قبل اختفائه المثير في كرواتيا، شكل الإمام المصري، طلعت فؤاد قاسم، صداعا أمنيا ومجتمعيا للحكومة الدنماركية، إذ اعتاد الحديث في خطبه، حول "واجب المسلمين في دعم التخلص من الطغاة". قضية قاسم، لا تزال حاضرة في أذهان العديد من الأئمة في الدنمارك، إذ تم اختطاف القيادي السابق في الجماعة الإسلامية المصرية، في عملية مشتركة بين المخابرات الكرواتية والأميركية، التي سلمته إلى نظيرتها المصرية، ليلقى حتفه في سجون القاهرة، "بينما صمتت الحكومة الدنماركية على الأمر رغم أن قاسم حصل على اللجوء السياسي في كوبنهاغن" كما يقول صديق مقرب من الإمام رفض ذكر اسمه.
علاقة ملتبسة
لم تكن قضية قاسم، الهاجس الوحيد، الذي خلق مخاوف أمنية، لدى الأئمة المسلمين في الدنمارك، إذ كان للعلاقة بين الإمام اليمني أنور العولقي (قتل في غارة أميركية في اليمن)، والمخبر الدنماركي مورتن ستروم، تأثير على حالة ارتفاع المخاوف الأمنية لدى الأئمة من استهدافهم في الدنمارك.
بحسب الصحفي الدنماركي أندرياس ستيهلوم، فإن "الاهتمام الإعلامي بالخطب التي كان يلقيها الأئمة في مساجد الدنمارك، وخصوصا من قبل صحافة شعبية، وعرض ترجمات تعتبر صادمة لمجتمعنا، أدت إلى بروز خوف متبادل في المجتمع بأن هؤلاء يساهمون في إعاقة جهود الدمج التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة".
وثقت "العربي الجديد" وجود 120 مسجداً ومصلى، في الدنمارك، بعضها معترف به كأندية وليس كمسجد، والبعض الآخر مبني كمسجد منذ الستينيات، مثل مسجد "الطائفة الأحمدية". وتقدر مراكز دراسة الأديان في جامعات، آرهوس وكوبنهاغن وأودنسة، عدد الأئمة، في الدنمارك بــ 100 إمام مقيم، بينما تمنح الدنمارك تأشيرة دخول لبعض الأئمة الآتين من خارجها من دول مصر والمغرب والأردن، بضعة أشهر كل عام.
وتؤكد مصادر إسلامية لـ"العربي الجديد" أن موضوعات خطب الجمعة تتراوح بين القضايا الاجتماعية الداخلية في البلد، وبعضها سياسي، وقليل منها يتحدث عن رفض الدولة العلمانية والمشاركة في الديمقراطية، وخصوصا في مصليات حزب التحرير الإسلامي.
الاتهامات الموجهة للأئمة بإعاقة دمج المسلمين في المجتمع الدنماركي، يرفضها الإمام عبد الله أبو بلال، قائلا :"الأئمة يقومون بدور توعوي أكثر من مؤسسات المجتمع، إذ ننصح الشاب واليافع بألا يقوم بأعمال منافية للقوانين، المؤسسات الاجتماعية القائمة على عمليات الدمج تحاول تغطية فشل خططها بإلقاء التهم على الأئمة". ويضيف عبد الله لـ "العربي الجديد": "هؤلاء الأئمة الذين يتهمون بنشر العزلة، هم من يدعون إلى احترام المسلم للعهود مع المجتمع الذي يقيمون فيه".
اقرأ أيضا: جنود إسرائيل الغربيون4.. تعبئة عسكرية علنية في اسكندنافيا
تداعيات أزمة الرسوم المسيئة
شكلت قضية الرسوم المسيئة للرسول التي نشرتها صحيفة دنماركية عام 2005 نقطة تحول أخرى في مسار العلاقة بين مسلمي الدنمارك وبلدهم. إذ اعتبر الأئمة "متسببون" في بروز "أزمة الرسوم" التي نشرتها صحيفة "يولاندس بوستن"، ومنذ لحظتها باتت الدعوات العلنية أكثر شمولا لطرد وإبعاد الأئمة، بغض النظر عن سنوات الإقامة أو حملهم الجنسية.
ويعلق الباحث الدنماركي في الشؤون الإسلامية ستي ماتياسن، قائلا لـ"العربي الجديد": "زرت مصر وسورية والأردن وفلسطين، وأعرف أن الإمامة ليست مجرد أن يصعد أحدهم على المنبر، بل هي أعمق وأكبر من ذلك، لكن مشكلة سياسيينا، كلما شاهدوا شخصا ملتحيا، يلقي خطبة، في مسجد أو حتى أمامه فهو بالنسبة لهم إمام، ويمثل المسلمين، وأراؤه لا بد أن يحاسب عليها، وهذا أمر خاطئ تماما".
