اقتصادات مجتمعات عربية خائفة

24 نوفمبر 2014
التفجيرات تجعل المواطنين رهائن الخوف(أحمد الربيعي/فرنس برس/getty)
+ الخط -
في بيئة سياسية مضطربة، نما شعور الخوف لدى المواطنين في الدول العربية. نما بشكل بدأ يؤثر سلباً على كافة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية، حتى المعيشية. خلال السنوات الماضية، ترك العديد من الاحداث والاضرابات السياسية انعكاسات سلبية على المواطنين. وبحسب دراسة مقدمة من معهد "غالوب" الاميركي الخاص بالدراسات والاحصاءات. فقد جاءت أربع دول عربية في أول عشر دول تعاني من ارتفاع نسب الخوف عند المواطنين، وتأثيراتها الاقتصادية المباشرة في العام 2013.

حروب وأزمات
بيئة العراق السياسية والأمنية. الاغتيالات. التفجيرات. القتل على الهوية. والحروب داخلية، آخرها الحرب ضد تنظيم داعش، كلها عوامل ساهمت في ارتفاع نسبة الخوف. الامر الذي انعكس سلباً على حياة العراقيين. ووفق الخبير الاقتصادي العراقي عبد الناصر جابر الناصري، فإن التاريخ العراقي حافل بسجل من الحروب، والازمات. وقال لـ "العربي الجديد": منذ العام 1980 الى اليوم، عشنا سلسلة من الحروب المتلاحقة، ما أثر بشكل واضح على المواطنين العراقيين، حيث أصبح الخوف سمة من سمات المجتمع العراقي".
واعتبر أن هذه البيئة المتشنجة، لا بد أن تؤثر على الحركة الاقتصادية والاجتماعية، فالعراقي يخاف الخروج من المنزل، حتى لشراء الحاجيات الاساسية، خوفاً من أي تفجير. وأشار الى أن ارتفاع منسوب الخوف عند المواطنين، انعكس بطريقة سلبية على الحركة الاقتصادية، فالعديد من التجار، فقدوا القدرة على إدارة اعمالهم.
كما أوضح الناصري أن الخوف لم يكن سبباً فقط لتراجع الحركة التجارية، أو تراجع القدرة الشرائية، بل أيضاً ساهم في غياب ملامح التنمية، في ثاني أكبر بلد نفطي. حيث تذهب معظم إيرادات الموازنة الى النفقات الحربية. مشيراً الى أنه لا يتم استغلال عائدات النفط لتنمية المناطق، فازداد الفقر، وارتفعت البطالة، الامر الذي يزيد من مخاوف المواطنين، وينعكس سلباً على أسلوب حياتهم.
على النقيض من ذلك، رفض الخبير الاقتصادي المصري عبد الناصر المنصور أرقام دراسة "غالوب"، التي وضعت مصر في المرتبة الرابعة على مقياس ارتفاع نسبة الخوف، واصفاً إياها بالمجحفة وغيرالدقيقة. وقال لـ "العربي الجديد": لا يمكن بناء الثقة بجميع الدراسات الصادرة عن المراكز الاجنبية، لانها لا تأخذ معايير عديدة عند قيامها بالدراسة"، مشيراً الى أن هذه الدراسة تفتقد الى الدقة، وليست قريبة من الواقع المصري اليومي.
وقال: "صحيح أن مصر مرت بفترة اقتصادية صعبة، بسبب الاوضاع السياسية، الا ان هذه الحالة مؤقتة. وبدأت الاوضاع السياسية بالاستقرار. كما أن الاوضاع الاقتصادية، بدأت تشهد تحسناً ملحوظاً. مضيفاً أنه خلال العام 2013 و2014، ارتفعت نسب الاستثمار، وارتفع حجم النشاط الفردي، ما يعني أن الخوف لم يكن مسيطراً لدرجة أن تحتل مصر المركز الرابع".
في سورية، الخوف سيد الموقف. براميل متفجرة تتساقط يومياً فوق روؤس المدنيين. أكثر من 200 قتيل يومياً. بيئة لا تسمح الا بسيطرة الخوف على نفوس المواطنين. وبحسب الخبير الاقتصادي السوري ماجد سالم إن الحرب الدائرة في سورية أثرت بشكل واضح على حالة المواطنين النفسية. حيث يخشى السوري الانتقال من منطقة الى اخرى، خوفاً من استهدافه، وقال لـ" العربي الجديد": "وحشية الاعمال الحربية أثرت على الحركة الاقتصادية والمعيشية للمواطن".
عام 2013، عام الاغتيالات والتفجيرات في لبنان. عاش اللبنانيون خلال هذا العام أوضاعاً أمنية صعبة. تركت أثاراً اقتصادية واجتماعية سيئة. وبحسب الخبير الاقتصادي اللبناني كامل وزني، حالة الخوف عند اللبنانيين حالة مؤقته، ولا يمكن تعميم هذه الفكرة بشكل عام، وقال لـ"العربي الجديد": في العام 2013، ارتفع منسوب الخوف عند اللبنانيين بسبب الضغوط، لكن اللبناني اعتاد الخروج من الأزمات بسرعة. وأوضح أنه في حال أردنا الحديث عن قياس مؤشر الخوف وانعكاساته على الاوضاع الاقتصادية ، فلا بد من توضيح، أن هناك نوعان من الخوف، خوف داخلي يستطيع اللبناني تخطيه، وخوف خارجي يترك آثاراً واضحة على الاقتصاد، فقد خسر لبنان 500 الف سائح يعبرون الحدود البرية بسبب الخوف.
المساهمون