جرائم هي: الخيانة والتجسس ‏والإرهاب والمخدرات وتزييف العملة، لكن القانون لم يسر بأثر رجعي حيث واصلت المحكمة النظر في القضايا، التي أصبحت ‏خارج اختصاصها، والمسجلة لديها قبل صدور القانون.‏

اقرأ أيضاً العاهل الأردني: نشهد حرباً عالمية ثالثة