أدى التناقض الواضح، بين رفض صحيفة دنماركية، نشر رسوم مسيئة للمسيح في العام 2003 للرسام كريستوفر زايلر بحجة أنها مشينة ومسيئة للمسيح، ونشر 12 رسما بحق النبي محمد بعد ذلك بعامين، إلى شعور بين الأئمة بازدواجية المعايير، بحسب ما ذكره مصدر من الأئمة، يحمل الجنسية الدنماركية، ويعيش متخفيا لاتهامه بـ"الردة".
اقرأ أيضا: الهاربون إلى الجنة.. الطريق إلى أوروبا مفروش بجثث السوريين
خطر الترحيل
في العام 2006، توافق سياسيون من اليمين واليسار الدنماركي، على إبعاد الأئمة، بعد سفر بعض الشخصيات المسلمة إلى دول عربية وتأييدهم الدعوة العلنية لمقاطعة البضائع الدنماركية، ما انعكس في الواقع على حجم التبادلات التجارية بين كبريات الشركات الدنماركية والأسواق العربية. وقتها حاولت حكومة اليمين بزعامة، أندرس فوغ راسموسن، فتح حوار مع الأئمة، بينما ذهبت أحزاب متشددة إلى طلب إبعاد كل من الإمامين أحمد عكاري والشيخ أحمد أبو لبن، لاتهامهم بالتحريض على الدنمارك.
وضعت أزمة الرسوم الأئمة تحت المجهر، وبات كل تصريح يوضع في ميزان "التجريم"، ما اضطر الإمام رائد حليحل إلى مغادرة الدنمارك إلى لبنان، بسبب اتهامه بالتحريض على العنف.
يعلق الإمام أحمد خالد، اسم مستعار، قائلا: "من لم يدرس الدين ويعرف كيف يتعاطى معه علميا وعقليا وكيف يخاطب المجتمعات ليس بالضرورة أن يكون إماما، وهذه معضلة في فهم الدنمارك وإعلامها لمسألة الإمامة". ويضيف:" منذ سنوات يجري التضييق على المشايخ الذين يحملون بالفعل شهادات دراسية وخريجي فقه ودين حتى يحاصر هؤلاء ويضطر بعضهم إلى المغادرة كما في قضية الشيخ رائد وكثيرين غيره ممن غادروا وعادوا ثم غادروا حين لم يجدوا سوى التضييق".
ويتفق الشيخ عبد الله إسماعيل، الإمام الدنماركي مع الرأي السابق قائلا: "يتم الحديث في الإعلام عن دعوات لطرد الأئمة لاتهامهم بالتحريض، بينما في الواقع تجري محاربة هؤلاء الأئمة واعتبارهم كمواطنين درجة ثانية يضيق عليهم بمطالب تعجيزية تتنافى مع الإسلام ".
يتدخل الإمام الشيخ نزار، معقبا على الرأي السابق، بالقول: "حين تذهب إلى مكاتب التوظيف، يرحبون بك بداية ويقولون لك: بالفعل نحن نحتاجك في الوظيفة لتعاوننا في التعامل مع المراهقين المسلمين، ثم فجأة بعد اجتماعين ينقلب الجو برفض، ويتحول عرض العمل إلى مصنع لتعليب لحوم الخنزير، لا تستطيع الرفض، لأنك لن تستطيع الحياة دون عمل".
دعت الصعوبات السابقة في عمل الأئمة، الشيخ عبد الواحد بيدرسن، الإمام من أصل دنماركي، للتقدم باقتراح تأهيل أئمة مسلمين من داخل الدنمارك، لكن مصادر إسلامية، شككت في الاقتراح بعد تأييده من قبل السياسية الدنماركية المثيرة للجدل، إنغا ستويبرغ، التي تشغل منذ شهر منصب وزيرة الأجانب والدمج، بسبب مواقفها الكارهة للإسلام كدين، إذ ترى هذه المصادر أن "ستويبرغ تريد مثلها مثل كثير من السياسيين أئمة مروضين لا يعرفون شيئا عن الإسلام، ولا علاقة لهم بواقع الشباب المسلم ليلعبوا دورا في خلق ما يطلقون عليه (إسلام دنماركي)".
