شنّت الأرجنتين هجوما شديدا على دائنيها الخارجيين، واصفة إياهم بالجشعين لمحاولة إغراق البلاد في الإفلاس، وفي أحدث رد لبوينس آيرس عقب فشل المفاوضات الجارية شنت رئيسة الأرجنتين كريستينا فرنانديز هجوما على دائني بلادها عبر صفحتها على فيسبوك، ووصفتهم بالجشعين المصممين على إحباط أي حل من أجل إبقاء الأرجنتين غارقة في الديون.
وكان تعليق فرنانديز على شبكة التواصل الإجتماعي أحدث هجوم لاذع لحكومتها على أصحاب السندات الذين تصفهم "بالانتهازيين" بعد انهيار محادثات تسوية ملف الديون الخارجية الأسبوع الماضي والذي أدى إلى هبوط أسعار السندات الأرجنتينية.
وتخلفت الأرجنتين عن الوفاء بديونها للمرة الثانية خلال 12 عاما في 31 يوليو/تموز الماضي بعد خسارتها معركة قضائية طويلة مع صناديق تحوط تطالب بدفع كامل الديون المستحقة عليها والناجمة عن تخلف الأرجنتين القياسي عن سداد 100 مليار دولار في 2002.
مفاوضات لشراء الديون
ويتوجب على الأرجنتين الدفع لصندوقي "إن إم إل كابيتال" و"أورليوس مانجمنت"، اللذين يصنفان في خانة صناديق المضاربات "الانتهازية"، الديون المترتبة لهما في ذمتها بعدما رفضا الانضمام إلى عملية إعادة هيكلة الدَّين الأرجنتيني عقب إفلاس البلاد عام 2001.
ويعد هذان الصندوقان جزءا من مجموعة جهات دائنة خاصة تملك مجتمعة سبعة في المائة من ديون الأرجنتين، ورفضت قرار شطب 70 في المائة من هذا الدين بموجب اتفاقات مع بقية الدائنين بين عامي 2005 و2010 بعد أزمة تخلف البلد عن التسديد.
ويطالب الصندوقان منذ سنوات بأن تسدد لهما الأرجنتين القيمة الاسمية الكاملة للديون المترتبة لهما في ذمتها أي 1.3 مليار دولار، علماً أنهما اشتريا هذه الديون بمبالغ زهيدة.
وقالت فرنانديز:"إن الشيء الأساسي في صناديق التحوط هو أنها لا تريد حلا، ليس فقط انطلاقا من الجشع وحب جمع المال، ولكن أيضا بسبب قرار سياسي وجيوسياسي بالرغبة في إغراق الأرجنتين في الديون من جديد، ولتدمير إعادة هيكلة الديون السيادية بأي وسيلة ممكنة".
وقد بدأت مفاوضات الأسبوع الماضي حول شراء مصارف ديون الأرجنتين بقيمة 1.3 مليار دولار مستحقة لصندوقين استثماريين، لكنها باءت بالفشل، مما كان سيجنب هذا البلد تخلفا كاملا عن سداد ديونه، كما أعلن أحد الصندوقين.
ولم تتمكن الأرجنتين من تسديد مبلغ 539 مليون دولار في 30 يوليو/تموز الماضي، لأن القاضي الأميركي توماس جريزا قرر إلزامها بدفع 1.3 مليار دولار لصندوقي "إن إم إل" و"أوريليوس" المتخصصين بشراء الديون غير الآمنة.
وأفادت مصادر بحسب وكالة رويترز بأن مفاوضات تجري مع مجموعة من المصارف تضم الأميركيين "جي بي مورجان" و"سيتي جروب" والبريطاني "إتش إس بي سي" والألماني "دويتشه بنك"، مع الصندوقين، وتهدف هذه المناقشات إلى شراء هذا الدين البالغ 1.3 مليار دولار في خطوة أطلق عليها اسم "حل خاص".
وقال صندوق "أوريليوس كابيتال مانيجمنت"، في بيان إنه إلى جانب جهودنا لإيجاد حل مع الحكومة الأرجنتينية نجري محادثات مع أطراف عدة في شأن ما يسمى الحل الخاص لتجنيب الأرجنتين تخلفاً عن تسديد مليارات الدولارات."
وأضاف: "بتنا مقتنعين بأنه لا آفاق واقعية لحل خاص"، موضحاً أن "كل الاقتراحات التي عرضت علينا غير مقبولة، والكيانات التي تقدمت بهذه المقترحات ليست مستعدة سوى لتمويل جزء من الدفعات".
وفي نهاية أيار/مايو الماضي توصلت الأرجنتين إلى اتفاق مع الدول الأعضاء في نادي باريس الاقتصادي لتسوية مستحقات ديونها المتأخرة والبالغة نحو 10 مليارات دولار خلال خمس سنوات، ولكن عملية تسديد الأرجنتين دفعات قروضها التي أعيدت هيكلتها، تمر حكماً بنيويورك، لوجود خطر بمصادرة هذه الأموال من قبل القضاء الأميركي لتسديد مستحقات الصندوقين الانتهازيين.