يفاقم اكتظاظ الطلاب في الصفوف الدراسية مشاكل التعليم الحكومي في الأردن، الذي تعاني العديد من مدارسه أوضاعاً صعبة، سيما ما يتصل بنقص المعلمين، وتردي المدارس، وغياب المرافق والبنى التي يحتاجها الطلاب من أجل التعليم، إلى حد امتناع أولياء أمور عن إرسال أبنائهم إلى المدراس، فيما الإجراءات الحكومية إما "غير كافية" أو" مسكنات" لا تعالج أصل المشكلة.
وأضحى مألوفاً تزاحم 68 طالباً في غرفة ضيقة، يشترك 6 منهم بمقعد خشبي، أو استخدام المطبخ، وساحات المدرسة كغرف صفية، أو تجميع الصفوف، وحديثاً يتم استخدام "كرافان" لحل مشكلة الاكتظاظ في إحدى المدارس، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول نوعية التعليم في الأردن، وقدرة المعلمين على تقديم الدروس، والأثر السلبي على التحصيل الأكاديمي للطلبة، كما أضحى مألوفاً أن يبدأ العام الدراسي بإضرابات الطلبة، والمعلمين على حد السواء احتجاجاً على اكتظاظ الصفوف الدراسية.
ويقابل هذه المشكلة، شكاوى العديد من المعلمين أولياء أمور الطلبة، من اكتظاظ الصفوف الدراسية، وتجاوز طاقتها الاستيعابية، لما له من "تأثير تراكمي سلبي على المستوى التعليمي والنفسي لأبنائهم".
وخلال جولة ميدانية لـ"العربي الجديد" على بعض المدارس، التقينا ولي أمر طالب، وهو خالد مسلم، الذي قال "إن سوء حالة البنية التحتية للمدرسة التي يدرس فيه ابنه يترافق مع مشاكل عدة أبرزها اكتظاظ الصفوف إلى الحد الذي يؤثر على استنشاق الطلبة للهواء، لاسيما الغرف الصفية التي قامت الوزارة بتقسيمها بفاصل "ألمنيوم"، أو زجاجي، أو حتى خزانة الكتب لتحويلها إلى غرفتين".
ويشكو والد أحد الطلاب، ويدعى سالم الحسن، من الظروف الصعبة التي تعاني منها المدرسة، وخصوصاً غياب الغرف الصفية الملائمة، لافتاً إلى أن الاكتظاظ داخل الغرف الصفية بالمدرسة يمنع حصول الطلبة على التعليم المناسب.
غير أن الشكوى من تردي البناء، والمرافق، لا تقف عن حدود الطلبة، وأولياء أمورهم بل تتعداهم إلى المعلمين، الذين أكدوا أن العديد من المدارس تعاني ظروفاً صعبة للغاية تجعل من التدريس فيها صعباً على أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة.
اقرأ أيضاً:الحرب تفاقم معاناة ذوي الإعاقة في اليمن
ويقول المعلم، ماهر حسن، إن العديد من المدارس الحكومية في الأردن تفتقر إلى أبسط مفاهيم البيئة التعليمية السوية، سيما ضعف الإنارة، والتهوية، والتبريد أو التدفئة، أو تساقط بقايا الجدران، والسقوف، غير أن مشكلة الاكتظاظ باتت تتصدر شكاوى المعلمين، والطلاب لما لها من تأثير سلبي مباشر على التعليم.
في المقابل، قال مصدر في وزارة التربية والتعليم، إن خطط الوزارة لمواجهة مشكلة الاكتظاظ في العديد من المدارس الحكومية، تتم من خلال استئجار مبان، وتحويلها إلى مدارس، أو من خلال دمج المدارس "غير المستغلة"، وهو قرار بدأت الوزارة بتطبيقه العام الحالي، كإحدى توصيات مؤتمر التطوير التربوي الأخير من أجل تحسين ورفع مستوى التحصيل الأكاديمي.
وكان وزير التربية والتعليم الأردني، محمد ذنيبات، أعلن سابقاً عن وجود 17 مدرسة لا يتجاوز عدد طلبتها 72 طالباً، ويعمل فيها 60 معلماً، وأن 32 في المائة من مدارس الأردن يوجد فيها نحو 8 في المائة من عدد الطلبة الإجمالي يقوم بتدريسهم 15 في المائة من المعلمين.
غير أن هذا القرار جوبه باحتجاجات شعبية في العديد من المدن الأردنية معتبرين أنه "اتخذ من وراء المكاتب المغلقة، ودون دراسة حقيقية للواقع الاجتماعي، والاقتصادي للعديد من الأسر الأردنية ".
وتتجه مخاوف أولياء الأمور، والطلبة على حد السواء من حرمانهم من فرصة إكمال دراستهم، عدا زيادة الأعباء على الأهالي.
ويرجع الخبير التربوي، قاسم التميمي، السبب إلى تزايد أعداد الطلبة بشكل لافت، وعدم التوسع في الأبنية المدرسية، إضافة إلى التحاق طلبة من اللاجئين السوريين في كثير من مدارس المحافظات التي يتواجد فيها لاجئون سوريون.
ويرى التميمي أن المعيار الحالي المعتمد لدى وزارة التربية والتعليم الأردنية لتحديد كفاية المساحة يبلغ بــ 1.2 متر مربع لكل طالب في الوحدة الصفية، وهو مالا يتوفر في 50 في المائة من مدارسها، سيما أن هذا المعيار لا يشمل معلومات حول حجم الغرفة الصفية ونسبة الطلبة إلى المعلمين.
ويؤكد الخبير،أن نظام التعليم الحكومي برمته في حاجة إلى تدابير أكثر تأثيراً، وعمقاً، تتعلق بالسياسات التعليمية المتبعة حالياً، وفي حاجة إلى برنامج وطني شامل من شأنه أن يركز على تحسين التعليم الحكومي الذي أصبح في الآونة الأخيرة مهدداً.
واعتبر التميمي أن خطوات الوزارة بهذا الصدد، مجرد كلام يخطه موظفو العلاقات العامة والإعلان في الجهاز الحكومي، ليقرأه المسؤول في احتفال بمناسبة ما دون أن يكون له علم مسبق بمضمونه.
وتضم مدارس المملكة وفقاً لأرقام رسمية من وزارة التربية والتعليم، مليوناً و900 ألف طالب وطالبة، منهم 130 ألف طالب سوري، و200 ألف طالب جديد بالصف الأول، وهي أرقام مرشحة للزيادة سنوياً نتيجة الازدياد السكاني واستمرار الأزمة في سورية.
اقرأ أيضاً: حكومة الأردن تعترف بالمسؤولية عن كارثة الألعاب النارية