اقرأ أيضا: إمبراطورية آل مخلوف المالية..أسرار علاقة خال بشار الأسد بإسرائيل
تنظيم الدولة
شكل انضمام 150 دنماركياً مسلماً (بعضهم من أصول دنماركية خالصة) لتنظيم داعش، فرصة أخرى لاتهام الأئمة في الدنمارك بتحريض المراهقين على الانضمام إلى صفوف داعش. ومع شيوع فكرة "أسلمة أوروبا"، انطلاقا من ألمانيا عبر حركة "بيغيدا"، توسعت الدعوات للتضييق على الأئمة في الدنمارك، واستغل اليمين المتطرف الخطاب المرتبك لدى بعض الأئمة، لناحية رفض الانخراط في صفوف داعش أو ممارساتها أو وجودها لمزيد من التحريض على وجودهم.
في رأي المحامي الدنماركي هيليا راتزر فإن الحملة التي شهدتها الدول الإسكندنافية، ومنها الدنمارك، منذ العام الماضي ارتبطت بـ"انتهازية سياسية حزبية، استغلت تدفق المزيد من اللاجئين لتجعل المسلمين وكأنهم يشكلون خطرا، وتجعل من الأئمة محرضين على العنف".
بسبب اتهامه بالتحريض على العنف والإرهاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قضت محكمة دنماركية على المغربي سعيد (سام) منصور، بالسجن 4 أعوام بحجة التحريض، بالإضافة إلى سحب الجنسية الدنماركية منه وتسليمه إلى المغرب، وهو ما يراه بعض الشخصيات الإسلامية كحالة إنذار وتهديد مبطن لهم، بخاصة إذا تم وضعها في سياق حالة الملا كريكار التي حدثت في النرويج، الذي قضى أحكاما بالسجن بتهم التحريض على التشدد والإرهاب، ومن ثم وافقت المحكمة على تسليمه للعراق.
الترويض
يعتبر أئمة دنماركيون، أن جلسات الحوار بين أئمة وممثلين عن الدولة، التي انطلقت بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على واشنطن ونيويورك، حملت تهديدا مبطنا للمسلمين، إذ يقول أحد الشيوخ من المشاركين :" يحضر في تلك الحوارات، عدد من رجال الاستخبارات، يركزون على ما نستطيع القيام به للجم اندفاع الشباب نحو التشدد.
كنا نطرح عليهم مواقف وأسئلة عن دعمهم للاحتلال الإسرائيلي والعدوان على غزة وحصارها وموقفهم مما يجري في سوريا ومن التمييز الحاصل بحق هؤلاء الشباب في المجتمع ومؤسساته، لكنهم كانوا يتهربون بالصمت أحيانا، أو الرد بفظاظة تحمل نوعا من التهديد المبطن بالحديث حول تشريعات إغلاق مساجد وطرد أئمة".
يقول عبد الله إسماعيل، أحد الأئمة الذين شاركوا في جلسات الحوار:" السلطات بصراحة لا يهمها كثيرا أن بعضنا عاش أكثر من نصف حياته في الدنمارك، تركيزهم على الشباب كأنهم يشيرون إلى قضية واحدة متعلقة بجملة سحرية، وقف الراديكالية الإسلامية. نحن كنا نسأل ماذا تقدمون لهؤلاء الشباب، للقضاء على شعورهم بالتمييز والعزلة، لكن لم نجد جوابا شافيا".
-------
اقرأ أيضا:
وزارة إعلام داعش.. منظومة الترويع الفني والحرب النفسية
علاقة ملتبسة
لم تكن قضية قاسم، الهاجس الوحيد، الذي خلق مخاوف أمنية، لدى الأئمة المسلمين في الدنمارك، إذ كان للعلاقة بين الإمام اليمني أنور العولقي (قتل في غارة أميركية في اليمن)، والمخبر الدنماركي مورتن ستروم، تأثير على حالة ارتفاع المخاوف الأمنية لدى الأئمة من استهدافهم في الدنمارك.
بحسب الصحفي الدنماركي أندرياس ستيهلوم، فإن "الاهتمام الإعلامي بالخطب التي كان يلقيها الأئمة في مساجد الدنمارك، وخصوصا من قبل صحافة شعبية، وعرض ترجمات تعتبر صادمة لمجتمعنا، أدت إلى بروز خوف متبادل في المجتمع بأن هؤلاء يساهمون في إعاقة جهود الدمج التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة".
وتؤكد مصادر إسلامية لـ"العربي الجديد" أن موضوعات خطب الجمعة تتراوح بين القضايا الاجتماعية الداخلية في البلد، وبعضها سياسي، وقليل منها يتحدث عن رفض الدولة العلمانية والمشاركة في الديمقراطية، وخصوصا في مصليات حزب التحرير الإسلامي.
الاتهامات الموجهة للأئمة بإعاقة دمج المسلمين في المجتمع الدنماركي، يرفضها الإمام عبد الله أبو بلال، قائلا :"الأئمة يقومون بدور توعوي أكثر من مؤسسات المجتمع، إذ ننصح الشاب واليافع بألا يقوم بأعمال منافية للقوانين، المؤسسات الاجتماعية القائمة على عمليات الدمج تحاول تغطية فشل خططها بإلقاء التهم على الأئمة". ويضيف عبد الله لـ "العربي الجديد": "هؤلاء الأئمة الذين يتهمون بنشر العزلة، هم من يدعون إلى احترام المسلم للعهود مع المجتمع الذي يقيمون فيه".
اقرأ أيضا: جنود إسرائيل الغربيون4.. تعبئة عسكرية علنية في اسكندنافيا
تداعيات أزمة الرسوم المسيئة
شكلت قضية الرسوم المسيئة للرسول التي نشرتها صحيفة دنماركية عام 2005 نقطة تحول أخرى في مسار العلاقة بين مسلمي الدنمارك وبلدهم. إذ اعتبر الأئمة "متسببون" في بروز "أزمة الرسوم" التي نشرتها صحيفة "يولاندس بوستن"، ومنذ لحظتها باتت الدعوات العلنية أكثر شمولا لطرد وإبعاد الأئمة، بغض النظر عن سنوات الإقامة أو حملهم الجنسية.
ويعلق الباحث الدنماركي في الشؤون الإسلامية ستي ماتياسن، قائلا لـ"العربي الجديد": "زرت مصر وسورية والأردن وفلسطين، وأعرف أن الإمامة ليست مجرد أن يصعد أحدهم على المنبر، بل هي أعمق وأكبر من ذلك، لكن مشكلة سياسيينا، كلما شاهدوا شخصا ملتحيا، يلقي خطبة، في مسجد أو حتى أمامه فهو بالنسبة لهم إمام، ويمثل المسلمين، وأراؤه لا بد أن يحاسب عليها، وهذا أمر خاطئ تماما".
أدى التناقض الواضح، بين رفض صحيفة دنماركية، نشر رسوم مسيئة للمسيح في العام 2003 للرسام كريستوفر زايلر بحجة أنها مشينة ومسيئة للمسيح، ونشر 12 رسما بحق النبي محمد بعد ذلك بعامين، إلى شعور بين الأئمة بازدواجية المعايير، بحسب ما ذكره مصدر من الأئمة، يحمل الجنسية الدنماركية، ويعيش متخفيا لاتهامه بـ"الردة".
اقرأ أيضا: الهاربون إلى الجنة.. الطريق إلى أوروبا مفروش بجثث السوريين
خطر الترحيل
في العام 2006، توافق سياسيون من اليمين واليسار الدنماركي، على إبعاد الأئمة، بعد سفر بعض الشخصيات المسلمة إلى دول عربية وتأييدهم الدعوة العلنية لمقاطعة البضائع الدنماركية، ما انعكس في الواقع على حجم التبادلات التجارية بين كبريات الشركات الدنماركية والأسواق العربية. وقتها حاولت حكومة اليمين بزعامة، أندرس فوغ راسموسن، فتح حوار مع الأئمة، بينما ذهبت أحزاب متشددة إلى طلب إبعاد كل من الإمامين أحمد عكاري والشيخ أحمد أبو لبن، لاتهامهم بالتحريض على الدنمارك.
وضعت أزمة الرسوم الأئمة تحت المجهر، وبات كل تصريح يوضع في ميزان "التجريم"، ما اضطر الإمام رائد حليحل إلى مغادرة الدنمارك إلى لبنان، بسبب اتهامه بالتحريض على العنف.
ويتفق الشيخ عبد الله إسماعيل، الإمام الدنماركي مع الرأي السابق قائلا: "يتم الحديث في الإعلام عن دعوات لطرد الأئمة لاتهامهم بالتحريض، بينما في الواقع تجري محاربة هؤلاء الأئمة واعتبارهم كمواطنين درجة ثانية يضيق عليهم بمطالب تعجيزية تتنافى مع الإسلام ".
يتدخل الإمام الشيخ نزار، معقبا على الرأي السابق، بالقول: "حين تذهب إلى مكاتب التوظيف، يرحبون بك بداية ويقولون لك: بالفعل نحن نحتاجك في الوظيفة لتعاوننا في التعامل مع المراهقين المسلمين، ثم فجأة بعد اجتماعين ينقلب الجو برفض، ويتحول عرض العمل إلى مصنع لتعليب لحوم الخنزير، لا تستطيع الرفض، لأنك لن تستطيع الحياة دون عمل".
دعت الصعوبات السابقة في عمل الأئمة، الشيخ عبد الواحد بيدرسن، الإمام من أصل دنماركي، للتقدم باقتراح تأهيل أئمة مسلمين من داخل الدنمارك، لكن مصادر إسلامية، شككت في الاقتراح بعد تأييده من قبل السياسية الدنماركية المثيرة للجدل، إنغا ستويبرغ، التي تشغل منذ شهر منصب وزيرة الأجانب والدمج، بسبب مواقفها الكارهة للإسلام كدين، إذ ترى هذه المصادر أن "ستويبرغ تريد مثلها مثل كثير من السياسيين أئمة مروضين لا يعرفون شيئا عن الإسلام، ولا علاقة لهم بواقع الشباب المسلم ليلعبوا دورا في خلق ما يطلقون عليه (إسلام دنماركي)".
اقرأ أيضا: إمبراطورية آل مخلوف المالية..أسرار علاقة خال بشار الأسد بإسرائيل
تنظيم الدولة
شكل انضمام 150 دنماركياً مسلماً (بعضهم من أصول دنماركية خالصة) لتنظيم داعش، فرصة أخرى لاتهام الأئمة في الدنمارك بتحريض المراهقين على الانضمام إلى صفوف داعش. ومع شيوع فكرة "أسلمة أوروبا"، انطلاقا من ألمانيا عبر حركة "بيغيدا"، توسعت الدعوات للتضييق على الأئمة في الدنمارك، واستغل اليمين المتطرف الخطاب المرتبك لدى بعض الأئمة، لناحية رفض الانخراط في صفوف داعش أو ممارساتها أو وجودها لمزيد من التحريض على وجودهم.
في رأي المحامي الدنماركي هيليا راتزر فإن الحملة التي شهدتها الدول الإسكندنافية، ومنها الدنمارك، منذ العام الماضي ارتبطت بـ"انتهازية سياسية حزبية، استغلت تدفق المزيد من اللاجئين لتجعل المسلمين وكأنهم يشكلون خطرا، وتجعل من الأئمة محرضين على العنف".
بسبب اتهامه بالتحريض على العنف والإرهاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قضت محكمة دنماركية على المغربي سعيد (سام) منصور، بالسجن 4 أعوام بحجة التحريض، بالإضافة إلى سحب الجنسية الدنماركية منه وتسليمه إلى المغرب، وهو ما يراه بعض الشخصيات الإسلامية كحالة إنذار وتهديد مبطن لهم، بخاصة إذا تم وضعها في سياق حالة الملا كريكار التي حدثت في النرويج، الذي قضى أحكاما بالسجن بتهم التحريض على التشدد والإرهاب، ومن ثم وافقت المحكمة على تسليمه للعراق.
الترويض
يعتبر أئمة دنماركيون، أن جلسات الحوار بين أئمة وممثلين عن الدولة، التي انطلقت بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على واشنطن ونيويورك، حملت تهديدا مبطنا للمسلمين، إذ يقول أحد الشيوخ من المشاركين :" يحضر في تلك الحوارات، عدد من رجال الاستخبارات، يركزون على ما نستطيع القيام به للجم اندفاع الشباب نحو التشدد.
كنا نطرح عليهم مواقف وأسئلة عن دعمهم للاحتلال الإسرائيلي والعدوان على غزة وحصارها وموقفهم مما يجري في سوريا ومن التمييز الحاصل بحق هؤلاء الشباب في المجتمع ومؤسساته، لكنهم كانوا يتهربون بالصمت أحيانا، أو الرد بفظاظة تحمل نوعا من التهديد المبطن بالحديث حول تشريعات إغلاق مساجد وطرد أئمة".
يقول عبد الله إسماعيل، أحد الأئمة الذين شاركوا في جلسات الحوار:" السلطات بصراحة لا يهمها كثيرا أن بعضنا عاش أكثر من نصف حياته في الدنمارك، تركيزهم على الشباب كأنهم يشيرون إلى قضية واحدة متعلقة بجملة سحرية، وقف الراديكالية الإسلامية. نحن كنا نسأل ماذا تقدمون لهؤلاء الشباب، للقضاء على شعورهم بالتمييز والعزلة، لكن لم نجد جوابا شافيا".
-------
اقرأ أيضا:
وزارة إعلام داعش.. منظومة الترويع الفني والحرب النفسية